يبدو أننا دولة يكثر الناس فيها "الخروج عن سكة الحديد". نشر في يوم الخميس مثلا في صحيفة "يديعوت احرونوت" تقرير اخباري قال إن ثلاثة "من رجال الأمن" الاسرائيليين الكبار الشأن مستعدون للشهادة من أجل "البنك العربي" الذي رفعت عليه دعوة في نيويورك لمساعدة منظمات الارهاب الفلسطينية. ما معنى هذا؟ "البنك العربي" هو واحد من كبار المصارف في الشرق الاوسط. مالكه فلسطيني أردني، ومئات مكاتبه موزعة في أنحاء العالم، وفي يهودا والسامرة أيضا بطبيعة الأمر. في سنة 2004 رفع الى المحكمة في نيويورك دعوة ضخمة على البنك من قبل ما يزيد على ألف من متضرري الارهاب من الاسرائيليين والامريكيين، لأن المصرف (كما تزعم الدعوى) حول أموالا وخدمات مالية الى جميع المنظمات الارهابية الفلسطينية تقريبا وعلى رأسها حماس. تتم المحاكمة منذ سنين بحضرة هيئة محلفين في نيويورك، وبحسب ما نعلم أحرزت الدعوى مواد كثيرة موثقة تدين المصرف. والمصرف من جهته ينفق أموالا لتعزيز دفاعه، وتوجه في هذا الاطار الى جهات كثيرة جدا في اسرائيل. وهنا، على حسب التقرير الصحفي في "يديعوت احرونوت" وافق ثلاثة من هؤلاء على الشهادة في صالح المصرف: الأول اللواء (احتياط) اوري ساغي، الذي قال للصحيفة: "اشترطت موافقتي بأن اجري فحصا مسبقا يتعلق بنشاط المصرف، وكما أعلم لم يكن مشاركا في نشاط يتصل بالارهاب او بتمويله"؛ والثاني، آفي كوستلتس، الذي كان في الماضي مسؤولا كبيرا في الشاباك وقال للصحيفة: "الحديث عن ادلاء بشهادة مهنية تماما لا تؤيد أو تعارض جهة من الجهات"؛ والثالث العميد (احتياط) ايلان باز، الذي كان في الماضي رئيس الادارة المدنية في يهودا والسامرة، وقال: "وافقت بعد أن بين الجيش الاسرائيلي أنه لا توجد ولم توجد أي دعوى تتعلق بمشاركة البنك العربي في تمويل الارهاب". أقول لهؤلاء الثلاثة: أولا ليس عندكم أي علم مختص محدد بالموضوع المعقد الذي هو تمويل الارهاب. إن ما تقولونه للصحيفة، بحسب أفضل علمي غير صحيح! لانه لا يوجد شيء يسمى "موقف الجيش الاسرائيلي" من مشاركة البنك العربي" في الموضوع الذي تبحثه المحكمة في نيويورك. والى ذلك قد يضر موقفكم بالمعركة الشديدة التي تديرها اسرائيل والغرب في مواجهة تمويل الارهاب. وثانيا، وبحسب افضل ما أعلم، يوجد في دولة اسرائيل نفسها قدر موفور من المواد الموثقة، كيف كانت فروع المصرف قناة لنقل أموال سعودية وعراقية وغيرها الى نشطاء ارهاب والى "جمعيات صدقات" لحماس (أخرج بعضها خارج القانون على يد جهاز الأمن الاسرائيلي لأنها عملت غطاء لنقل الاموال الى الارهاب) والى الجرحى في العمليات الارهابية والى عائلات "شهداء". عندما ظهر أحمد ياسين في التلفاز باللغة العربية في روما، ظهر على الشاشة شريط قدم من جملة ما قدم رقم الحساب المصرفي في فرع جنيف لـ "البنك العربي" لكل من يريد أن يتبرع للفلسطينيين الذين يشاركون في المواجهة العنيفة مع اسرائيل. بل إن "الأمن الوقائي" الفلسطيني تعقب الأموال المحولة الى حساب نشيط الجهاد الاسلامي في فرع المصرف في بيت لحم. وثالثا، اعلموا أن محامي النيابة العامة سيمزقونكم اربا اربا. ورابعا، وهذا هو الاساس المدهش المحزن: لنقل في الحقيقة إنكم تعتقدون أن المصرف بريء. أتأتون للشهادة على مصابينا في الارهاب؟ ما الذي يدفعكم الى ذلك بحق الشيطان؟ الشعور بالعدل؟ الرغبة في مساعدة مصرف لن يخسر أكثر من مليار دولار؟ الرغبة في صنع شيء من المال؟ اصرفوا ايديكم عن ذلك بربكم.