رام الله / سما / وقع د. محمد اشتية وزير الأشغال العامة والإسكان، اليوم، اتفاقية لبناء مبان جديدة في مقر المقاطعة بنابلس، ضمن المرحلة الثانية من مشروع إعادة بناء مقر المقاطعة الذي دمرته سلطات الاحتلال. وتشمل المرحلة الثانية من المشروع، الذي من المتوقع أن ينتهي عام 2012، تشييد مبنى وزارة الداخلية والمحافظة والأمن الوطني ومبان عامة في المقاطعة، بتكلفة مرحلية تبلغ 32 مليون و900 ألف شيقل، بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وشدد اشتية على أهمية بناء المقاطعات التي تعد مبان سيادية، وقال: ’يأتي هذا المشروع ضمن خطة الحكومة لإعادة بناء مقار بناء المقاطعات التي هدمها الاحتلال في محافظات الضفة الغربية، على اعتبار أنها رمز من رموز السيادة، كما أننا ننظر إلى هذا المشروع بكل الأهمية كونه يسهم في التحضير لإقامة الدولة المستقلة ومؤسساتها القادرة على حفظ النظام وفرض سلطة القانون، لما للأمن من أهمية في حياة المواطنين وتأثير على الانتعاش الاقتصادي’. وأضاف: ’إننا ونحن نعيد بناء ما هدمه الاحتلال في نابلس، لا ننسى قطرات دم الشهداء الذين سقطوا تحت أنقاضه، ففي ظل زخات القنابل وعلى مدار ثلاثة أيام، تحول مجمع البنايات الحكومية في مدينة نابلس المعروف بمقر المقاطعة إلى دمار.. تاركا خلفه قصص آلام ومعاناة’. وشكر د. اشتية الاتحاد الأوروبي على دعمه المتواصل للشعب الفلسطيني، مهنئا المقاولين الذين رست عليهم العطاءات، وطالبا منهم إنجاز العمل على أتم وجه، كما قدم شكره لمهندسي وزارة الأشغال العامة والإسكان وموظفيها على انجازهم العمل على أتم وجه وبكل أمانة. وختم د. اشتية حديثه قائلا: ’كل ما تقوم به السلطة هو من أجل ينعم المواطن الفلسطيني بالأمن ويشعر بالاستقرار، ويهمنا أن يعلم المواطن أن كل ما نقوم به، سواء من بناء مؤسسات ومشاريع طرق أو إسكان، هو تحضير لإنهاء الاحتلال والتبعية له وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القادرة على الحياة’. بدوره، قال ميشيل لالوجي رئيس قسم البنية التحتية والمياه والطاقة في الاتحاد الأوروبي إن هذا المشروع هو جزء من التوجه العام للاتحاد الأوروبي لتعزيز مبادئ الحكم الصالح وسيادة القانون في فلسطين. وحيا لولوجي وزارة الأشغال العامة والإسكان على التعاون الذي أبدته وعلى حسن سير العمل في هذا المشروع. ويتألف مبنى خدمات الأمن الوطني من 4 طوابق بمساحة إجمالية تبلغ 3480 متر مربع، بينما يتألف مبنى وزارة الداخلية من 4 طوابق بمساحة إجمالية 1760م²، أما مبنى المحافظة فيتألف من 5 طوابق بمساحة 3300 م² بكلفة إجمالية تبلغ 18 مليون و900 ألف شيقل. أما مبنى الأركان ومبنى قائد المنطقة، فيتألف من 4 طوابق بمساحة إجمالية 3490م²، بينما يتألف مبنى القائد العام من 6 طوابق بمساحة إجمالية 4000 م²، وتبلغ قيمة العقد 13 مليون و900 ألف شيقل. وتبلغ مساحة الأرض المنوي إقامة المشروع عليها 48,966 م²، بينما تبلغ المساحة الكلية للأبنية 41,580 م². وتشمل المباني المنوي إنشاؤها ضمن مقاطعة نابلس مبنى وزارة الداخلية، ومقر المحافظة، ومبنى الأمن الوطني والشرطة، ومبنى الأمن الوقائي والمخابرات العامة، ومركز الإصلاح والتأهيل، وعددا من المباني العامة الأخرى. وسيتم الانتقال في الفترة القادمة إلى المرحلة الثالثة من المشروع، والتي تشمل بناء مركز الإصلاح والتأهيل ومبنى الشرطة والأعمال الخاصة بتكلفة تتجاوز 17 مليون شيقل. وكانت الوزارة أنهت المرحلة الأولى من عملية إعادة البناء بتكلفة بلغت 5.4 مليون شيقل بحيث اشتملت الأعمال على تنفيذ أعمال الحفريات وإنشاء الأسوار الخارجية والجدران الاستنادية والبنى التحتية الأفقية في الموقع. كما أزالت الوزارة أنقاض مقر المقاطعة القديم، التي كانت تضم مقراً للمحافظة وقوات الأمن الفلسطيني التي دمرتها قوات الاحتلال خلال الاجتياحات المتكررة للمدينة. وكانت وزارة الأشغال العامة والإسكان طرحت عطاء التصميم وإعداد وثائق العطاءات لعدة مقاطعات بالضفة الغربية دمرت خلال الاجتياح الإسرائيلي، وهي مقاطعات جنين ونابلس وطولكرم وأريحا وبيت لحم والخليل. وتقوم فلسفة المشروع على أن يعكس التصميم أهمية ووظيفة المشروع وهي: النظام والقانون والسيادة والأمن وخدمة المواطنين، حيث تم تصميم المباني معماريا بشكل يتناسب مع طبيعة المشروع ويكون متجانسا مع النسيج العمراني الفلسطيني ومعبرا عن الهوية الفلسطينية. وخلال تصميم النظام الإنشائي، تم أخذ المتطلبات الخاصة للأبنية في عين الاعتبار، وخاصة الأمنية منها، حيث صممت العناصر بشكل مقاوم للأحمال يعتمد على وظيفة كل مبنى. كما تم وضع نظام ميكانيكي حديث يعتمد على إدخال التكنولوجيا الحديثة والطاقة الشمسية في البناء. والمقاطعة هي مكان حاكم أو محافظ الإقليم، وتشمل بنايات وسجن للمجرمين، وتعود نشأتها في فلسطين إلى الدولة العثمانية التي أسست عددا من المقاطعات مثل نابلس وجنين والخليل. وفي فترة الانتداب البريطاني أضيفت إلى المقاطعات عدة مبان، ثم أقام المحافظون فيها كحكام أقاليم، وكون حكام فلسطين كانوا أجانب أو مرتبطين بهم، فقد نفر الناس من المكان وكرهوه لأنه يرتبط بذكريات أليمة. وبعد عام 1967، استولى الاحتلال الإسرائيلي على مقر المقاطعة في المدن الفلسطينية، ومنها نابلس حيث استخدمها مقراً للحاكم العسكري في المدينة، وترسخت في الذاكرة على أنها مقر للتعذيب في الزنازين ومقراً للاعتقال، حيث باتت تعرف بِسجن نابلس المركزي الذي يعتبر من أكثر السجون قساوة ووحشية. وفي ظل السلطة الفلسطينية، عادت لمقرات الحكم العسكري الإسرائيلي أسماؤها القديمة ’المقاطعات’ واستخدمتها قوات الأمن. ومع انتفاضة الأقصى دمرت سلطات الاحتلال المقاطعات بصواريخ الطائرات والجرافات، هادمة بذلك تاريخاً طويلا للعمارة العسكرية والإدارية للحكومات والدول التي تعاقبت على حكم فلسطين ومعها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، قاصدة بذلك تدمير السلطة ورموزها وأماكن وجودها.