خبر : دون كورلي اولمرت/بقلم: ميرون ربوبورت/هآرتس 1/2/2011

الثلاثاء 01 فبراير 2011 11:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
دون كورلي اولمرت/بقلم: ميرون ربوبورت/هآرتس  1/2/2011



 بُعد لمسة القلم عن الورقة. هذا هو البُعد الذي فصل بيننا وبين اتفاق سلام مع الفلسطينيين، اذا صدقنا ما يروي اهود اولمرت في مذكراته التي تنشر في توسع في أعداد يوم الجمعة من "يديعوت احرونوت". قدّم اولمرت الى أبي مازن اقتراحا "لن يتلقى الفلسطينيون أكثر عدلا منه أبدا" ورفض الفلسطينيون كعادتهم. يعرف الاسرائيليون هذا المشهد عن ظهر قلب. فقد أثاره اهود باراك أول مرة في كامب ديفيد، وأعاد اولمرت عرضه من جديد: فالاسرائيليون يعرضون كل شيء، والفلسطينيون يرفضون، ولا يضيعون فرصة لاضاعة الفرص. هذه رواية معروفة مؤكدة. تُلقي وثائق "الجزيرة" ضوءا لا مثيل له على الشكل الذي جرت وتجري عليه مفاوضة الفلسطينيين. بغير حيل دعائية تهكمية مُملاة سلفا كما عند اهود باراك في كامب ديفيد، وبغير كُتاب مذكرات يذكرون بالضبط ما يريحهم ذكره. حوار جاف: هذا قال كذا وذاك زعم كذا وهي صمتت كذا. يمكن ان نقول في عدم مبالغة إن هذه الوثائق لا تحسن الى النظرية الاسرائيلية التي تقول "أعطينا كل شيء ولم نحصل على شيء". اولمرت موثق من النوع القديم، يقول إننا يجب ان نعتمد على ذاكرته باعتبارها مصدرا صادقا. هذا اشكالي لكنه يضيف ايضا شيئا ما الى لغز لعبة التركيب. يروي اولمرت انه قبل ان يُقدم الى أبي مازن الخريطة السخية، شاور جهات كثيرة. الامريكيين وشعبة التخطيط في الجيش الاسرائيلي و"خبيرا في الخرائط"، جلس اليه "قبل ايام". وهو لم يُجالس جهة واحدة فيما يتعلق بالخريطة ألا وهي الفلسطينيون. فقد تم اللقاء نفسه مع أبي مازن في منزل رئيس الحكومة في رحافيا في 16 ايلول 2008. لا يذكر اولمرت هذا في مذكراته لكن لهذا التاريخ معنى. فمن الغد كان يفترض ان تجري الانتخابات لرئاسة كديما التي أُعلنت بعد ان أعلن اولمرت نيته الاستقالة على أثر قضية "تلانسكي". وقدّم اولمرت الاستقالة نفسها بعد ذلك بخمسة ايام. ليس يجب عليك ان تكون حنان كريستال كي تدرك ان الخريطة التي قدمها اولمرت لا تساوي المنديل الورقي الذي نقلها اليه أبو مازن بعد ذلك. بحسب احدى وثائق "الجزيرة" من 6 تشرين الاول من ذلك العام، قال بوش نفسه لأبي مازن انه "من غير الممكن التوصل الى اتفاق مع اولمرت". الخريطة نفسها كارثة. لا للفلسطينيين وحدهم بل لاسرائيل ايضا. تحتاج الى لقب ثان في بتسلئيل كي تخط الخريطة المعروضة الى جانب مذكرات اولمرت في "يديعوت احرونوت". فثم ثلاث أصابع مريضة بالباركنسون (الرعاش) تتلوى وتتلمس طريقها حتى كرنيه شومرون واريئيل ومعاليه ادوميم. والرحمة لمن يبقى للسكن هناك محاطا من كل جهة بأرض فلسطينية. وهي ايضا غير معقولة على نحو واضح. فالقدس كلها في الشرق والغرب ملونة باللون الازرق أي هي جزء من دولة اسرائيل. والأحمق الخالص فقط يستطيع ان يعتقد انه يوجد زعيم فلسطيني ومسلم ما يستطيع قبول هذه الخريطة. يزعم اولمرت انه شافه أبا مازن قائلا ان الأحياء اليهودية ستظل مع اسرائيل والعربية مع فلسطين لكن لا ذكر لهذا في الخريطة. كل دحوض اقتراح اولمرت مجسد في طريقة عرضه على أبي مازن. وهكذا يصف اولمرت ما حدث بعد لحظة من عرضه الخريطة على أبي مازن: "قال لي أبو مازن انه لا يستطيع ان يقرر فورا وانه يحتاج الى وقت... "أعطني الخريطة كي استطيع مشاورة اصدقائي"، قال لي. "لا"، أجبته، "خُذ القلم ووقع الآن... لا تتردد: فبعد خمسين سنة ايضا لن تنشأ في اسرائيل حكومة تعرض عليك ما أعرضه". أي أن أبا مازن يتلقى خريطة يفترض ان ترسم حدود الدولة الفلسطينية الى الأبد ولا يحق له ان يشاور مستشاريه، بل لا يحق له حتى ان يأخذ نسخة منها لينام عليها ليلة، يجب عليه ان يأخذ القلم وأن يوقع هنا والآن. ليس هذا تفاوضا. هذا ابتزاز بالتهديد، يا دون كورلي اولمرت. كان يُفضَّل ان يوضع على المائدة رأس حصان. آنذاك من المحقق ان أبا مازن كان سيفهم ولا يضيع فرصة السلام.