خبر : الإعدام ليس اعترافا وطلقة... بقلم: عامر أبو شباب

الخميس 15 أبريل 2010 02:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
الإعدام ليس اعترافا وطلقة... بقلم: عامر أبو شباب



وجود العملاء لدى أي شعب محتل ظاهرة طبيعية والحزم في التعامل معها كان ولا زال مبدأ ثابت لدى كل حركات التحرر، وكذلك منطلقات التشريعات المعاصرة المشددة على أهمية الحق في الحياة والحفاظ عليها مقبولة ومشروعة على اعتبار أن الحق في الحياة هو أهم الحقوق، وللإسلام كدين مواقف واضحة ومتقدمة في هذا السياق عبر التشديد على أن هدم كل الرموز الدينية بما فيها الكعبة أهون من قتل مسلم بغير حق، والنص على أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ولعل هذا مدخل لفهم أن الإسلام لا يجيز القتل إلا في حالتين الأولى القصاص من قاتل بقتله وذلك لحفظ الحق في الحياة فالجزاء من جنس العمل، و الحالة الثانية وهي القتل مقابل الفساد في الأرض فإذا اعتبرنا أن الحالة الأولى قد تكون سهلة التحقيق فالقاتل العمد يقتل، لكن الحالة الثانية في القتل مقابل الفساد تحتاج لمعايير ووسائل وجهات اختصاص وحكمة في تطبيق الأمر. مما سبق قد يتفق العقل والعاطفة على أهمية الحزم في التعامل مع ملف التجسس والخيانة، لكن الوسائل والمعايير والسياق والتوقيت والمكان كلها أمور لازمة، وهنا يمكن أن نعود بالذاكرة إلى نهاية الانتفاضة الأولى عندما كان قتل المشتبه بهم أسهل من قتل قطة ومآرب حامت حولها الكثير من الشبهات والحقائق. وبناء على كل ما سبق وغيره مما يدور في ذهن القارئ الآن يجب الوقوف عند موضوع إعدام العملاء من قبل حكومة حماس بغزة من زاويتين عبر طرح العديد من التساؤلات حولهما. في الزاوية الأولى يمكن أن نطرح الأسئلة التالية حول من هي جهة التنفيذ ؟ وما مدى تخصصها؟ وما المعايير التي اعتمدت عليها ؟ وما حجم الأدلة المطلوبة ومدى قطعيتها؟ وما أدواتها في التحري والتحقيق؟ وما مستويات العمالة وما حدود عقاب كل مستوى؟ ومن الذين يجوز إعدامهم ومن الذين يمكن تأجيلهم؟ وما هي الخطة الأمنية والاجتماعية والسياسية المتبعة في التعامل مع هذا الملف المتشابك؟ وكيف سيتم التعامل مع ذويهم وخصوصا أبنائهم قبل تنفيذ الحكم وأثناءه وبعده، فالضحية في هذه الحالة لن يكون المتهم فقط؟ وهل تم هذا القرار بناء على إجماع وطني لإعطائه شريعة أشمل ولتحمل جماعي مشترك للمسؤولية ؟ ثم متى يبدأ هذا الأمر ومتى ينتهي؟ هذه أسئلة مفتوحة ومغلقة تفتح الباب لتساؤلات أكبر وأكثر تفصيل ودقة فالأمر جلل. أما الزاوية الثانية فهي تتعلق بتأثير ذلك على واقع الانقسام وتوسيع الفجوة الوطنية من خلال هذا المدخل الجديد والشائك في ضوء الصراع الدائر على السلطات والشرعيات وتقاسم شبه السلطة وثروات المساعدات والمعونات والهبات والأموال المسيسة وغير المسيسة، لان فتح هذا الباب على مصرعيه سيكون مدخل للشر وتبادل الاتهامات وإحراج الخصوم، لهذا فتح هذا الملف أو إغلاقه يجب أن يكون محكما بدقة وعناية  فكل الحركات الوطنية عرضه للاختراق من قبل العدو وهنا مكمن أخر للخطورة. الأمر الثاني يتمثل في أن قوانين الدول التي جعلت قرار الإعدام حصري بيد رئيس الدولة أو رئيس الكيان السياسي لم تضعه لخدمة الرئيس أبو مازن، ولكن لإضفاء أعلى درجات المسؤولية الوطنية على هذا القرار، فالتعامل مع هذا الملف يحتاج لمسؤولية كاملة للتعامل معه ومعالجة أثاره، فهل وُضع ذلك في حسبان منفذ القرار مع إشارة للمقارنة أن قطاع غزة لا يوجد به مؤسسات استشفائية مختصة أو ثقافة وطنية للناس  للتعامل مع مدمني المخدرات فما بالكم في التعامل مع العملاء أو ذويهم الأبرياء.   لذلك فإن المساس بأرواح الناس وأعراضهم وشرفهم حقوق لا تقبل الخطأ بالنظر للحقوق في حد ذاتها والواقع الاجتماعي فضلا عن الواقع السياسي.. فالأمر يحتاج أكثر من اعتراف وطلقة.       صحفيقطاع غزة- فلسطين amer1mh@gmail.com