خبر : عدم تحقيق المصالحة .. خيانة .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي

الجمعة 16 أبريل 2010 12:20 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عدم تحقيق المصالحة .. خيانة .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي



لم تعد أخبار المصالحة الوطنية تتصدر اهتمام الصحف ووكالات الأنباء ولم يعد يسأل عن تفاصيلها أحد , وبرزت العناوين والكتابات المتشائمة من تحقيق المصالحة الفلسطينية , وغابت عن الاهتمام الشعبي أمام زحمة الأحداث المتتالية التى تفرضها الأجندة الإسرائيلية , وأصبحنا غير قادرين على ملاحقة القرارات والممارسات الإسرائيلية , وأصبح الحدث الأهم هو الحدث الأبرز وليس الذي سبقه , وكأنها ذات السياسة الإسرائيلية القديمة الجديدة تتكرر , وتذكرنا بالأساطير اليهودية القديمة وقصص الحاخامات مع شعوبهم عندما يغالون فى الشدة حتى يرى الناس أن ما بهم نعمة من الله يجب أن يشكروه عليها , قضايا كثيرة تفرضها إسرائيل على وسائل إعلامنا وتعرف كيف تشغل عقولنا فى قضايا هي تريدها وتبعدنا عن قضايا لا تريدنا التركيز عليها , وهذا أحد أهم ألوان فنون الاحتلال العقلي والثقافي الذي أصبح مسيطر على العقول , وأصبح مستقبل المصالحة الفلسطينية فى عالم المجهول ومستقبل القضية الفلسطينية فى عالم من التيه والضياع , وأصبح قطاع غزة عالم بحد ذاته بمشاكله وطرق حلها من كهرباء وحدود ومعابر وحصار وأنفاق ومقاومة وحكومة وفصائل وعلاقات خارجية وداخلية وأمن وسياسة ومستقبل وحاضر وفكر وثقافة , كل ذلك لا نظير له فى الضفة الغربية فهناك أيضا عالم آخر من حكومة ورئاسة وسياسة وحدود ومقاومة وفصائل وعلاقات داخلية وخارجية وحصار وجدار وأراضي وفكر وثقافة , لم نعد شعب واحد أو وطن وقضية واحدة هكذا يراد لنا أن نفكر أو نعيش , وهكذا يراد أن تسير الأمور وهكذا ننساق بإرادتنا أم رغما عنا لما هو مرسوم ومخطط من جهات لا نعلمها تماما . لم يعد اليوم الحديث عن تحقيق المصالحة الوطنية كما كان بالأمس بل أخذت الأمور منحى جديدا , والأمور تسير نحو ترسيخ وشرعنة الوضع القائم , لم يعد مطروحا تشكيل حكومة وحدة وطنية بديلا عن الحكومتين القائمتين في غزة والضفة الغربية , بل أصبح الحديث والجهود حول عمل آلية تنسيق بين الحكومتين واعتراف كل منهما بالآخر ليس باللسان والإعلان بل بفعل الأمر الواقع , فلم يعد محرما اللقاء مع أركان حكومة غزة من قيادات بارزة لحركة فتح ومن أمثلة تلك اللقاءات ما حدث بين الأخ نبيل شعث – عضو اللجنة المركزية لحركة فتح - حين التقى الأخ اسماعيل هنية – رئيس حكومة غزة - , والأخ صخر بسيسو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح – التقى مع الأخ باسم نعيم – وزير الشباب والرياضة فى حكومة غزة – وحل مشكلة النوادي الرياضية , وكذلك التقى الأخ سفيان ابو زايدة – عضو المجلس الثوري لحركة فتح – مع الأخ فتحي حماد - وزير الداخلية فى حكومة غزة – لمناقشة قضايا تخص أبناء حركة فتح فى غزة , وكذلك التنسيق المميز بين وزارتي التربية والتعليم فى الضفة وغزة فيما يتعلق بامتحانات الثانوية العامة وكذلك وزارتي الحج والعمرة فيما يتعلق بسفر الحجاج , وغير ذلك من الخطوات الأساسية والمهمة لتسيير حياة المواطنين وتخفيف حدة الأوضاع , كل ذلك يؤكد على حقيقة واحدة هي أننا نتجه لصياغة مرحلة جديدة فى تاريخ الشعب الفلسطيني وهو ترسيخ حالة الانقسام والتعايش معها لفترة قد تكون – لا سمح الله – طويلة , وكما قلنا فى مقال سابق فقد حاول البعض أن يلبس على الانقسام لباس الوطنية والمصلحة العامة وهي تفرد القيادة فى رام الله فى مواجهة الاحتلال دون حمل عبء مشاركة حماس فى السلطة لأن هذا قد يغضب الأمريكان والمجتمع الدولي منا , ولكن هل تحقق شيء من تلك السياسة الملعونة , النتيجة أننا فقدنا كل شيء , وربح الكيان الإسرائيلي كل شيء , ولم نعد نملك شيء نبكي عليه إذا خسرناه , وهل بعد خسارتنا لأنفسنا خسارة , لأن خسارتنا لأنفسنا أخطر من خسارتنا للأرض والمقدسات , لأن الأرض يمكن أن نستردها بأنفسنا فى يوم من الأيام ولكن عندما نخسر ذاتنا فمن سيعيدها لنا ومن سيعيد الأرض ويحمي المقدسات . إن استمرار هذا الحال الفلسطيني من البؤس والانقسام خطيئة يتحملها قادة الشعب من قيادات حزبية وفكرية وثقافية وكل مسئول قادر أن يبذل جهدا ولو بسيطا من أجل رفض هذا الواقع الفلسطيني الذي يصب كله بدون أدنى شك فى مصلحة عدونا , والغريب أن كافة الأطراف تعترف أن هذا الانقسام الأسود لا يخدم سوى أهداف شعبنا وبالرغم من ذلك يستمر الانقسام بأيدي تلك القيادات , ولذلك فلا شك أن استمرار هذا الانقسام هو خيانة وطنية كبرى وسيلعن التاريخ أطرافه وسيذكرهم بأسوأ الذكريات كما ذكر من سبقهم من أصحاب الهزائم والنكبات , كيف يمكن أن نضع مستقبلنا فى يد من كنا نعتبرهم فى يوم من الأيام بأنهم أنظمة كفر وخيانة ؟ كيف وصل بنا الحال أن نتمنى لقاء ودعم من كتبنا فى حقهم بأنهم قتلة ومتآمرون على تاريخنا واعترفنا سلفا بأطماعهم وحقدهم التاريخي على أمتنا ؟ وكيف ننتظر الدعم والحل من دول هي ذاتها الداعم الأساسي والاستراتيجي لعدونا ؟ وهل أصبحنا معلقين بين هؤلاء الأعداء وبين قطبين أحدهم يقتلنا بالحديد والآخر يقتلنا بالحرير ؟ هل من صحوة ومراجعة للذات أيها القادة ؟ هل حقاً – كما يقال – لم تعد المصالحة ملكا للفلسطينيين وعلينا انتظار القرارات من تلك الأنظمة ؟ هل أصبحنا مرتبطين بالملف النووي الإيراني والعلاقات الأمريكية الإيرانية ؟ أم مرتبطين بالمصالحات العربية ؟ وعلى كلا الأمرين – إن صحت تلك المزاعم - على شعبنا وقضيتنا السلام .     رئيس مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps