الفيتو الذي استخدمته الولايات المتحدة ضد شجب البناء في المستوطنات يمكن أن يسجل كانجاز للسياسة الاسرائيلية. فترة طويلة انطلقت فيها مخاوف كبيرة من أن ينهار في فترة ولاية براك اوباما في البيت الابيض حزام الامان الدبلوماسي الذي تمنحه لاسرائيل على مدى سنوات عديدة. هذا التوقع المتشائم لم يتحقق في أول اختبار للتصويت في مجلس الامن. النتيجة ايجابية، وبالاساس فعلت واشنطن ذلك في ذروة الهزة الارضية التي تعصف بالدول العربية والتي أدت فيها دورا مركزيا، ولا سيما في الدراما المصرية. غير أنه تأتي متأخرة علامات التحذير وعلامات الاستفهام التي تستدعي استيضاحا جذريا. لا يوجد يقين كم مرة ستستخدم الولايات المتحدة الفيتو في المستقبل وثمة يقين بانها ستجبي من اسرائيل ثمنا باهظا مقابل استعدادها لان تعلق في عزلة سياسية غير لامعة. في الماضي أيدتها ايضا بضع من الدول الغربية. اول أمس هجرتها هذه. وعلى أي حال استخدم اوباما الفيتو وكأنه تملكه الشيطان. الفاتورة السياسية ستصل. هذه العزلة تدل ايضا على أن الولايات المتحدة لم تساعد فقط في الشهر الماضي في ضعضعة الانظمة الصديقة بل ان مكانتها ضعفت. الامريكيون بذلوا كل ما في وسعهم لاقناع الفلسطينيين بتخفيف حدة وكبح جماح صيغة القرار كي لا يضطروا الى اعتزال الناس، عن باقي الدول الـ 14 الاعضاء في مجلس الامن. ولكن ابو مازن رفضهم. وبالتالي فلا مفر من الاستنتاج بان مكانة الولايات المتحدة توجد في حالة تراجع. فحتى السلطة الفلسطينية لا تخشى تحديها رغم التعلق الكبير لها بهذا النظام. الضعف المقلق للولايات المتحدة يدل فقط على جزء من المشكلة. المدماك التالي على ما يبدو هو أن الفلسطينيين قرروا الانسحاب من المفاوضات مع اسرائيل. وهم ليسوا معنيين بالاخذ والعطاء. عندما يكون كل العالم باستثناء الولايات المتحدة يقف الى جانبهم فانهم يتمتعون بريح اسناد تسعى الى اتخاذ قرار دولي في صالح اقامة فلسطين دون التداول مع اسرائيل على شروط قيامها. اذا كان ابو مازن لا يزال بالفعل معنيا بفلسطين الى جانب اسرائيل. المشروع في مجلس الامن يدل على أن ابو مازن فقد اهتمامه بالمفاوضات؛ وهو يعتقد بانه حتى لو انسحب ببطء من الاستيضاح مع اسرائيل فانه لن يفقد دعم الغرب الفزع والحرج؛ وانه في هذه الظروف يتعين ايضا على لجنة الوزراء السبعة الانعقاد مثلما في الايام الاولى للحكومة والاستيضاح مع نفسها ما هو جدول الاسعار التي تبدي اسرائيل اهتمامها او ترغب او تستطيع احتماله. التصويت جيد لاسرائيل ولكن في الافق يتبلور تسونامي سياسي.