أيها الجيران الأعزاء، سأفتتح اذا بقولي سلام. باعتبارنا جيرانا كانت لنا علاقات متصلة مليئة بالذكريات. فأذكر إذ كنت فتى الخوف عندما عبر جيشكم قناة السويس وجعل وجود دولتي على خطر. وأذكر إذ كنت جنديا خدمتي في صحراء سيناء، والأمن الذي منحني إياه عمقها الاستراتيجي. وأذكر كيف أحببت رئيسكم أنور السادات عندما أعلن "يكفينا حربا، ويكفي سفك دماء". وأذكر الأمل الذي جاء به لدولتنا، وهو أمل منحنا إلهام أن نعرف حقيقة أن أمننا لا يستطيع أن يقوم ولا يحل أن يقوم فقط على قوة جيشنا وعلى تحصين حدودنا بل على علاقات سلمية مستقرة مع جيراننا. نحن نحيا في سلام منذ أكثر من ثلاثين سنة. لم يقتل أبناؤنا بعضهم بعضا. لم يكن هذا هو السلام الأسخن، لكن كما نقول نحن اليهود "حسبُنا". نحن الاسرائيليين طمحنا دائما الى أكثر، ومع ذلك قدّرنا هذا السلام من أعماق قلوبنا. إعتيد ان يُقال ان الديمقراطيات يحارب بعضها بعضا في احيان نادرة فقط. وقد زُعم ان هذا هو الوضع لان اولئك الذين يدفعون الثمن في نهاية الامر يفضلون دائما تسوية النزاع بطرق سلمية. ويختارون حياة أبنائهم على الفخر الوطني والعقيدة. وقد ثبت ان القواعد تختلف في الشرق الاوسط. يُخيل الينا أن أبناءنا في منطقتنا يصبحون احيانا الشيء الأرخص. مع ذلك، فاننا نحن وأنتم الذين تمتعنا بثمار السلام، ظاهرة متميزة في الشرق الاوسط، ومن المناسب ان نحدد القاعدة. ليست الديمقراطية سلطة الأكثرية فحسب بل طريقة حكم تؤمن بأن جميع البشر يستحقون حقوقا وحريات أساسية تؤهلهم لحكم أنفسهم وتحررهم في نفس الوقت من استبداد الادارة المحتملة. تخرج الديمقراطيات للحرب في احيان نادرة لانها تحترم الحريات الطبيعية لجميع البشر من المدنيين وغير المدنيين على السواء. عندما يحترم انسان حقوقه فان هذا الامر يجعله في الأكثر يحترم حقوق جاره. أدعو الله ان تكون هذه احدى نتائج ثورتكم الديمقراطية. آمل ان يجد شعبانا سبلا جديدة ليمد أحدهما يده للآخر ويحترم بعضهما بعضا. ليس يجب علينا ان نتفق دائما. فمن الممكن بل من المقبول في العقل ان تكون لكل دولة خطوط سياسة مختلفة تعارض المصالح الوطنية للاخرى أو حتى تعارض مشاعرها الاخلاقية. يواجهنا اختيار حاسم. إن تغيير الوضع الراهن قد يجعلنا نعاود أنماط سلوك قديمة مدمرة للطرفين. آمل ألا نضطر الى استعادة التجارب الشعورية التي جربها أجدادنا وآباؤنا كي نتبين مرة اخرى ان الحرب ليست حلا. أدعو الله ان نستطيع استعمال تغير الوضع الراهن باعثا يدفعنا الى الأمام. الوضع الراهن مريح دائما لكنه انشأ جمودا. منطقتنا حساسة مملوءة بالألم والكراهية. تواجهنا الفرصة المتميزة لتغيير قواعد اللعب والحديث والتحادث والتحدي بل أن يدفع بعضنا بعضا الى ايجاد وضع راهن جديد. أعلم أنكم ستكونون في الاشهر القادمة مشغولين جدا، وأننا لسنا في رأس اهتماماتكم الآن. مع ذلك أكتب اليكم كي أقول مرة اخرى سلاما، وأنه يسعدنا أن نتحدث اليكم في القريب. حتى ذلك الحين، نتمنى لكم أن يكون خروجكم الى الحرية وادعا ويُحسن الى كل واحد من مواطنيكم، وأن تأتيكم حريتكم وتأتي العالم كله بالبركة. آمين.