"اذهبن فأنتن الطليقات" هذا ما نقوله لألسنتنا عندما نطلق لها العنان في حديث ما, اجتماعيا كان أم سياسيا, اقتصاديا كان أم دينيا...نتحدث بما فيه الكفاية ولا نفعل إلا بما فيه النقصان...نتميز بالتلقائية والعفوية أكثر مما نتميز بالتريث والعقلانية...نتمسك بكل صغيرة وكبيرة من تراثنا وتقاليدنا حتى لو كان منها ما هو صالح لكل زمان وما بطل منذ زمان ونعتبره مادة اقتداء لا ما اغتناء...لا يهمنا اكتساب شيء جديد يربط اشراقات تاريخنا مع طموحات غدنا بل ينصب همنا على المحافظة على ما في أيدينا...نعجب بالامبالاة ونسايرها بلا هوادة ثم نكتشف بعد ذلك أن اللامبالاة غير مبالية بنا...واعجباه على هذا الزمن... نبحر في تياره دون أن نعرف خط مسيرنا أو إلى أين سيرسينا..يستوقفني قلمي بسؤال؟:هل هذا خطأنا أم خطأ زماننا؟؟؟أجيبه:انه خطا مشترك.. ولكن خطأنا أفدح من خطأ زماننا لأننا استسلمنا وسلمنا بجميع التيارات الغربية المقولبة في صورة شرقية, وهنا يستحضرني قول:"الخطأ الشائع يعد صوابا" سواء كان نظرية علمية, حكمة فلسفية, أو حتى عادة اجتماعية. من هذا القول سنكتشف أن جل أمورنا الصائبة ستكون خاطئة...إن تقدم أي مجتمع في مرحلة كمرحلتنا لا يكمن بما يبنى ويعمر ويعبد وحسب, بل يكمن في شتى مجالات تعامله مع الآخرين.. وهذا طبعا ينبثق من الإنسان الذي هو اللبنة الأولى في بناء هذا المجتمع..يقول أحد الباحثين: إن من أكبر المصائب على حضارة وشعب, حصر ثقافته في اعتقاده واختزال هذا الاعتقاد إلى أحد تعبيراته الأكثر انغلاقا..نعم....هذا ما يجري في مجتمعنا.. تقوم جماعة باختزال مفهوم ديني شامل إلى فكرة محددة لطبقة معينة أو فئة مخصصة أو.. أو ..أو.....هؤلاء يجب أن يذهبوا إلى عالم النسيان مع ذاك الخطيب العراقي الذي قال في خطبة الجمعة عندما دخلت أول سكة حديد العراق: أتتركون حمير الله وتركبون الشماندوفير!! ومع الذين عارضوا تحريم الرق حرصا على عدم تعطيل العديد من آيات القرآن!!لو مكثت أعدد سلبيات مجتمعنا لامتلأت بها صفحاتي دون أن أستوفيها حقها وما هذا الذي ذكر إلا غيض من فيض...ولكني أخاطبك عزيزي..أخاطب فيك العقل المدرك الواعي..وأقول لك : عد إلى قيم ثقافتك العربية الإسلامية, فهي الوحيدة القادرة على إتحافك بلحن أصيل.ولكن ليس معنى هذا ألا تواكب عصرك , بل يجب عليك فعل ذلك, تستقطب كل ما هو نافع لك ولمجتمعك وتلفظ كل ما هو غير متوافق في مجتمعك, متذكرا, ناحتا في فكرك أنك في النهاية إنسان مسلم, فنبينا عليه الصلاة والسلام حينما دعا إلى الإسلام كان أول درس أعطاه هو استيعابه لروح عصره وتجسيده للتجاوز المستمر للذات نحو الأفضل....