تحين احيانا لحظة يجب فيها على الصحفي أن يكف عن استعمال الريشة وينتقل الى المطرقة. وهي اللحظة التي لا ينبغي فيها إفساد الكلمات التي لا داعي لها وينبغي التوجه الى الشأن مباشرة نقول: يجب على اهود باراك ان يمضي. أن يخرج عن مدى رؤيتنا. فالشرق الاوسط على شفا اشتعال مع ما يحدث في مصر، وانظروا في أي الدسائس يغرق وزير الدفاع. هذه أول مرة في حياته المهنية يُعين فيها رئيس اركان، فأي عصيدة فاسدة خرجت من مطبخه. إن الموقع أعلاه، مثل كثيرين آخرين، تأثر في حينه بحكمته وقدرته على التعبير وماضيه العسكري المجيد وقدرته على أن يسحر أعين الجهاز السياسي وجزء من الجمهور ويجعلهم يؤمنون بأنه الواحد الذي لا ثاني له. كان ثمة من قالوا انه وُهبت له لمسة ميداس – وهو ذلك الملك في الاسطورة اليونانية الذي أصبح كل شيء لمسه ذهبا. الآن يبدو باراك مثل ميداس بالعكس: فكل ما يلمسه يصبح رمادا. أنظروا كيف انتُخب رئيس حكومة أثار آمالا كثيرة وسقط مخلفا وراءه فريقا من المُجلين والاصدقاء خاب أملهم بشخصيته الغامضة. في الفترة التي ترك فيها حزب العمل كي "يصنع لبيته" جمع ما يكفي من المال ليشتري لنفسه عددا من الشقق تساوي ملايين، وهو أمر يثير الارتياب، فهو أشد ملاءمة ليكون تاجرا من ان يكون رئيس حكومة. لو كان روسيا فمن شبه المؤكد انه كان يصبح ثريا ضخما يسير صيته أمامه. إن تناول باراك للفريق غابي اشكنازي وكل قضية تعيين رئيس الاركان شيء صغير جدا من شخصيته الغريزية. فهو لا يستطيع ان يتحمل قربه شخصا تغطي شعبيته عليه. إن اشكنازي الذي أُعيد الى الجيش رئيسا للاركان، صنع الكثير لاعادة بناء الجيش بعد أضرار لبنان الثانية وحظي بتقدير قيادة الجيش العليا والرأي العام. والى ذلك صورته وسائل الاعلام بأنه غير متحمس لفكرة ان تهاجم اسرائيل ايران. من الممكن على التحقيق ان باراك شعر بأن اشكنازي يغطي عليه أو يُعرضه للخطر سياسيا في المستقبل. فبدأ الحرب القبيحة عليه باعلانه انه لن يتلقى السنة الخامسة، وأنا أصدق رئيس الاركان في قوله انه لم يطلب سنة خامسة لا مباشرة ولا في غير مباشرة. فما الذي خشيه باراك الذي ترك حزب العمل وخلف فراغا؟ أمن أن اشكنازي قد يملؤه كما ترك هو نفسه قيادة حزب العمل في ازمته مقابل استمراره في الجلوس وزيرا للدفاع في حكومة بيبي – ليبرمان؟. في نظرة الى الوراء يتبين ان المدني موشيه آرنس الذي لم يخدم في الجيش الاسرائيلي كان وزير دفاع أخصب من باراك. فقد انشأ قيادة الجبهة الداخلية، وطور طائرة الـ "لافي" (التي بيعت امتيازاتها للصين بعد ذلك). قد يكون إسهام باراك سريا – مثل المساعِدة غير القانونية، وشركة التعارف التي أرادت زوجته انشاءها بواسطة علاقاته والشقق الاخرى التي اشتراها في المدة الاخيرة فقط. عمل دان مريدور في السنين الاخيرة على وثيقة شاملة في شأن تصور اسرائيل الأمني العام. ماذا حدث للوثيقة؟ هل أجرى باراك تهييجا للأدمغة حولها؟ من شبه المؤكد ان لا. فهذا الرجل غير مُصغٍ والحوار في جهة واحدة. انه يتحدث الى نفسه ويقنع نفسه انه لا ثاني له. إن عداوته لاشكنازي أو خوفه من شعبيته عقّدا تعيين رئيس الاركان القادم وألقيا ظلا ثقيلا على نقاء تقديرات باراك. انه يظلم اللواء غالنت عندما لم يفحص ولم يُسائله عندما بدأت النشرات عن أمور الاراضي حول بيته. وقد ألغى هو وبيبي التعيين بسهولة كبيرة. كان يستطيع ان ينقذ غالنت لو طلب الى اشكنازي ان يستمر على ولايته بضعة اشهر اخرى. برغم العداوة بينهما، اشكنازي رجل مسؤول ووطني حقيقي. ومن شبه المؤكد انه كان سيستجيب. بدل ذلك رمى بغالنت الى الكلاب وعيّن اللواء (احتياط) يئير نفيه، نائب رئيس الاركان والمدير العام للقطار الخفيف في القدس ليتولى رئاسة الاركان مدة شهرين. تألمت عندما رأيت غالنت يتوسل في مقابلة تلفازية أن تدافع الدولة عنه. كان يجب على غالنت أن يعلم ان اسرائيل هي دولة أدراج. ففي كل مرة يوجد تعيين يُستل درج مع خطايا الماضي. كان ميخائيل ايتان الوزير الوحيد المعارض للتعيين. لم يستجب بيبي الى تحذيره لكنه برهن مرة اخرى على ان كلمته ليست كلمة بل عصيدة. وقد فشل باراك الغرائزي الذي يعتقد ان الله اختاره للسلطة وأفشل بيبي ايضا. مكانه في الخارج.