في الوقت الذي ينقسم فيه الجمهور في اسرائيل في كل المواضيع – غالنت، نتنياهو بل وحتى رئيس الاركان اشكنازي – يبدو أنه طاف اجماع اسرائيلي واحد: الرئيس اوباما يفشل الولايات المتحدة في الشرق الاوسط وبالتالي يعرض دولة اسرائيل للخطر. هذا ليس مفاجئا. نحن دولة درجنا على النظر الى الوضع بتبسيطية، وعليه فلم يكن بالنسبة للكثيرين ما يمنع علاقاتنا مع جنوب افريقيا في وقت حكم الابرتهايد، طالما ساعدونا تحقيق تطلعاتنا للتصدير الامني. "الاخيار" و "الاشرار" هم دوما اولئك الذين يتفقون معنا. ينهض عضو برلمان اوروبي هامشي ليؤيد وجود المستوطنات، فاذا به يصبح عاطف اسرائيل وجدير بالهتاف. ولكن اوباما ليس رئيسنا. هو رئيس الولايات المتحدة الامريكية. صحيح هناك أيضا يثير هو الاعتراضات والاحتكاكات وذلك لان الاجندة التي انتخب عليها سياسيا واجتماعيا ليست أجندة بوش وريغن مثلا. ناهيك أن مجرد انتخاب رجل اسود للمنصب السامي في العالم يعتبر كمعجزة سياسية تكاد تكون متعذرة. فالاصلاحات الاجتماعية التي يحاول اجراءها تحظى بالانتقاد من اليمين المحافظ في الولايات المتحدة، مع أن الظروف تستوجب الحوار والتوافق بين الرئيس والكونغرس. اما بالنسبة لسياسته تجاه مصر فقد جمعت السياسة حوله التأييد من الحزبين والمجلسين. هناك يفهمون بان الولايات المتحدة لا يمكنها أن تدعم حاكما مثل مبارك، وبالتأكيد ليس عندما تنشأ ضده معارضة شعبية، عفوية وغير منظمة. إذ أن رؤساء سابقين للولايات المتحدة قالوا على مدى السنين لمبارك ان عليه أن ينتهج مزيدا من الحريات، يقمع الفساد ويتحدث مع الشعب. ولكنه لم يأخذ بمناشداتهم لانه اعتقد بانه سيطرح ابنه كخليفة ودوما سيحصل على الحماية من قوات عمر سليمان.صحيح، مبارك محبوب في الغرب. صحيح، احترم اتفاق السلام مع اسرائيل، ولكنه كحاكم، كزعيم، كصاحب سيادة – أفلس. وعليه، فقد عمل اوباما تجاهه بحزم (وان كان في هذه اللحظة يوافق على ان من الافضل نقل الحكم بشكل مدروس اكثر، حتى بثمن بقاء مبارك لفترة قصيرة في منصبه كرئيس). وبالذات دروس ثورة الخميني في ايران استوجبت من اوباما اتخاذ موقف ليكون في وضع حوار مع محافل المعارضة في مصر. فالولايات المتحدة لا تريد جمهورية اسلامية على خرائب حكم مبارك.صحيح، يتعين على اسرائيل أن تفحص طريقها في المنطقة، وذلك لان كل حكم مهما كان في مصر لن يكون مشابها لحكم مبارك. ولكن بالنسبة لاسرائيل ايضا هذا تغيير يستوجبه الواقع وذلك لانه لا يسعها أن تغير الظروف في مصر. محاولة اوباما الحديث مع الاسلام الاكثر عقلانية هي محاولة ضرورية في عالم يوجد فيه تحريض كبير جدا ضد الاسلام. الاجماع الذي يتبلور في الرأي العام الاسرائيلي وكأن اوباما "عدو" لمصالحنا و "خائن" لصديقه الطيب مبارك هو اجماع عليل وهاذٍ. دولة اسرائيل، مع الثورة أو بدونها، يتعين عليها أن تتخذ سياسة سلام فاعلة وحقيقية حيال كل جيرانها. العالم يتغير امام ناظرينا ونحن نعتقد ان جلد اوباما والامل في تغييره هما أساس التغيير.