خبر : هل من حرب جديده على غزة؟ ... د. ناجى صادق شراب

الجمعة 31 ديسمبر 2010 02:10 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل من حرب جديده على غزة؟ ... د. ناجى صادق شراب



يتجدد السؤال ثانية على السنة كل المواطنيين فى غزه ، كما كان الحال قبل عامين ، وهو هل ستقوم أسرائيل من جديد بحرب أخرى مدمرة على هذا الجزء من فلسطين الذى يسكنه أكثر من مليون ونصف نسمه على مساحة لا تتجاوز ثلثمائة وأربعين كيلو مترا مربعا ، والذى ما زال خاضعا للحصار ، ولم تشفى جراحه من الحرب ألأولى ، ومازالت مظاهر التدمير تنتشر فى كل مكان وصلت أليها آلة الحرب ألأسرائيلية .  تلك الحرب التى كان ضحيتها الرئيسيين ألأطفال وكبار السن الذين سقطوا ضحايا هذه الحرب ، والذين وصل عددهم ما يقارب الف وأربعمائة شهيد. والسؤال لماذا غزه ؟ وأين المسؤولية الدولية فى ردع أسرئيل عن اى حرب لم تنتهى التحقيقات الدولية فى شأن جرائم الحرب التى أرتكبت بحق أهلها ؟ والسؤال ايضا أين مسؤوليتنا المباشرة على عدم منح أسرائيل أى ذرائع لشن حرب جديده . سؤال الحرب هو سؤال الساعة ألأن فى غزة ، والذى حول حياة الناس الى حالة من القلق والخوف المستمر . . وألأجابة على السؤال قد تكون صعبة لأن من يقرر هذه الحرب هى الحكومة الحاكمه فى أسرائيل ، والتى تسيطر عليها أحزاب يمينية متشدده يخرج أعضائها يوميا بتصريحات يؤكدون فيها على ان الحسم العسكرى مع غزه قادم ، وأن المسألة مجرد وقت . وحتى نتوقف على أحتمالات هذه الحرب ينبغى أن نؤكد فى البداية على بعض الحقائق ، وان نجيب على التساؤل هل من مصلحة فلسطينية بعودة الحرب الى غزه ؟ وهل من مصلحة فلسطينية بعودة ألأحتلال ألأسرائيلى الى غزه ؟ وهل من مصلحة فى المبالغة بما نملكه من قدرات مقاومة ودفاع ؟ والسؤال المهم متى نلجأ الى خيار المقاومة ، ومتى نستخدم سلاح المقاومة ؟وهل من مصلحة فى التهدئة ؟ هذه ألأسئلة ينبغى أن نجيب عليها بكل وضوح ، وموضوعية وبما يتفق والمصلحة الفلسطينية لهذا الجزء الصغير من فلسطين . وبداية أريد أن أؤؤكد على أن الطبيعة الجغرافية واللوجستية والطبوغرافية ، والوضع السكانى لقطاع غزه لا يساعد كثيرا ولا يشجع أن نحول غزه الى ثكنة عسكرية ، وهذا لا يعنى الدعوة لأسقاط حق المقاومة وأمتلاك أ لسلاح طالما هناك أحتلال لبقية ألأرض الفلسطينية . إن المعطيات التى تحكم غزه تفرض على الجميع أن نضع رؤية أقتصادية تنموية لغزة ، وان ندعم بقاء وصمود هذا العدد من السكان ، وأن نفتح غزة لعودة أبنائها ، وتشجيع رأس المال الفلسطينى على ألأستثمار فيها ، لمواجهة تزايد عدد السكان ، وأستيعاب قوى العمل ، والا سنجد انفسنا بعد سنوات قليلة امام خيار آخر أصعب من خيار الحرب ذاتها ، عندما نعجز تهيئة غزه أقتصاديا واستثماريا لأستيعاب سكانه ، خصوصا إذا أدركنا أن سوق العمل المحيطة بنا سوق طارده للعمالة ، وألأسواق العربية ألأخرى لم تعد تستوعب غيرها . لذلك ليس من مصلحتنا جميعا عودة الحرب ، أو عودة أسرائيل ثانية ، ومن المصلحة أنتزاع كل المبررات من يد أسرائيل لشن حرب جديده ، والمسألة ليس فى تأكيد خيار المقاومة من عدمه ، فهذا خيار قائم بقيام ألأحتلال ، ولندرك أننا أما حقيقة أساسية أن أسرائيل قد أنسحبت من غزه ولن  تعود اليه ثانية ، وفى ألأساس هدف أى مقاومة هو أنهاء ألأحتلال ، وليس بعودته ، ومن هنا فإن التهدئة مطلبا فلسطينيا ، وليست تراجعا عن خيار المقاومة ، وليس من المصلحة أن نطلق صاروخا ، أو أن نكشف عن خياراتنا العسكرية المحدوده ، وليس من المصلحة تكديس وتسخير كل ألأموال لأمتلاك ألأسلحة ، فالأفضل تسخير ألأموال فى مشاريع أستثمارية جديده تستوعب العمالة الفلسطينية ، وعلينا أن ندرك ايضا أنه لا يمكن تحرير بقية ألأرض الفلسطينية من غزة ، وأن ندرك ان غزة لا تصلح لمقومات أى حرب . ومن الحقائق التى علينا أدراكها أن الحفاظ على السكان وعنصر الشباب تحديدا وهم عماد قوة أى مجتمع ، وتقوية عناصر القوة من أهم أشكال المقاومة ، المقاومة ليست فقط أمتلاك سلاح ، أو تجنيد عناصر جديده ، البناء والتنمية وألأستثمار هو أقصر الطرق للتحرير ، وهنا يمكن أن تأخذ المقاومة مفهوما جديا ، ودورا جديا يتلائم مع المعطيات الطبيعية والسكانية لغزة ، فهذا الجزء يملك مقومات سياحية كبيره ، ويمكلك قدرات بشرية هائله ، وعقول كبيره على ألأستثمار ، والحرب تعمل ضد كل هذه المعطيات ، وهذا هو هدف اسرائيل الذى علينا أن ندركه، ان هدف أى حرب هو تدمير قدرات غزة ألأبداعية وجعلها دائما ضعيفة. والدفع فى تهجير شبابه حتى يبقى ضعيفا يمكن أحتوائه ، هذا هو هدف اسرئيل من أى حرب . وهذا ما ينبغى تفويته على أسرائيل. ولوقف هذه الحرب المطلوب تفعيل المسؤولية الدولية عن هذه الحرب ، واحياء كل صور الحرب التى شنتها أسرالئيل على غزه ، وان نبرز كل مظاهر التدمير التى ما زالت قائمه ، وأن لا نبالغ فى عناصر القوة التى تملكها المقاومة ، وان ندقق فى كل التصريحات التى تطلق من هنا وهناك ، ففى مثل هذه أوقات العقلانية مطلوبة ، والموضوعية فى التقييم أيضا مطلوبه ، فغزة تبقى ضحية لآى حرب ستقوم بها أسرائيل ، هذا ما ينبغى التأكيد عليه ، فنحن لسنا بصدد المقارنة بين قوة أسرائيل وقوة غزه ، وإذا أردنا أسترجاع العبر والدروس من حرب غزة ، ان ندرك ونستوعب كل هذه الحقائق ، وغير ذلك يعنى الذهاب الى حرب غير متكافئة ، اما إذا أرادت اسرائيل شن حربها على غزه عندها يمكن للمقاومة أن تقوم بدورها . ولعل المفارقة فى الحديث عن الحرب من جديد انها تأتى فى وقت ما زال ألأنقسام الفلسطينى على أشده ، والمفارقة أننا نتحدث على غزة وكأنها ليست جزءا من فلسطين . وفى المقالة القادمة سنجيب على السؤال هل أسرائيل جدية فى تهديداتها وحربها على غزة ؟  أستاذ العلوم السياسية غزة .drnagish@gmail.com