واشنطن تصر على إسقاط أي إشارة للبند السابع من مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 10:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
واشنطن تصر على إسقاط أي إشارة للبند السابع من مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة



واشنطن/سما/

عقد مجلس الأمن صباح الثلاثاء جلسة مغلقة للتشاور حول نص مشروع القرار الداعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة فورا، والذي صاغته كل من الجزائر وغيانا وسويسرا واليابان وكوريا الجنوبية وسيراليون وموزمبيق ومالطا والإكوادور، وسلوفينيا، وهي الدول المنتخبة في المجلس (غير الدائمة)، لكن اليابان انسحبت من قائمة رعاة مشروع القرار لاحقا.

وعلمت “القدس العربي” أن الولايات المتحدة هددت باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار، على الرغم من تخفيف اللغة بشكل كبير وإسقاط أي إشارة لموضوع الفصل السابع أو العقوبات والمساءلة.

وقد تعرض نص المشروع إلى عدة تعديلات حيث وضع يوم الأحد الماضي بصيغته الرابعة منذ توزيعه على أعضاء المجلس يوم 4 تشرين الثاني / نوفمبر، بمسودته التي تسمى “المسودة صفر” أي الخاضعة للتعديلات والمفاوضات. ومن المتوقع أن يتم التصويت عليه يوم الأربعاء.

وكانت الدول غير دائمة العضوية قد توافقت على ضرورة اعتماد قرار جديد يذهب أبعد من المشاريع السابقة، ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار ويعكس ما يحدث على الأرض، وينص على أن الوضع “أصبح يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين”، وهي إشارة إلى الفصل السابع” دون ذكره لتجنب الفيتو الأمريكي كي لا يكرر مشروع القرار ما اعتمد قبله من قرارات أربعة بقيت حبرا على ورق”.

ووضعت الولايات المتحدة في مفاوضاتها عددا من الخطوط الحمر أبرزها الإشارة المتعلقة بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والتي نصت على أن الوضع في غزة والتطورات الإقليمية أصبحت تشكل تهديداً على الأمن والسلم الدوليين. وقد تم حذفها في مسودات لاحقة وتخفيف اللغة لتكون أكثر “اعتدالاً” وأقل مباشرة لمحاولة استمالة الولايات المتحدة، في الوقت الذي أصرت فيه الدول غير دائمة العضوية على ضرورة أن يستمر المشروع على الأقل بالمطالبة بوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار وكذلك إطلاق سراح الرهائن غير المشروط.

وكانت المسودة الأولى لمشروع القرار قد نصت على أن مجلس الأمن “يقرر أن الوضع في قطاع غزة والتصعيد الإقليمي يشكلان تهديداً للسلم والأمن الدوليين، ويطالب بوقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط والدائم الذي تلتزم به جميع الأطراف”. وأصبحت الفقرة الجديدة: “يذكّر مجلس الأمن بالمسؤولية الأساسية المتمثلة في دعم السلام والأمن الدوليين ويطالب بوقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط والدائم الذي يتعين على جميع الأطراف احترامه”. وبهذا أفرغت الفقرة من أهم جزء فيها أي “الإقرار بوجود تهديد للأمن والسلم الدوليين” وتبعات ذلك المتعلقة باللجوء للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يعني أن عدم التزام الأطراف بالقرار، قد يفتح الباب أمام إمكانيات مختلفة، بما فيها فرض عقوبات على أطراف النزاع لعدم امتثالها لبنود القرار.

وقد نصّت المسودة الأولى كذلك على إشارة مجلس الأمن “إلى الأوامر المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في قضية تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل) المؤرخة 26 كانون الثاني/ يناير و28 آذار/ مارس و24 أيار/ مايو 2024”. وهنا كذلك تم تعديل الفقرة، لاعتراضات أمريكية كذلك، حيث أصبحت الفقرة عامة ورخوة بدون ذكر غزة لتنص على “وإذ يؤكد (مجلس الأمن) أن احترام محكمة العدل الدولية ووظائفها، بما في ذلك ممارسة اختصاصها الاستشاري، وأمرها باتخاذ التدابير المؤقتة، أمر أساسي للقانون الدولي والعدالة والنظام الدولي القائم على سيادة القانون”.

وشملت الاعتراضات الأمريكية الفقرة التنفيذية السادسة المتعلقة بوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) والتي نصت بعد تأكيد على دور الوكالة وأهميتها للاستجابة الإنسانية، أن مجلس الأمن “يرفض الإجراءات التي تقوض تنفيذ ولاية الوكالة، ويرحب بالتزام الأمين العام والوكالة بالتنفيذ الكامل لتوصيات المراجعة المستقلة للآليات والإجراءات لضمان التزام أونروا بمبدأ الحياد الإنساني. ويدعو جميع الأطراف إلى تمكين أونروا من تنفيذ ولايتها، كما اعتمدتها الجمعية العامة، في جميع مناطق العمليات، مع الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، وحماية مرافق الأمم المتحدة والمرافق الإنسانية، كل ذلك وفقاً للقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.

وعند مقارنة المسودة صفر بالمسودة المسربة والتعديلات، يُلاحَظ شطب الجملة في الفقرة آنفة الذكر التي تنص على “رفض مجلس الأمن الإجراءات التي تقوض تنفيذ ولاية الوكالة بسبب الاعتراضات الأمريكية. وتعود أهمية الجملة المشطوبة، وإن كانت لا تسمي إسرائيل بالاسم، إلى إشارتها بشكل غير مباشر، للقانون الذي اعتمده الكنيست الإسرائيلي مؤخراً والذي يوقف عمليات “أونروا” في الأراضي المحتلة مع نهاية شهر كانون الثاني/ يناير 2025.

ويبدو أن الدول غير دائمة العضوية، قد وافقت على مضض، على “تخفيف” لغة مشروع القرار كي تتجنب الفيتو الأمريكي، وهو ما أدى إلى إضعافه لدرجة كبيرة ونسف المبدأ الذي بادرت من أجله لصياغة مشروع يرتفع به مجلس الأمن لمستوى المسؤولية ويعكس ما يحدث على أرض الواقع، الذي لا شك يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين. ومع كل هذه التعديلات والتخفيفات إلا أن مندوبة الولايات المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، قد تنهي ولايتها في عهد الرئيس بايدن كسفيرة لبلادها في الأمم المتحدة، باستخدام الفيتو من جديد لتحمي إسرائيل من أي مساءلة أو ضغط حقيقي، حسب بعض الإشارات من بعض الدبلوماسيين في الأمم المتحدة.