تتراقص شراييني وأوردتي طربا... فأرمق تراب الأرض فيتحول ذهبا... وأناجي صفحة السماء فتتوارى الشمس خجلا منسحبة خلف ظلال عيون القدر... وأمضي... أمضي إلى حيث السكينة والعاصفة تلتقيان.. إلى حيث الغموض والوضوح يجتمعان... إليك أيها البحر... إليك أيها الداني النائي... إليك أمضي صامتة مرتابة وألقي نفسي بين ذراعي أمواجك الحائرة المتلاطمة ثورة وتمردا.... فأصاحب تمردك وعصيانك... فأنت من علمني التمرد وأنت من تتسم بكل معاني الاحتواء... وأنت أيضا من علمني الإباء في زمن تعلمت الإنسانية فن الاختفاء... سأسكن أيها العزيز الغالي دهرا في مقلتيك... ولن أشكو منك إلا إليك... قد أمكث طويلا بين أحضانك اللامرئية... فاقبل بي لاجئة فيها... رجاء لكن... إذا أرهقك المكوث فأخبرني ولا تجاملني... بالله عليك بالله عليك...سئم قلبي تلك المهاترات... وكره عقلي تلك الأكاذيب التي تسمى مجاملات... ليس لأنني لا أتقنها... بل لأني أجد الجميع يجيدها إجادة صياد لرمي شباكه على صفحة ماء عكر... أيها البحر... وسع زبدك كل هموم البشر... وادعاءاتهم... وخرافاتهم... أتعجز عن احتضاني لأبقى بعيدة عن كل ما يشرذم مشاعري... أتعجز عن احتوائي لأنأى عن كل ما يضر بآدميتي.... إن كنت كذلك , فاعترف لي بذلك, هيا أعترف.. وانتم لطائفة تسمى بشر... فإذا كان ذلك, سحقا لك ولمن سألك احتواءه واحتضانه... أذن مؤذن فينا فقمنا للصلاة...هديل ابو مريم أذن مؤذن فينا فقمنا للصلاة...وكل مصل فينا يحمل في طيات نفسه ما يشاء من أمنيات ودعوات..وكل مصل يحمل بداخله وحشة..كطفل أضاع يد أمه وسط زحام مدينة..يحملون في نفوسهم صلوات وابتهالات يرجون من الله أن يتقبلها...فيلحون بالدعاء والالتصاق بما هم فيه فينأون عن الله وينأى عنهم..ومع ذلك يلحوووون..بطلبات لا حصر لها ولا عد ويعودون من صلاتهم تماما كبحربدون جزر ولا مد..وينطلقون لمجالسهم وأهازيج أحاديثهم, فتجرجرهم ألسنتهمالى حيث لا يعلمون..ومع ذلك يرجون من الله ما لا يجب أن يرجون...يقولون: انه السميع العليم.. فأقول: شديد العقاب...ثم لتجدنهم أحرص الناس على صلواتهم بمواقيتها...وهم في أدائهم لها أحرص على انهائها...ثم بعد ذلك يتساءلون؟؟لقد قمنا وتوضأنا وصلينا ودعونا الله عسى أن يستجيب..كيف يستجيب؟ وأنتم الى الضلال أقرب منه الى الهدىوأنتم تمثلون الشيطان وما حوى...فصلاتكم مجرد غسل يدين وقدمين لا أكثر...وسجادة على الأرض تفرش وحركات روتينية كصبحعلى صفحة ماء ينثر...وبعد ذلك تتساءلون:لم لا تستجاب صلواتنا ممن لا تخفى عليه خائنة العيون؟؟