صرح مكتب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أن قطاع غزة آخر المناطق المحاصرة في العالم نسبة لما يقوم به المتطرفون هناك وأكد أن جيشه لن يسمح بمرور قافلة المتضامنين الدوليين المتواجدين على متن أسطول الحرية البحري إلى قطاع غزة وأن الجيش سيصطحب الأسطول إلى ميناء أسدود لتفريغ الحمولة هناك متسائلاً عن أي حصار يتحدث منظمو القافلة مطالباً الصحفيين المتواجدين على سُفن الأسطول البحري بالذهاب لمطعم الروتس في قطاع غزة للتعرف على حقيقة الحصار هناك . في البداية فإنه ومن وحي حديث مكتب نتنياهو يظهر أن هذه اللغة هي اللغة السائدة التي يتحدث بها المسئولين الصهاينة أمام قادة المجتمع الدولي وقادة العالمين العربي والإسلامي وهي ذات اللغة التي يحاول أن يطعّم بها بعض المسئولين على المستوى الفلسطيني أحاديثهم في الغرف المغلقة، كما أنه ذات التناغم بين أعداء غزة والصهاينة على مستوى العالم وهو الأمر الذي يزيد من حصار غزة ضراوة وقوة وعنفاً، كما أنها ذات اللغة التي تنطرب إليها قلوب الراقصين على جراحات آلاف العائلات التي ما زالت تفترش الأرض وتلتحف السماء ويوزعون الابتسامات حين يتنادى إلى مسامعهم ارتفاع عدد شهداء الحصار، مكتب نتنياهو الذي يعرف جيداً أن هذه المبررات أقرب إلى وحي الخيال منها إلى واقع غزة إنما يريد أن يُسمع أعداء غزة ما يعشقون سماعه لأن مكتب نتنياهو يعلم جيداً أن إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل السابق الذي تمنى أن يصحو من النوم ليجد أن قطاع غزة قد ابتلعه البحر لو نظر إلى حصار قطاع غزة لكتب فيه شعراً ونثراً يصف فيه ظلم ونذالة وحقارة البشرية التي نحياها اليوم، وعلى الوجه الحقيقي الحاقد لصناع القرار الصهيوني الذي يذبحون صباح مساء عشرات الأطفال بأمراض مختلفة نتيجة حصارهم الذي لم تشهد له البشرية مثيل. غزة التي تحاول أن تتواصل مع الحياة لكي تمنح أهلها الكبرياء الذي ما عرفوا سواه، غزة التي تقاتل الحصار لكي تمنع ذاك الدمع الذي لا يظهر إلا ليلاً على وجنات قادة الشعب الفلسطيني ثم يداروا دموعهم صباحاً مانحين هذا الشعب الصابر جرعة جديدة من جرعات الصبر ذاك الصبر الذي ما كان ليصبر لو دبت به الروح و شعر بظلم غزة، مكتب نتنياهو الذي يحاول استغباء أكثر قادة العالم أو انه استغباهم لمدة أربع سنوات يعلم جيداً أن البحث عن حصارهم الظالم لا يبدأ أبداً من مطعم الروتس، وأن البحث عن أمراض الإنسان لا يبدأ من المناطق السليمة فيه بل يبدأ من مناطق الخلل في جسمه، كما أن البحث عن الموت البطيء الذي يحياه قطاع غزة وأطفال قطاع غزة وعمال قطاع غزة وطلاب قطاع غزة وشيوخ قطاع غزة يبدأ من هناك من عزبة عبد ربه . لذلك فإني أدعو جميع الصحفيين إلى الذهاب لمناطق الشمال والجنوب التي تعج فيها الخيام أكثر من البيوت، البيوت التي تنتشر فيها روائح دماء الشهداء الذي قتلتهم آلة الإجرام الصهيوني أمام أنظار أبائهم وأمهاتهم، فلتصور كاميرات الصحفيين عشرات الأطفال الذين كانوا يصرخون على ذاك الحنان في صدور أبائهم قبل أن تخترقها رصاصات الموت الصهيوني، فلتصور كاميرات الصحفيين حقارة المجمع الدولي أبو الديمقراطية، فلتصور كاميرات الصحفيين أمه العرب المتواطئة، فلتصور مكاتب وزارت الخارجية التي تخرس حين يصّرح مكتب نتنياهو بهذا الكلام، فلتصور كاميرات الصحفيين عشرات القادة العرب السهارى في فنادق تل أبيب وعلى جوانب برك السباحة هناك يتابعون مآسي أهل القدس وأحيائها على مانشيتات القنوات العِبرية يا للأسف.. ، وليعلم مكتب نتنياهو أن أحياء القاهرة ليست كشرم الشيخ وأن الصورة هنا قد لا يتصور بان كي مون نفسه أنها أخت الصورة هناك. وسيعلم مكتب نتنياهو أن أنصار الحق الفلسطيني باقون ما بقيت فلسطين بل هم في ازدياد كما أنصار الحرية وأسطولهم القاهر، وأن أنصار الباطل لم يتبقى منهم أحد أو يكاد، وما احتفاظ اليهود بجوازات سفرهم الأجنبية إلا إيماناً منهم بذلك وأن عودة الفلسطيني لأرضه مسألة وقت حين ينتهي من قاموسهم العملاء، عملاء كل المستويات. كتب من غزة