عبرّ روجر ووترز، الموسيقيّ الإنجليزيّ والمؤسس المشارك لفرقة الروك الشهيرة (بينك فلويد)، عن غضبه لما يحدث في قطاع غزة من قبل الاحتلال الإسرائيليّ في فيديو على صفحته الشخصية على موقع الصور إنستجرام الذى علق عليه قائلا:” أنت لست وحدك”، وقام بوضع علم فلسطين بجانب جملته.
وقال ووترز في الفيديو:” شاهدت فيديو للشاب وهو يحترق داخل خيمة، خارج مستشفى الأقصى في شمال غزة، إسرائيل دولة إبادة مقززة، أكثر ممّا يمكن تصوره، لو أنّك لاعب كرة قدم وتلعب في دوري الأمم الأوروبية، ودخلت إلى الملعب برفقة أيّ شخصٍ من إسرائيل بما في ذلك فريقها الوطنيّ بأكمله، فأنت شريك في قتل هذا الشاب الذى احترق داخل خيمته، خارج مستشفى الأقصى في شمال غزة”.
وتابع ووترز في الفيديو قائلاً: “أحلم بمستقبل يتمتع فيه جميع إخواني وأخواتي في كل أنحاء العالم بداية من فلسطين بحقوق إنسانية متساوية، بغضّ النظر عن عرقهم أوْ دينهم أوْ جنسيتهم، أحلم بالسلام في الشرق الأوسط، أحلم بدولةٍ ديمقراطيّةٍ واحدةٍ من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، وجميع مَنْ فيها أحرار ولهم حقوق متساوية، هذا هو المستقبل الوحيد الممكن للبشرية، لا مزيد من الشبان المحترقين خارج المستشفيات، سنتخلص من العنف وهاريس وترامب وستارمر، ونستبدلهم برجال ونساء عقلاء إلى أنْ تفيض أروقة السلطة بالحب والاهتمام، لكل إخواننا وأخواتنا”، على حدّ تعبيره.
وكان ووترز نشر مقالاً في صحيفة الغارديان، عبَّر فيه عن دعمه للفلسطينيين ورفضه سياسة الفصل العنصري التي تنتهجها إسرائيل.
وقال في المقال إنّه قد تمّ التعاقد معه لتقديم عروضٍ موسيقيّةٍ في تل أبيب، إلّا أنّ فلسطينيين من حركة تدعو إلى المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل تواصلوا معه وشرحوا له الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وطلبوا منه المجيء إلى فلسطين كي يعاين الأمر بنفسه.
وبالفعل، زار ووترز القدس وبيت لحم تحت حماية الأمم المتحدة، وشاهد بنفسه جدار الفصل العنصري، ومنذ ذلك اليوم قرر الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، وامتنع عن إقامة حفلات في تل أبيب، لأنّ ذلك قد يعطي شرعية للحكومة الإسرائيلية.
وتحدث ووترز في مقاله عن سكان غزة كذلك، قائلاً إنّهم “مسجونون فعليًا خلف جدار الحصار الإسرائيليّ غير القانونيّ”، ووصف معاناة الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية وانعدام الأمان.
وقال “برأيي، يتوجب على جميع المنصفين في أنحاء العالم أنْ يدعموا القضية الفلسطينية، بسبب السيطرة المقيتة والقاسية التي تمارسها إسرائيل على الفلسطينيين المحاصرين في غزة، والفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة (بما في ذلك القدس الشرقية)، إلى جانب حرمانها اللاجئين من حقوقهم في العودة إلى ديارهم”.
وإلى جانب موقفه الشخصي من القضية الفلسطينية، شجع ووترز زملاءه الموسيقيين على اتباع النهج ذاته. فعلى سبيل المثال، طلب عام 2013 من الموسيقي ستيفي وندر الامتناع عن أداء حفلٍ موسيقيٍّ لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي.
اتهامات بمعاداة السامية
لم يمرّ موقف ووترز الداعم لفلسطين مرور الكرام، لذلك ألصقت به تهمة “معاداة السامية”، وتعرّض لحملاتٍ ممنهجةٍ على مواقع التواصل الاجتماعيّ، إلّا أنّه بقي مع ذلك متمسكًا بموقفه.
وعادت الاتهامات بمعاداة السامية للظهور مجددًا بعد عرض مثير للجدل قدمه ووترز في ألمانيا في أيار (مايو) 2023، إذ ارتدى في الحفل زيًا شبيهًا بزيّ قوات الأمن الخاصة النازية، وعرض على الشاشة أسماء عديدة كان من بينها: آنا فرانك، وجورج فلويد، وشيرين أبو عاقلة.
يذكر أنّ آنا فرانك هي مراهقة يهودية قتلت خلال الهولوكوست، وتعتبر مذكراتها الشخصية واحدة من أشهر الروايات التي توثق تلك المرحلة، أمّا جورج فلويد فقد قتل على يد الشرطة الأمريكية، وقتلت الصحفية شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيليّ.
وبعد هذا العرض، فسّر البعض ارتداءه الزي النازي على أنّه “خطاب كراهية” ضد اليهود، كما اعتبروا أنّ الربط بين اسميْ آن فرانك وشيرين أبو عاقلة يحمل معاني “معادية للسامية”، وهكذا تجددت الاتهامات التي تستهدف ووترز.
حتى إنّ بعض اللوبيات الإسرائيلية شنّت حملات ضده، محاولة إلغاء حفلاته في عدة أنحاء من العالم، وقد نجحت في مسعاها ذلك في فرانكفورت الألمانية، حيث ألغيت حفلة كانت مقررة له بحجة أنّه “يعتبر أحد أبرز المعادين للسامية وأكثرهم تأثيرًا في العالم”.
ومن جهته، أوضح ووترز أنّ الحملات ضده يقودها أشخاص “يريدون تشويه صورته وإسكاته، لأنهم يختلفون معه في آرائه السياسية وقيمه الأخلاقية”.
وأضاف أنّ العرض الذي قدّمه في ألمانيا “ليس إلّا موقفًا واضحًا ضد الفاشية والظلم والتعصب، بأشكاله كافة”، واعتبر أنّ “تفسير العرض على أنّه شيء آخر هو محاولات مخادعة وذات دوافع سياسية”.
وبيّن ووترز مرارًا أنّ مواقفه السياسية لا تعني معاداة للسامية أوْ معاداة للشعب اليهودي على الإطلاق، كلّ ما هنالك أنّه يقف بشدة ضدّ انتهاكات الحكومة الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين.
وكان الفنّان البريطانيّ العالميّ ردّ بالقول على سؤالٍ لصحيفة (هآرتس) العبريّة حول عدم إحياء حفلاتٍ في إسرائيل، بالقول: “لا اهتّم لهم ولا أهتّم بهم، جاؤوا لحفلاتي أمْ لا، أنا لا أستطيع تغيير الناس فهذه ليست وظيفتي، منذ سنواتٍ طويلةٍ أتلقّى اقتراحاتٍ بالقدوم إلى تل أبيب وإحياء حفلاتٍ بهدف إقناع الجمهور بصوابية معتقداتي وأفكاري، ولكنْ ردّي كان وما زال وسيبقى، مُقاطعة إسرائيل مُستمرّةً، لأنّي أؤمن إيمانًا قاطِعًا بحُريّة الإنسان”، طبقًا لأقواله.
وفي تصريحٍ آخرٍ صحيفة (هآرتس) العبريّة بأنّه الأكثر تطرفًا وخطرًا، قال ووترز، إنّ “الحلّ في فلسطين التاريخيّة هو حصول الكلّ على حقوقٍ متساويةٍ، وإذا كان تطبيق هذا الأمر سيؤدّي إلى زوال ونهاية الدولة العبريّة، فليكُن”، على حدّ تعبيره.