تحت العنوان المتملص "تحقيقات حملة غزة: آخر الانباء"، رفعت اسرائيل اول امس، كما طلب منها ردها الى الامين العام للامم المتحدة في اعقاب تقرير غولدستون. غولدستون لا يذكر في 46 صفحة من الوثيقة الاسرائيلية، وكذلك ايضا عدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية وهكذا فان اسرائيل تواصل سياسة الطمس، التي بدأت برفض التعاون مع لجنة غولدستون وتتواصل في رفضها لتشكيل لجنة تحقيق اسرائيلية. تفاصيل التفاصيل التي تظهر في الوثيقة عن 150 تحقيق اجراه الجيش الاسرائيلي، منها 36 تحقيق جنائي، لا تنجح في الاقناع بأنه جرى ما يكفي من أجل تقصي الحقيقة. ويمكن الافتراض بأن الامم المتحدة لن تكتفي برد اسرائيل، وخطر نقل البحث الى المحكمة الجنائية الدولية سيزداد فقط. رغم ما كتب في الوثيقة، لا يمكن ان نرى في التحقيقات التي اجراها الجيش الاسرائيلي وسيلة كافية، ليس فقط لارضاء العالم بل واولا وقبل كل شيء لاستيضاح الحقيقة. الجيش الاسرائيلي يعترف في الوثيقة بسلسلة من "الاخطاء العملياتية والاستخبارية" التي كلفت في معظمها حياة ابرياء، ولكن الجندي الوحيد الذي قدم الى المحاكمة حتى الان هو ذاك الذي سرق بطاقة ائتمان من احد سكان غزة. يمكن الافتراض بأن العالم سيسخر في ضوء هذه النتيجة. العدد الكبير نسبيا من الاحداث التي حقق فيها الجيش الاسرائيلي بالقياس الى حروب الماضي، يعزز بالطبع الحاجة الى تحقيق مستقل. فمعظم هذه الاحداث حقق فيها الجيش الاسرائيلي في اعقاب تحقيقات أجرتها الصحف ومنظمات حقوق الانسان، اسرائيلية ودولية. وفي ذروة حملة التحريض التي جرت ضد هذه المنظمات في اسرائيل يجدر الانتباه الى ان الجيش الاسرائيلي بالذات اضطر الى خدماتها حتى وان كان لاجل الحصول على معلومات. سياسة تشويش الشبهات لم تبدأ في "رصاص مصبوب"؛ فقد بدأت في انتفاضة الاقصى مع القرار الفضائحي للجيش الاسرائيلي بعدم التحقيق في كل حالة قتل للفلسطينيين. والان ثبت أن تقصي الحقيقة في الجيش الاسرائيلي غير ممكن، اذا كان على الاطلاق ممكنا، الا تحت ضغط دولي. ومع كل الاحترام لمكانة النائب العسكري الرفيعة والتي تشدد عليها الوثيقة، فانه الى ان تتشكل لجنة تحقيق رسمية ستواصل الشبهات تحوم فوق اسرائيل، وتقلق كل واحد من مواطنيها الذين يسعون الى معرفة ماذا حصل في غزة. وعليه، فقبل لحظة من ان يكون فات الاوان، مرة اخرى نوجه الدعوى الى التشكيل الفوري للجنة التحقيق، في صالح الحقيقة وفي صالح مكانتنا الدولية.