خبر : أي نوع من السكين بقلم: عاموس هرئيل هآرتس 23/7/2010

الجمعة 23 يوليو 2010 04:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
أي نوع من السكين بقلم: عاموس هرئيل  هآرتس  23/7/2010



الفلسطينيون لم يختفوا الى أي مكان. كما أنهم لم يتحولوا في هذه الاثناء، بروح أقوال المحامي دوف فايسغلاس قبيل فك الارتباط الى فنلنديين. جملة من العناوين الرئيسة من صحف الاسبوع الماضي تدل على أنهم لا يزالون هناك، في المناطق وبقدر ما في افكارنا: القي القبض على قتلة الشرطي يهوشع سوفير في العملية في جنوب جبل الخليل، قتل احد سكان القطاع بنار دبابة من الجيش الاسرائيلي، الجيش الاسرائيلي يفكر بالعودة للسماح لليهود بدخول الضفة الغربية، استكمال سلسلة تجارب ناجحة في منظمة اعتراض الصواريخ "قبة حديدية" التي يفترض بها أن تحمينا من صواريخ القسام.             ولكن هذه العناوين الرئيسة بالكاد تنجح في التسلل الى الصفحات الاولى، حتى في ذروة موسم الخيار الحالي. مشكوك فيه أن تكون اجتازت ولو للحظة عتبة وعي محرري الاخبار. من ناحية الغالبية الساحقة من الاسرائيليين، فان هذه الاحداث تجري في الجانب المظلم من القمر. المواجهة الطويلة مع الفلسطينيين وان كانت تشغل بال القيادة السياسية والجيش، الا ان المناطق تبدو في هذه اللحظة كمشكلة فرعية، ليست مسلحة جدا، على الاقل من الزاوية العسكرية. على اسرائيل، رغم قضية الاسطول في نهاية ايار، يمر في هذه الساعة صيف أمني هادىء، ثان على التوالي (صيف 2008 هو الاخر كان ساكنا، ولكن في نهايته بدأ التدهور الذي نهايته حملة "رصاص مصبوب").             الهدوء هو نتيجة ميزان الردع الذي تحقق حيال الفلسطينيين في الجبهتين، الضفة والقطاع. وعلى عادة الردع، فانه يسبق فقط حتى اللحظة الدقيقة التي ينهار فيها. ما هو صحيح لصباح 23 تموز من شأنه أن يتبدد في الغداة. ولكن في الضفة أملى النجاح الاسرائيلي في وقف العمليات الانتحارية صعود قيادة سياسية فلسطينية جديدة ترفض استخدام الارهاب. حماس، العدو المشترك الذي طرد فتح من غزة بالعنف في 2007، وفر الحافز للتنسيق الامني الوثيق بين السلطة واسرائيل منذ ذلك الحين. في غزة كان لـ "رصاص مصبوب" ايضا اثار اشكالية (تقرير غولدستون، الحصار الاسرائيلي ورفعه بسبب الورطة حول الاسطول). ومع ذلك، تقرر هناك ميزان رعب يضمن استقرارا معينا. صحيح أنه هدوء مؤقت، ولكنه هدوء لم يسد هناك في الثماني سنوات الماضية.               استكمال المعدات             بعد سنة ونصف من "رصاص مصبوب" تحرص حماس على الامتناع عن المشاركة المباشرة في العمليات على حدود غزة. المنظمة التي تسيطر في القطاع لا تطلق الصواريخ وقذائف الهاون الى الاراضي الاسرائيلية وتواصل اتخاذ سياسة كبح جماح وفرض موقفها على الفصائل الاصغر. واذا عدنا الى الاصلاحات التي كانت دارجة في الماضي، فلا يوجد هنا مائة في المائة جهود احباط او مائة في المائة نجاح، ولكن حماس تحذر المنظمات، تصادر وسائل القتال وتعتقل النشطاء – اكثر بكثير مما قدر احد ما بان تفعل قبل سنتين فقط.             الهدوء يغطي على استمرار عملية تسلح المنظمة، على البناء المتجدد للتحصينات وعلى تثبيت حكم حماس في القطاع. على المستوى العسكرين استكملت حماس عملية استخلاص الدروس من جولة القتال الاخيرة، بمساعدة ايران، سوريا وحزب الله، اغلقت فجوات واصلحت نقاط خلل اكتشفت في المواجهة مع الجيش الاسرائيلي.             يبدو أن حماس توصلت الى الاستنتاج بانه في القتال كان لديها نقص في كميات الوسائل القتالية ونقص في الخبرة لاستخدامها. منذئذ، بحثت وحققت المزيد من ذات الشيء: صواريخ اكثر في مسارات (دقيقة، فتاكة وذات مدى ابعد من الماضي ايضا)، مزيد من الصواريخ ضد الدبابات، مزيد من العبوات بجودة اعلى. في اسرائيل يفترضون بان عدد الصواريخ من انواع مختلفة بحوزتها اكبر من عددها عشية جولة القتال الاخيرة. نشطاء من الذراع العسكري تم ارسالهم لفترات طويلة الى معسكرات الارهاب في ايران وفي سوريا وعند عودتهم الى غزة أهلوا رفاقهم الذين تبقوا خلفهم.             تهريب السلاح بقي المصدر الاساس لتطوير القدرة العسكرية لحماس، الحاكمة الوحيدة لصناعة الانفاق. ومؤخرا حظرت المنظمة ادخال المشروبات الغازية من اسرائيل، رغم التسهيلات على الحصار لانها تجبي ضريبة مجدية على مثل هذه البضاعة المهربة في الانفاق. ولا تزال حماس قلقة من تقدم الحائط الحديدي الذي تبنيه مصر في رفح. ثلثا الحائط، الذي سيقع على طول 9كم، بنيا والثلث الاخير سيستكمل حتى قبل نهاية السنة. قبل بضعة اسابيع نجح الفلسطينيون في تفجير ثغرة في الحائط من خلال انابيب غاز، ولكن المبادرة المصرية لا تزال تمثل تهديدا حقيقيا على استمرار التهريب.             لقد اثبتت حماس أن في وسعها اطلاق صاروخ لمدى 60كم في تجربة اطلاق للصاروخ التقطت في اسرائيل العام الماضي. يبدو ان هذا هو صيغة جديدة لصاروخ فجر الايراني. ينبغي الافتراض بانه توجد في حوزة الفلسطينيين بضع عشرات الصواريخ من طراز مشابه. وقد جمعوا ايضا عشرات صواريخ مضادة للدبابات حديثة ويحتمل أيضا صواريخ مضادة للطائرات.             الى جانب التسلح اعدت "عمليات رف" نوعية: خطط سيكون ممكنا امتشاقها عند الحاجة، لجمع النقاط حيال اسرائيل. في الاولوية الاولى توجد عمليات الاختطاف. قضية جلعاد شليت أكدت فهم المنظمة بشأن شدة نقطة الضعف الاسرائيلي في هذا الشأن. وتواصل حماس حفر الانفاق "الهجومية"، التي بواسطتها يمكنهم التسلل الى اسرائيل واختطاف جنود. سلاح الجو يقصفها عندما تكتشف الاستخبارات مبادرة كهذه. نحو ثلث الغارات الجوية كانت موجهة هذا العام ضد الانفاق الهجومية.             في الجيش الاسرائيلي يشتبهون بانه اذا ما تبلورت قدرة اختطاف، فان من شأن حماس أن تغرى لمحاولة تحقيق هذه القدرة انطلاقا من الايمان المغلوط بان المخاطرة في ذلك تستحق في ضوء النتائج الايجابية الواعدة لها. في العام الماضي امتنعت حماس عن محاولات الاختطاف عبر الجدار الفاصل على حدود القطاع، ولكن سجلت على الاقل محاولتان اخريان: نشيط حماس، تلقى تعليمات من كبار المنظمة في غزة وتسلل الى اسرائيل عبر سيناء كي يختطف مواطنا ويعود به الى اراضي غزة، وخلية من الجهاد العالمي في سيناء، استخدمها رئيس الذراع العسكري لحماس احمد الجعبري بشكل غير مباشر، في الفصح، في محاولة لاختطاف سائح اسرائيلي في الاراضي المصرية. في الجيش يعتقدون بان على اسرائيل أن تنقل مسبقا رسالة قاطعة المعنى تقول ان اختطافا آخر ليس واردا والرد عليه سيكون حادا على نحو خاص.             حول الجدار تركز حماس على جمع المعلومات الاستخبارية من خلال المراقبة والنشاط الدفاعي. عندما تدخل قوة من الجيش الاسرائيلي للتمشيط في القطاع فمن شأن العملية أن تنزلق الى مواجهة مع حماس. في نيسان، عندما قتل ضابط وجندي من جولاني، اثناء مطاردة في الاراضي الفلسطينية، كان المخرب الذي اصابتهما من المنسحبين من الجهاد الاسلامي. وحماس بالذات سارعت الى اخذ المسؤولية عن الحدث، يبدو كي تحقق النقاط لدى الجمهور الفلسطيني، مفترضة ان الامر يوجد ضمن نطاق قواعد اللعب بينها وبين اسرائيل.             وحتى الجهاد الاسلامي كبح مؤخرا جماح نشاطاته الهجومية، بضغط من حماس. الصراع ضد اسرائيل تقوده الان فصائل متماثلة مع الجهاد العالمي الى جانب شظايا لشبكات من حركات قديمة مثل الجبهة الشعبية. القتال، بقوة منخفضة جدا، يتركز على النار من سلاح خفيف، نار الصواريخ المضادة للدبابات من النوع القديم (ار.بي.جي) وزرع عبوات على مقربة من الجدار.             التحدي الاساس من ناحية حماس يكمن في فصائل الجهاد العالمي، التي تستوعب اليها خائبي الامل من حماس وتستعين بتعزيزات من بضع عشرات المخربين الاجانب من الدول الاسلامية. حاليا، في رفح، قمعتهم حماس بيد من حديد في اقتحام المسجد الذي قتلت قواتها فيه اكثر من 20 نشيطا. وتهدد الفصائل علنا بتصفية الجساب مع رجال حماس المسؤولين عن المذبحة وفي هذه الاثناء يهاجمون مواقع عسكرية ومؤسسات عامة للمنظمة. نحو 30 من هذه الهجمات سجلت هذا العام، اكثر من ثلاثة اضعاف عددها العام الماضي.             تجاه الداخل، حماس مليئة بالثقة بالنفس وتحتفل بنجاحها في تحطيم الحصار، في اعقاب الاسطول. وقادتها يؤمنون بان كل الخيارات مرة اخرى امامهم وان احداث الاشهر الاخيرة تثبت بان موقفا مصمما من جهتهم سيؤدي الى النصر. ولكن في اتصالاتها السياسية لا تزال المنظمة تتصرف كمظلومة وتتوقع معونة دولية تفرض على اسرائيل مزيدا من التسهيلات.             موطىء قدم للسلطة             الوضع في الضفة يختلف جوهريا. التحسن في التنسيق الامني يشجع اسرائيل على اعادة دراسة اقتراحات قديمة. مثل اعطاء اذن بدخول اسرائيليين الى مناطق أ والسماح بتزويد 50 مدرعة من انتاج روسي وعدت بها السلطة قبل اكثر من سنتين.             في قيادة اجهزة الامن الفلسطينية يخدم الان جيل جديد من الضباط، الكثير منهم من خريجي شبكة التأهيل الامريكية التي قادها الجنرال كيت دايتون. "وحتى عندما يقع حدث خطير، من احراق مسجد وحتى قتل شرطي اسرائيلي، فان المصلحة الوضحة للطرفين هي احتواؤه. وكنتيجة لذلك نحن ننجح في صد الانتقال الى عنف اوسع"، يقول مصدر امني كبير لـ "هآرتس".             القسم المتفائل من الصورة في الضفة يتشكل من التحسن المتواصل في فرض القانون والنظام، من التعزز للتنسيق الامني ومن النمو الاقتصادي. في المجالين لا تزال هناك فجوة مقلقة: القيادة السياسية لفتح، خلافا لقيادة السلطة، لم تستيقظ بما فيه الكفاية بعد لمكافحة حماس (مثلما يشهد قرارها الاخير لالغاء الانتخابات المحلية في الضفة خشية الخسارة). والمفاوضات السياسية مع اسرائيل هي الاخرى، رغم محادثات التقارب، لا تزال عالقة. في ظل غياب محادثات مباشرة، يوفر جهاز الامن قناة الاتصال الاساس مع السلطة. تعبير بارز عن ذلك سجل في لقاء وزير الدفاع ايهود باراك مع رئيس وزراء السلطة سلام فياض، في بداية هذا الشهر. محادثات تنسيق بين الوية وعمداء وضباط كبار في الاجهزة وكذا القيادة السياسية في السلطة تجري على اساس دائم، بعيدا عن عيون وسائل الاعلام.             وللمفارقة، رغم العداء الواسع بين فتح وحماس وخطوة الفصل بين القطاع والضفة، والتي تشارك فيها اسرائيل، فان تحسنا اضافيا في غزة منوط جدا بما يجري في الضفة. مطالب حماس لمزيد من التسهيلات في الحصار تلقى انصاتا دوليا كبيرا، ولا سيما في اوروبا. صحيح أن اسرائيل حظيت بالثناء من الولايات المتحدة ومن الاوروبيين على التطبيق السريع للتسهيلات الاخيرة بعد قرار الحكومة، الا ان كاترين اشتون، وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي التي تجولت هذا الاسبوع في اسرائيل وفي غزة، شددت على الحاجة الى خطوات اضافية.             منسق الاعمال في المناطق، اللواء ايتان دنغوت، الذي التقى اشتون، قال لها ان في نظر اسرائيل التقدم الجوهري الاضافي في غزة منوط بمنح موطىء قدم متجدد للسلطة الفلسطينية هناك. وتقول مصادر امنية ان "طالب غزي لا يمكنه أن يخرج للدراسة في الضفة وحماس لن يسمح لها بتصدير البضائع من القطاع قبل أن يرابط عشرة اشخاص مع علم السلطة في معبر كرم سالم، قبل أن تسمح حماس بتحريك مشاريع بقيادة فياض في غزة".