عياش كان... ولم يعش لكي يرى ما حل بنا... عياش كان ولم يحيا.. لكي نحيا... خمسة عشر عاماً عجاف منذ رحل الفارس.خمسة عشر عاماً عجاف... يأكلن خمسين سمان.. لم يكن يعرف أن الحلم قد مات.. وأن الوطن يوشك أن يموت..قتلوك وقتلوه... ولم تنفع لا خطوطك المستقيمة ولا دوائرك التي هزت عروشهم... كل شئ ذهب أدراج الرياح...لم يعد يذكر ما اُستشّهدت من أجله أحد.. حتى أنت أكلتك السنون... ومضتتخفي ذكراك خلف الخطوط المنقسمة.. ودوائر التآمر وعجز المحاور. . وضيق الأفق.. وحب الدولار وانقطاع السولار...دماؤك لم تعد تصرخ... يحيا الوطن وعاش المواطن... فلا الوطن "يحيى" ولا المواطن عياش...فالوطن أصبح أوطاناً .. والمواطن أمسى منقسماً على نفسه... لا طول له ولا عرض.... فكله مستباح.. إما مشنوقاً هناك.. أو مشبوحاً هنا... أو لا يمكن الوصول إليه.. أو قرر أن يغلق طاقات دماغه لكي يستريح...ومنهم من نفذت كهرباء رأسه الصغير فألقى بنفسه على كرسي معوج في احدى مقاهي غزة الحزينة...أو مستلقيا تحت جذع شجرة في جبل النار الذي انطفأت نيرانه وتطاير رماداً منسياً.. 15 عاماً مرت على رحيل الفارس يحيى عياش... الرجل الذي أشعل نيراناً لا تنطفئ.. فعذراً لك إن نسيناك أو تناسيناك.. فهذا هو الوطن الجديد.. قفص من حديد.. وعبارات من وعيد.. أما ليل الجيل فما زال معتماً في انتظار ذاك الحفيد.. الذي قد يشعل ناراً وسط الرماد.. فنم قرير العين يا رفيق ويا شهيد ويا ابن فلسطين...