خبر : الأسرى ومعركة الأمعاء الخاوية... إستراتيجيات ورسائل.!! .. عماد عفانة

السبت 17 أبريل 2010 09:41 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الأسرى ومعركة الأمعاء الخاوية... إستراتيجيات ورسائل.!! .. عماد عفانة



في هذا اليوم السابع عشر من ابريل، الذي يصادف يوم الأسير الفلسطيني باتت كلمات تقال في وصف ما يتعرض له الأسرى من قبيل وصفهم بالشموع التي تحترق لتضيء طريق الحرية، ووصف ظروف أسرهم بالصعبة والمأساوية ، باتت كلمات ممجوجة من فرط تكراراها، وكأننا أصبحنا نتبارى في احتراف لغة الكلام، التي لا تغنيهم ولا تفك لهم قيدا. لم يزج العدو الأسرى في زنازين القهر والظلام إلا لأنهم الأبطال الذين تقدموا الصفوف في سبيل تحرير الأرض والمسرى، لذا فمن باب اللياقة واللباقة بل والوفاء ربط قضية الأسرى بالمسرى، ففي سبيل مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يثور شعبنا ويرتقي الشهداء ويشرد في المنافي ويحاصر ويتعرض للقهر والإبعاد بل والحصار.  والسؤال البديهي: لماذا يتجرع الأسرى القهر على أيدي السجانين في غرف الموت البطئ، إذا لم يكن دفاعا عن حقوق شعبنا، وحماية كرامته وصيانة حريته..!!  أليس الأسرى بهذه الأهداف النبيلة هم رمز البطولة و الصبر و الثبات في وجه المحتل، الذين يستقي شعبنا منه معاني الصبر على الحصار والثبات في وجه محاولات التهجير والإبعاد..!! في الوقت الذي يتغنى فيه العالم الظالم المدعي للحضارة بميثاق حقوق الإنسان، ومعاني الديمقراطية والعدالة والمساواة، يترك شعبنا يعيش في قعر جب أتفه وأهون أمة على الله وهي أمة غضب الله عليها أمة اليهود. الأمر الذي يفرض علينا كشعب صاحب قضية ألا نعول على المواثيق الدولية لجهة إنصافنا فهي مواثيق كتبت للتغني والتباهي وللتطبيق على غيرنا من ذوي الدماء الزرقاء، وليس للتطبيق علينا فدماءنا حمراء. لماذا علينا اكتشاف قضية الأسرى من العام إلى العام، واكتشاف قضية القدس والأخطار التي يتعرض لها مسرى نبينا في المواسم..!! ولماذا لا يستمر العمل من اجل اشرف قضية كقضية الأسرى طوال أيام العام تماما كما نعمل من اجل أرضنا المحتلة ومسرى نبينا المغتصب..!! وعليه فإنني أود التأكيد على عدد من الثوابت: 1-    أن القضية الفلسطينية بها عدد من المسلمات المرتبطة بها وهي المسرى ( المسجد الأقصى) والأسرى، واللاجئين والأرض، وهي قضايا لا ينفك أحدها عن الآخر. 2-    العمل بكافة الوسائل من أجل نصرة قضية الأسرى واجب على الجميع وليس يوما أو أسبوعا في العام بل طوال أيام العام، فالأسرى يموتون ببطء في سجون العدو في اليوم ألف ميتة. 3-    عقد المؤتمرات الشعبية على مستوى الوطن وخارج الوطن لنصرة قضية الأسرى لإبقائها حية بالذهن والوجدان ، لا ينبغي أن يكون موسميا بل برنامج وطني شامل ومستمر ليشكل مراكمته ضغطا كفيل بتحقيق الإفراج عنهم وإنقاذهم من براثن السجان. 4-     تشكيل وفود من أهالي الأسرى لنقل معاناتهم في المحافل الدولية من خلال الوفود الرسمية والشعبية والدولية، وهي مهمة على عاتق من يسمى نفسه بالممثل الوحيد للشعب الفلسطيني والأسرى في طليعته أن يطلع بها وبشكل دائم ومستمر. 5-     وضع إستراتيجية وطنية فلسطينية شاملة  للعمل من خلالها على نصرة قضية الأسرى على المستويات المختلفة السياسية والإنسانية والقانونية العربية والإسلامية والدولية، وتشكيل لوبيات ضاغطة في محافل القرار لتأمين الإفراج عنهم . 6-      فضح وتعرية الانتهاكات المستمرة بحق الأسرى وأهلهم أمام الرأي العام الدولي عبر وسائل الإعلام المختلفة مهمة وطنية أمام الإعلام الفلسطيني والإعلام الحر الداعم لقضيتنا الفلسطينية، يتوجب أن تقام له مفوضية إعلامية  متخصصة ومدعومة بكافة الإمكانات لإسناد كافة الفعاليات الشعبية والسياسية والقانونية المطالبة بالإفراج عن الأسرى وملاحقة السجان قانونيا في المحاكم والمحافل الدولية،  وتوحيد الجهود بين جميع القوى وبعيداً عن الجاذبات السياسية الرسمية والشعبية والتكامل في العمل من أجل خدمة حركتنا الأسيرة . 7-    وضع قضية الأسرى في كفة واحدة دون الانصياع لرغبات المحتل في تصنيف الأسرى وتجزيء ملفهم ليكتسب الملف مزيد من القوة في الدعم والطرح والمطالبة، فجميع الأسرى في سجون المحتل هم من اجل قضية واحدة ويجب التعامل مع قضيتهم كقضية واحدة. 8-    دعم صمود جميع الأسرى وعوائلهم ليست منة من أي جهة حكومية أو سياسية أو حزبية بل هو فرض وواجب على الجميع تحمل مسؤولياته حيالهم، دون التفرقة بينهم في الانتماءات الحزبية فجميعهم أبناء لقضية واحدة وعلى الجميع دعمهم بعدالة. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يخوض فيها الأسرى معركة الأمعاء الخاوية من أجل تحقيق مطالب إنسانية عادلة؛ فقد سبقها أكثر من 16 إضراباً، اشهرها إضراب سجن الرملة عام 1969م والذي استمر 11 يوماً، وإضراب 1976م الذي استمر 45 يوماً، وها هو آخر فصولها إضراب 2010م، لأن السجان لن يكف عن قمعه لهم كمواصلة لسياسته في قمع كل مطالب الحرية، كما أن شعبنا والأسرى لن يكفوا عن مطالبه العادلة بالحق والأرض والعدالة.  صحيح أن عدد أبناء شعبنا الذين ذاقوا ويلات الأسر في سجون العدو بلغوا عشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف ، وبقي منهم في سجون القهر أكثر من 11 ألف أسير منهم 350 طفلاً ، و 35 أسيرةً فلسطينية و 150 مصاباً بمرض عضالٍ مزمن، و35 أسيراً في العزل الانفرادي، منهم - كالأسير حسن سلامة - من أمضى سبع سنوات في العزل المنفرد، أمّا عدد الشهداء الأسرى فوصل إلى 198 شهيداً، إلا أن ذلك لا ولم ولن ينجح في تطويع إرادتنا أو إرغامنا على التخلي عن حقنا.  وفيما يحاصر العدو شعبنا في قطاع غزة منذ نحو أربع سنوات فان الأسرى محاصرون منذ عشرات السنين، فطعامهم لا يعدوا عن 4 حبّات زيتون، وملعقة من المربّى في الإفطار و 4 ملاعق أرز معها نصف كوب من "الشوربة" في الغداء، مع عدم توفر العلاج أو الدواء، لذا فشعبنا يستمد صبره من صمودهم، وثباته من انتصابهم الجبال في وجه الجلاد. المرارة تتمثل في أن الأسرى الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية ليس في قائمة مطالبهم التحرر من ظلمة السجان، بل مطالبهم أدنى من ذلك بكثير وهي الرفض القاطع لسياسة المنع الأمني الذي يحرم أهل الأسير من زيارة ابنهم، والمطالبة بإنهاء سياسة العزل الانفرادي لكثير من الأسرى الذين تجاوز بعضهم السبعة أعوام، والسماح بالدراسة وتقديم الامتحانات وإدخال الكتب والصحف وإعادة بث قنوات الأخبار الفضائية، والتشديد على ضرورة العلاج الطبي وإجراء العمليات الجراحية في حينها دون تأخير. إذا كان الأسرى يخوضون معركة ألأمعاء الخاوية وهم بين أربع جدران مظلمة ويصرون على الصمود والثبات، فعلى شعبنا المحاصر وخصوصا في غزة والضفة المحتلة تعلم الدرس، والانتقال من  المطالب المرحلية برفع الحصار إلى المطالب الإستراتيجية الثابتة وهي التحرر من المحتل والعمل على ذلك بكافة السبل المتاحة. إذا كان الأسرى في سجون العدو يخوضون المعارك معه رغم أنهم تحت سطوة الجلاد، فما بال بعضنا يتنكر للمقاومة ويسفه جدواها وأساليبها فيما يعد إضراب الأسرى تأكيدا جديدا على عمق حضورهم في وجدان  وضمير شعبنا من ناحية، ومن ناحية يثبتون عمق تأثيرهم في المشهد السياسي الفلسطيني شاء البعض أو أبا،  وأنّهم جزء بل طليعة المقاومة وعنوان الصمود. ويوجه أسرانا البواسل عدد من الرسائل منها: -          رسالة إلى  كيان العدو أنّ الأسرى يملكون رغم أسرهم زمام قرارهم، وأن التعذيب والإذلال ومحاولات السحق ضدهم لن تزيدهم إلا صبرا وصمودا، ولن تزيد شعبنا إلا التفافا من حولهم نصرة لمطالبهم العادلة. -         رسالة إلى الذين ما زال يعشش في عقولهم الفارغة وهم السلام والتعايش مع المحتلّ أن هذا الوهم غير وارد مهما طال الزمن، وأن العيش خلف القضبان وقيوده وظلامه سنوات طويلة لن يزيدنا إلا مزيدا من الإصرار والتحدّي، وأن حرية الوطن من حرية الأسرى. -         رسالة إلى شعبنا وقواه وفصائله بأن معركة الأمعاء الخاوية هي من أوراق القوة لديهم ؛ فالأسرى الذين يصمدون في معركة الأمعاء الخاوية يقولون لشعبنا المحاصر في القطاع مزيدا من الصبر والصمود، ويقولون للفصائل الآسرة للجندي الصهيوني جلعاد شاليط عليكم بالصمود في وجه كل الضغوط حتى إتمام صفقة التبادل بشروط المقاومة، فهي خيط الأمل الذي عليه نحيا.