منذ ما قبل عملية السطو بايام و"اسرائيل" تشن حملة اعلامية مركزة مكثفة ضد"اسطول الحرية" في محاولة لشيطنة المشاركين فيه واظهارهم على انهم من الارهابيين او من المؤيدين للارهاب، واستعانت دولة الاحتلال بذلك بادوات كصواريخ القسام والضحايا الاسرائيلييين وغير ذلك في محاولة لقلب وتشويه الحقائق، ولتبرير عملية السطو المبيتة على الاسطول، فوزير الخارجية الاسرائيلي ليبرمان يعلن باسم حكومته بان تنظيم قافلة السفن الدولية التي تتجه الى قطاع غزة يشكل مساسا بالسيادة الاسرائيلية وان هذه العملية لا تعدو كونها عملية دعائية".كما بذلت الخارجية الاسرائيلية حسب مجلة "فورين بوليسي" (السياسة الخارجية) الاميركيةجهودا جبارة لاقناع الذين يتابعون هذه المواجهة في أعالي البحار بان النشطاء الذين يحملون معونات انسانية هم من المؤيدين للارهابيين، وان كل شيء، كما تقول الوزارة الاسرائيلية، جيد وممتاز في قطاع غزة، وصورت الوزارة دولة اسرائيل (التي تفرض حصارا على موانئ غزة) بانها الضحية الطيبة في مواجهة حماس.ودان مريدور الوزير المسئول عن لجنة الطاقة النووية يزعم:" ان منظمي قافلة أسطول الحرية يريدون اضعاف مكانة منظمة التحرير الفلسطينية-تصوروا حرصه على المنظمة...!- التي تتفاوض مع الحكومة الاسرائيلية وتعزيز مكانة حركة حماس التي تدعو الي ابادة اسرائيل"، مضيفا:" انه يدعم قرار الحكومة الاسرائيلية باعتراض وايقاف قافلة السفن البحرية المتوجه لقطاع غزة/الاذاعة الاسرائيلية العامة30 / 05 / 2010 ".ونائب وزير الحرب متان فيلنائي يصف منظمي قافلة السفن ب"أتباع حماس وحزب الله" مشيراً تحديداً إلى الفرع التركي من جماعة الإخوان المسلمين الذي لعب دوراً محورياً في تنظيم رحلة السفن" .والمتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي يعلن"ان البحرية الاسرائيلية ستستخدم القوة المفرطة وستمنع سفن أسطول الحرية من الوصول الي قطاع غزة/30 / 05 / 2010"، مضيفا:"إن القوات البحرية الإسرائيلية لديها أوامر باستخدام القوة في منع السفن من الوصول للقطاع واقتيادها إلي ميناء سدود".الحملة الاعلامية الاسرائيلية استهدفت تضليل الراي العام وتشويه الحقائق.والحملة العسكرية التي اطلق عليها"رياح السماء" كانت مهمتها أسر "رياح الحرية"...! الاسلحة والادوات المستخدمة في العملية فهي: مغاوير البحر (افراد الصاعقة البحرية) يساندهم افراد وحدة (ميتسادا) التابعة لمصلحة السجون الاسرائيلية، وانضمت اليهم طواقم من وحدة "عوكيتس" (أي" لسعة") مع كلاب مدرّبة على اكتشاف المتفجرات، والتحق بهم كذلك جنود احتياط من الكوماندو البحري الاسرائيلي، والعملية كلها بقيادة الميجر جنرال اليعيزر ماروم قائد سلاح البحرية.فاصبحنا اذن امام عملية عسكرية حربية واسعة النطاق يشنها جيش كامل من القراصنة المحترفين من مختلف الوحدات العسكرية الاسرائيلية ويسطو على "اسطول الحرية" ويختطف من فيه من بشر اعلنوا رسالتهم مبكرا على رؤوس الاشهاد: مهمة انسانية من اجل غزة المحاصرة...والحصيلة المعلنة الاولية حتى كتابة هذه السطور نحو خمسة وسبعين شهيدا وجريحا...!.فهنيئا ل"اسرائيل" وجيشها على انتصار القراصنة على اسطول المدنيين القادمين في مهمة انسانية...!انها عملية قرصنة ومجزرة صهيونية سافرة تنفذ بالبث الحي والمباشر امام الرأي العام العالمي بدوله وشعوبه ومنظمته الاممية.. وفي منهجية القرصنة البحرية التي تأتي هذه العملية كواحدة في السياق، اعترف ضابط اسرائيلي كبير"ان البحرية الاسرائيلية تقوم بانتظام باعتراض سفن يشتبه في نقلها اسلحة"، واضاف الضابط الذي لم يكشف سوى عن اسمه "زيف" للاذاعة الاسرائيلية العامة "بصفتي قائد زورق سريع قاذف للصواريخ بامكاني القول اننا نشارك بانتظام في اعتراض السفن".هكذا هي الصورة ...فلا يمكن للدولة الصهيونية ان تخرج من جلدها وعن طباعها التي اعتادت عليها منذ قيامها...!وهذه القرصنة البحرية الاسرائيلية من ذات السياسة وذات النهج الذي نعايشه منذ اكثر من اثنتين وستين عاما.فالقرصنات والمجازرالاسرائيلية في فلسطين مفتوحة وحدث بلا حرج..ومساحتها وميادينها وجرائمها وانتهاكاتها لكافة القرارات والمواثيق والاعراف الدولية والانسانية لاحصر ولا حدود لها ابدات...!.فكل ما يجري في فلسطين والمحيط البحري والجوي والبري على ايدي "اسرائيل" انما هو قرصنة صارخة.. وقرصنتهم واسعة متصلة لا تترك مجالا من مجالات الارض والجو والبحر الا وتطاله..فهناك القرصنة المفتوحة على الارض العربية، وهناك القرصنة المنهجية ايضا ضد المقدسات، وهناك كذلك القرصنة المستمرة على التراث والمعالم الحضارية وعلى المأكولات الشعبية الفلسطينية .والقرصنات الاسرائيلية ليست عفوية او لمرة واحدة او اثنتين او عند الحاجة مثلا، بل هي قرصنات يمتد عمرها الى بدايات المشروع الصهيوني والى ما قبل وخلال وبعد اقامة تلك الدولة وصولا الى الراهن الاسرائيلي.والقرصنات الاسرائيلية على خلاف غيرها في العالم ترتقي الى مستوى القرصنة الدولية وارهاب الدولة.وهي الاشد خطراً وألاسوأ ضرراً من مثيلاتها الصومالية او اي قرصنة اخرى في العالم، ذلك أنها تهدف الى ابادة شعب والاجهاز على قضيته وحقوقه ووجوده.وحيث اننا امام قرصنة بحرية صريحة سافرة تتعارض مع المواثيق الدولية وترتقي الى مستوى جريمة حرب، فلعلنا نستحضر هنا مرة اخرى تقرير غولدستون المثقل بجرائم الحرب الاسرائيلية في غزة، فالقرصنات الاسرائيلية الارهابية المفتوحة المتغطرسة تستدعي-كما كنا كتبنا واشرنا في مقالات سابقة- لو كان هناك مسؤولية دولية حقيقية فتح تحقيقات-غولدستونية- جديدة ...! ففي حينه وعلى فترة طويلة من الزمن، احتشد العالم كله باممه المتحدة، ضد ما اطلقوا عليه"القرصنة الصومالية"، ووصل الاستنفار الى مجلس الامن ايضا الذي اتخذ قرارا بالاجماع يسمح للدول المتضررة من القرصنة بالقيام بعمليات عسكرية في الاراضي الصومالية"...!تصوروا.. العالم والامم المتحدة ومجلس الامن، كلهم احتشدوا متناسين ان تلك الدولة بشعبها وارضها ومقدراتها هي التي تعرضت وتتعرض للقرصنات الاستعمارية الاحتلالية...!.بل واكثر من ذلك كان سالم صالح محمد، مستشار الرئيس اليمني اعلن:" ان الأصابع الإسرائيلية وراء القرصنة في البحر الأحمر".فلماذا يتناسى العالم القرصنة الاخطر والقرصان الاكبر على وجه الكرة الارضية ..؟!.فمن الغرابة والنفاق السافرين ان هذا العالم يقفز عن، ويتجاهل على نحو سافر القرصنة الصهيونية-الاسرائيلية المنفلتة على مدار الساعة منذ نحو اثنتين وستين عاما ضد الوطن العربي الفلسطيني المحتل بشعبة وقياداته ومواطنيه ومقدراته وخيراته، ناهيكم عن الارهاب والجرائم الصهيونية المفتوحة...!.فمعطيات المشهد العربي في فلسطين تبين لنا ان دولة الاحتلال تواصل على مدار الساعة اعمال القرصنة الشاملة من اجتياحات واعتقالات واختطافات وغيرها، كان ابرزها واخطرها ما"ارتكبت "إسرائيل" يوم 2006/5/24/ من قرصنة - مجزرة بحق الديمقراطية والمنجزات الانتخابية، باختطافها أكثر من 43 نائبا من المجلس التشريعي الفلسطيني وثلاثة وزراء سابقين، في الضفة الغربية"، في الوقت الذي تواصل فيه قرصنتها وعدوانها على قطاع غزة من جهة، وتواصل فيه اجتياحاتها للمدن والمخيمات والقرى الفلسطينية على امتداد الضفة من جهةاخرى.ربما نأمل ان تحرك عملية القرصنة والمجزرة في"اسطول الحرية" ضمائر من لم يتحركوا حتى الآن، وخاصة على المستوى العربي والاممي...!فحينما تكون القرصنة والمجزرة الاسرائيلية سافرة في وضح النهار، فكيف يمكن للعالم والمجتمع الدولي ان ينام ويرتاح ويتجاهل كل هذه الحقائق الدامغة الموثقة حتى في القرارات الدولية ...؟!!!وكيف يمكن للعالم العربي من جهته ان يلتزم كل هذا الصمت وان يكتفي بهذه الفرجة المذهلة على ما يجري في فلسطين ...؟!!الى ذلك، ليس من المنتظر أن تتوقف دولة الاحتلال عن سياسات القرصنة وعن هذه الثقافة والمنهجية إطلاقاً طالما بقي المجتمع الدولي على هذا النحو...؟!.وطالما بقي العرب والمسلمون صامتين متفرجين الى حد الشلل او التواطؤ...!. nawafzaru@yahoo.com