خبر : اوباما ليس كارتر/بقلم: د. ليئون هدار/هآرتس 9/2/2011

الأربعاء 09 فبراير 2011 11:13 ص / بتوقيت القدس +2GMT
اوباما ليس كارتر/بقلم: د. ليئون هدار/هآرتس  9/2/2011



إن الاسرائيليين وقد أدهشهم الضغط الذي استعملته الولايات المتحدة على رئيس مصر حسني مبارك ليخضع لمطالب المتظاهرين ويستقيل – يقارنون بين معاملة الرئيس براك اوباما لمبارك وبين معاملة جيمي كارتر لشاه ايران. بحسب هذه المقارنة، تخلى اوباما عن أهم حليف للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، كما اضطر كارتر زعيما اقليميا مواليا لامريكا مهما الى الاستقالة بسبب الثورة التي زعزعت بلده في 1979. إن ادعاء أن اوباما، مثل كارتر، رئيس متردد وضعيف وربما يكون معاديا لاسرائيل، واستعمال هذه المقارنة التاريخية لوصف الانتفاضة الحالية في مصر، يُحدثان انطباعا مخطوءا، وكأنه ينبغي أن تُلقى على اوباما مسؤولية "ضياع" مصر وانهيار توازن القوى في الشرق الاوسط. واذا كان اوباما هو كارتر، أفليس من الممكن أن يحل رونالد ريغان جديد محل اوباما ويساعد على انشاء القوة الامريكية في المنطقة من جديد؟. لكن تمرينا أساسيا لـ "جِد الفروق" سيفضي الى كشف يثير الاهتمام. إن الازمة الايرانية في 1979 أحدثت جدلا شديدا داخل ادارة كارتر وخارجها يتعلق بالرد السياسي الامريكي المناسب. ندد اشخاص في الادارة ومجلس النواب ووسائل الاعلام – وفيهم المؤسسة الجمهورية كلها التي انشغلت بالسياسة الخارجية – بشدة بما بدا لهم تخليا من كارتر عن الشاه، في اطار جهوده المخطوءة لمد يده للمتمردين الايرانيين. في مقابلة ذلك، يحظى رد اوباما على الازمة في مصر بتأييد واسع في واشنطن من قبل الحزبين. فقد امتدح زعماء ديمقراطيين وجمهوريين معا – وفيهم المرشح الجمهوري السابق للرئاسة، جون ماكين – المتظاهرين على مبارك ودعوا الرئيس المصري الى الاستقالة. وقد وُجه الى البيت الابيض انتقاد لرفض اوباما استعمال التهديد بوقف المساعدة الامريكية لمصر ليفرض على مبارك الاستقالة. بكلمات بسيطة، يتفق مسؤولون كبار ومُشرعون امريكيون – ديمقراطيون وجمهوريون معا – على أن سياسة اوباما نحو مصر تنبع من حساب دقيق لتكاليف المصلحة القومية الامريكية في الشرق الاوسط اليوم. ومع الأخذ في الحسبان فقدان واشنطن قوتها الاقتصادية والعسكرية في العالم – فانه ليس لها ببساطة القدرة المطلوبة على انشاء "محمية امريكية" في المنطقة سواء في مصر أم في لبنان، أو بين اسرائيل والفلسطينيين أو حتى في العراق التي تحتلها الولايات المتحدة. في 1979، في ذروة الحرب الباردة، كانت ما تزال للولايات المتحدة قدرات عسكرية ضخمة ساعدتها على السيطرة على مناطق تأثير كثيرة في العالم وفيها ايران. إن الآراء الخاصة والعقائدية لكارتر، التي قامت على آراء ولسون وعلى ايمان مسيحي قوي، الى جانب اخفاقه في ادارة السياسة الخارجية، كانت مسؤولة عن سلسلة الاخفاقات العسكرية والدبلوماسية في ايران التي أذلّت الولايات المتحدة. فسرت هذه الاخفاقات جزئيا سبب اختيار الشعب الامريكي لرونالد ريغان الذي وعد باعادة بناء قوة الولايات المتحدة ومجدها. في مقابلة ذلك اليوم، لا يوجد في واشنطن أحد يؤمن بجدية بأن الولايات المتحدة تستطيع أن تحرز مرة اخرى تفوقا في المستقبل القريب. بدل هذا، يقوى في امريكا رأي أنها ستضطر الى تقاسم هذا التفوق مع قوى جديدة كالهند والصين. وفي الحقيقة بدأت تركيا وايران تملآن الفراغ الذي نشأ بسبب انسحاب الولايات المتحدة الاستراتيجي التدريجي. يحاول اوباما الآن في واقع الامر أن يجد السبيل الأقل تكلفة لمواجهة تدهور مكانة امريكا في الشرق الاوسط. يمكن ان نقارن سلوكه بسلوك الزعيم الذي حكم الاتحاد السوفييتي في 1989، زمن انهيار القوة السوفييتية في شرق اوروبا. أمل ميخائيل غورباتشوف أن يساعد استعداد موسكو للسماح بابعاد أصدقائها المستبدين الذين حكموا وارسو وبراغ وبودابست وبرلين في الحفاظ على التأثير السوفييتي في المنطقة. ومثل غورباتشوف، يؤمن اوباما والمستوى السياسي الحاكم في واشنطن بأنه اذا أيدت الولايات المتحدة حركات الاحتجاج في مصر واماكن اخرى في الشرق الاوسط، واذا شايعت التغييرات الحاسمة في المنطقة – ووقفت بذلك الى الجانب الصحيح للتاريخ – فستستطيع استغلال هذه التغييرات من اجل مصالحها البعيدة المدى. لكن لا يوجد ليخ فالنسا مصري ولا فاتسلاف هافل عراقي، ولا حاجة الى أن نقول إن المشاعر القوية الموالية لامريكا التي سادت شرق اوروبا التي حكمها السوفييت، ليست موجودة ألبتة في مصر وأكثر العالم العربي. ولذلك يبدو أن اوباما تواجهه مهمة صعبة. يجب على الاسرائيليين الذين يأملون ان يبقى للولايات المتحدة تأثير ما في المنطقة ان يأملوا نجاحه. ليس هو كارتر ولا ينتظر أي ريغان وراء الستار.