حادثة اطلاق النار على الحدود الشمالية لا تزال موضع فحص، ولكن منذ الان يمكن الاشارة الى عدة حقائق. أولا، فتح النار جاء من قبل الجيش اللبناني على قوة اسرائيلية نفذت اشغالا داخل نطاق دولة اسرائيل، ولكن من شمالي الجدار (الجدار في هذه المنطقة يوجد جنوبي خط الحدود في داخل الاراضي الاسرائيلية). ثانيا، يدور الحديث عن قوة نفذت اشغال في المنطقة بعد تنسيق مع اليونيفيل، المسؤولة عن القاطع. ثالثا، في الجيش اللبناني اتخذ قرار واعٍ بتوسيع الحدث وعدم احتوائه، من اللحظة التي ردوا فيها النار على الرد الاسرائيلي. هناك من يحاول ربط الحدث مع رغبة حزب الله في اشغار نار كبيرة، لمنع نشر الاتهامات ضده بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. هذه الامكانية يمكن ان تتضح كصحيحة فقط اذا كان الحديث يدور عن قرار قائد محلي يخضع لتأثير حزب الله، وان كان هناك كهؤلاء غير قليلين في الجيش اللبناني، يبدو أن هكذا هو الحال. في تبادل اطلاق النار الاول لم ينضم حزب الله الى النار، ويبدو انه في هذه المرحلة يفهم بان لديه الكثير مما يخسره اذا ما تحولت الحادثة بين الجيشين الى حدث يكون فيه حزب الله هو القوة الرائدة وبالتالي الهدف الاساس للجيش الاسرائيلي ايضا. الحكومة اللبنانية، التي يخضع لها الجيش، بما في ذلك القوة التي فتحت النار، ستكون ملزمة بان تتخذ قرارات غير سهلة، ومن المهم ان توضح لها اسرائيل بالقول وبالفعل بان هناك ثمنا لخرق وقف النار، حتى لو كان الحديث يدور عن الجيش اللبناني الذي طوره الامريكيون مؤخرا. هذا الايضاح مهم ليس فقط بسبب الحاجة الى منع احداث مشابهة في الجبهة، بل وايضا للايضاح لجيراننا بان اسرائيل لن تتردد في استخدام القوة اذا ما خرقت القوانين الدولية في اعمال ضدها. فضلا عن ذلك، على حكومة اسرائيل أن تستخدم كل الادوات السياسية كي ترفع الى مداولات مجلس الامن وان تتأكد بالفعل بان تقف اليونيفيل خلف العملية الاسرائيلية بصفتها نسقت عمل الجيش الاسرائيلي في المنطقة. في الوقت الذي تجري فيه معركة على شرعية اسرائيل في الدفاع عن نفسها، حيث أن غير قليل من كارهيها يشككون في هذه الشرعية، يجدر باسرائيل أن تستغل الحدث الصعب كي تحظى على الاقل بعدة نقاط في المجال السياسي. ينبغي الثناء على قيادة المنطقة الشمالية وعلى الجيش الاسرائيلي على نشاطه خلف الجدار في الاراضي الاسرائيلية. وحسب التجربة، فان الامتناع عن تحقيق السيادة في هذه الاراضي خلف العائق يسهل على اعدائنا مفاجأتنا، وعليه فان هذا النشاط هو جزء هام من الاساليب الوقائية التي ينبغي للجيش الاسرائيلي أن يتخذها. كما أنه حتى لو كانت هناك حاجة الى استخدام القوة لتحقيق هذا الحق، فيجب عمل ذلك، ومن الافضل ساعة مبكرة أكثر.