(1)الحرب العالمية الأولى أو الحرب العظمى هي حرب قامت في أوروبا ثم امتدت لباقي دول العالم خلال أعوام ما بين 1914 و1918. بدأت الحرب حينما قامت إمبراطورية النمسا والمجر بغزو مملكة صربيا إثر حادثة اغتيال ولي عهد ووريث عرش النمسا "فرانز فرديناند"وزوجته أثناء زيارتهما لسراييفو في منطقة البوسنة والهرسك على يد الطالب الصربي "جافريلو برينسيب" مما أجج النقم النمساوي على الصرب وأشعل فتيل الحرب العالمية الأولى. قامت روسيا بتعبئة قواتها بعد يوم واحد من إعلان النمسا الحرب على صربيا فعبئت ألمانيا قواتها في 30 يوليو ثم عبئت في 1 أغسطس فرنسا قواتها، أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا في اليوم نفسه بعد أن وجدت عدم تجاوب الروس بشأن طلب ألمانيا إلغاء التعبئة للجيش ثم أعلنت الحرب على فرنسا واجتاحت بلجيكا مما دفع بريطانيا لدخول الحرب بسبب خرق الألمان حياد بلجيكا، وقد كانت الأمم الأوروبية قبل الحرب مشكلة من معسكرين أولهما الوفاق الثلاثي بين روسيا وفرنسا والمملكة المتحدة، بينما تشكل الحلف الثلاثي من إمبراطورية النمسا والمجر وألمانيا وإيطاليا على الرغم من دخول إيطاليا الحرب في جانب الحلفاء، و استعملت لأول مرة الأسلحة الكيميائية فيها ودخلت أطراف لا ناقة لها بالحروب ولا جمل وهي شريحة المدنيين الذين تم قصفهم من السماء لأول مرّة في التاريخ.كذلك برز النزاع حول السيطرة على البحار خاصة بين بريطانيا التي تعتبر نفسها سيدة البحار وألمانيا الموحدة التي طورت أسطولها بسرعة فائقة، عندما فرضت دول الوفاق الثلاثي حصارا بحريًا ضد دول التحالف الثلاثي بهدف خنقها اقتصاديا فرد الألمان بحرب غواصات استهدفت كل السفن حتى المحايدة منها بهدف منعها من الوصول إلى بريطانيا وكان من بين السفن التي تم إغراقها عدد من السفن الأمريكية الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الدخول في الحرب إلى جانب دول الوفاق فأصبحت الحرب عالمية، وكانت قد وقعت حرب بحرية في بحر الشمال بين الأسطول الألماني والإنجليزي عرفت باسم "جاتلاند"، خرج خلالها الأسطول الألماني من موانيه لمقاتلة الأسطول الإنجليزي على أمل رفع الحصار البحري المفروض على ألمانيا. كما شهدت الحرب ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل وسقطت السلالات الحاكمة والمهيمنة على أوروبا والتي يعود منشأها إلى الحملات الصليبية، وتم تغيير الخارطة السياسية لأوروبا. شكلت الحرب البداية للعالم الجديد ونهاية الأرستقراطيات والملكيات الأوروبية و أحدثت تغيرًا في السياسة الصينية والكوبية وأخذت الحروب شكلاً جديدًا في أساليبها بتدخل التكنولوجيا بشكل كبير في الأمور الحربية. (2)ها هو التاريخ يعيد نفسه عبر القرصنة الصهيونية البحرية على سفن مدنية ترفع أعلام دول مستقلة و ممثلة بالأمم المتحدة ومكشوفة للقاصي والداني من خلال الطواقم الإعلامية الكبيرة التي ترافق أسطول الحرية، والتي انقضت عليها في جنح الليل وفي المياه الدولية وبعيدة عن مياه القراصنة بأكثر من 100 ميل، وتضاربت الأخبار المنقولة عن مصير ركاب الأسطول فمنها من يقول وقوع عشرات الشهداء ومنها من نقل إصابة كل من الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني (48) وعدد من عرب 48 المرافقين للأسطول وإصابة الدكتور هاني سليمان رئيس البعثة اللبنانية وقبطان سفينة 8000 الذي يرفض العلاج في المستشفيات الاسرائلئة رغم خطورة اصابته وغيرهم من شهداء وجرحي أسطول الحرية الذين هبوا ليعبروا البحار في رحلة انسانية خالصة ورسالة سماوية سامية من أجل الضغط على الرأي العالمي الرسمي برفع الحصار الظالم وغير المبرر عن غزة.ولكن أمام هذا المشهد الدامي هل سنشهد حربا عالمية ثالثة وخاصة ان فرسان الحرية جاءوا من كل حدب وصوب من حوالي 50 دولة ومن كافة الشرائح البرلمانية والسياسية والثقافية والدينية والتجارية و...هل الدول ستغار على عرضها ومواطنيها كما غارت إمبراطورية النمسا والمجر على وليها؟ هل سنشهد سقوط أنظمة ومملكات وامبراطوريات؟ هل سنشهد تغيرات في السياسة الدولية والخارجية لبعض الدول؟ هل سنشهد بزوغ قوى عظمى جديدة تغير الخارطة السياسية وتمهد لعالم جديد على طريقة الشعوب وليس على طريقة الرؤساء والمتنفذين في الدول؟ هل سنشهد صحوة عربية وغيرة إسلامية ونخوة و شجاعة جاهلية تضع حدا للحكومات العربية الهزيلة؟ (3)اعتقد ان الحراك العسكري المتسارع الذي تميزت به الحرب العالمية الأولى على كافة الجبهات سنشهد وعلى الأقل محاكاة له ولو بدرجة نسبية خلال الساعات والأيام القادمة ولكن ربما سيكون الحراك سياسيا أكثر منه عسكريا وما الاجتماعات الطارئة للحكومات المعنية بالأمر كالتركية والإسرائيلية والمقالة الفلسطينية وما يدور وراء الكواليس من جسور الاتصالات الساخنة لدليل على هذا الحراك السياسي ولكن ماذا ستتمخض عنه ؟ هل سنشهد قطع علاقات دبلوماسية ، طرد سفراء ودبلوماسيين، استدعاءات للسفراء، قطع أو تقليص للعلاقات التجارية والسياحية، أم سنشهد اجتماعا طارئا لمجلس الأمن الدولي ليقرر وبصورة شجاعة متحملا المسئولية الأخلاقية والإنسانية برفع الحصار عن غزة لينفس فتيل الاحتقان الشعبي والدولي؟ أم أن الموضوع سيترك للشعوب ولأهالي الشهداء وللمؤسسات الشعبية والأهلية وحقوق الإنسان أن تأخذ الأمر على عاتقها وتكون شرارة التغيير لعالم جديد لا نعرف معالمه وخاصة أن من بين الجرحى قادة في بلادهم وأحزابهم منهم الشيخ رائد صلاح الذي يخفي القراصنة الإسرائيليين مصيره؟. كاتب ومحلل سياسي/غزةHadidi_imad@yahoo.com