يديعوت: هل تسمح إسرائيل للسنوار بتحويل “صفقة المخطوفين” إلى نقاش حول “اليوم التالي”؟

الجمعة 19 يوليو 2024 07:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
يديعوت: هل تسمح إسرائيل للسنوار بتحويل “صفقة المخطوفين” إلى نقاش حول “اليوم التالي”؟



القدس المحتلة/سما/

 يديعوت أحرونوت - بقلم: رون بن يشاي

 المفاوضات على صفقة المخطوفين أصبحت في الأسابيع الأخيرة مفاوضات على “اليوم التالي” وهذا هو السبب الذي يجعلها صعبة، ومليئة بالأزمات، وبالأساس طويلة.

التحفظات والمطالب التي طرحتها حماس، هي التي حولت المفاوضات من مساومة على تحرير المخطوفين الإسرائيليين مقابل وقف القتال وتحرير مخربين من السجن الإسرائيلي، إلى مفاوضات على ما سيحصل في القطاع في نهاية الحرب.

عملياً، ما تطالب به حماس شروط تسمح لها في البقاء كجيش إرهاب في القطاع – مهزوم لكن لا يزال قائماً – بل وتستطيع ترميم نفسها. وعليه، تطالب حماس أن يخرج الجيش الإسرائيلي من محور “نتساريم”، ما يسمح لرجالها بالعودة إلى معاقلهم في شمال القطاع، والأهم ألا يتمكن الجيش الإسرائيلي من الإشراف على محور فيلادلفيا ومعبر رفح اللذين تتلقى حماس عبرهما السلاح والمواد الخام لإنتاج السلاح عبر سيناء ومصر.

التعهدات التي تطالب بها حماس من الدول الوسيطة، ومن الولايات المتحدة، وكما يبدو من روسيا والصين أيضاً بألا تتمكن إسرائيل من استئناف القتال، إنما تستهدف نزع حرية عمل إسرائيل العملياتية بالقطاع في اليوم التالي.

هذا العنصر الذي أدخلته حماس إلى المفاوضات، يلزم إسرائيل أيضاً بتقرير المنحى الذي ترغب فيه، المنحى الذي يخدم مصالحها في اليوم التالي لصفقة المخطوفين التي تنهي الحرب وتنقلها إلى وضع يسميه الجيش الإسرائيلي المرحلة الثالثة؛ أي صيانة الإنجازات التكتيكية التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي في القطاع طوال تسعة أشهر.

ما ستحاول إسرائيل تحقيقه في المفاوضات هو ثلاث مصالح: الأولى الحفاظ على السيطرة الميدانية الاستخبارية والقدرة على جمع المعلومات البشرية التي لدى الجيش الإسرائيلي، وأساساً لـ “الشاباك”، ثم الحفاظ على هذا التفوق الاستخباري حيوياً لمنع قدرة حماس على إعادة ترميم نفسها كجيش إرهاب.

المصلحة الثانية هي الحفاظ على حرية العمل العملياتي في القطاع حتى حين يخرج الجيش كله أو معظمه. يدور الحديث عن قدرة على استغلال التفوق الاستخباري جواً وبراً وبحراً، أو من خلال اجتياحات برية، واستعدادات لتنفيذ عمليات إرهاب لمخربين وأساساً قدراتهم على حفر أنفاق جديدة وإنتاج وسائل قتالية وعبوات. الجيش و”الشاباك” ملزمان بأن يكونا قادرين على إحباط كل محاولة لإقامة منظومة صاروخية جديدة.

المصلحة الثالثة هي الوصول إلى تنسيق مع مصر حول تعاون يمنع تهريب وسائل قتالية ومواد خام لإنتاج وسائل قتالية، وكذا منع خروج ودخول غزيين يتدربون ويجمعون المعرفة في إيران. تنسيق كهذا مع مصر قد يعفي من بقاء في محور فيلادلفيا.

حماس لن تقبل ذلك بسهولة، لكن إذا ما أصرت إسرائيل، فلا مفر للسنوار. هو الآخر يتعين عليه أن يلين، لأن الضغط العسكري الإسرائيلي بدأ يعطي بوادره.

على إسرائيل ألا تتنازل عن مصالحها الحيوية في الصفقة، فبالتوازي مع الحرب الاستراتيجية التي ستقرر مستوى الأمن الجسدي القومي لمواطني دولة إسرائيل، فإن صفقة مخطوفين تتربع على الأفضلية الأولى.

كيهود وكبشر، لا يمكننا الوقوف جانباً وعشرات المخطوفين يعانون وتتعرض حياتهم للخطر. فواجب علينا أخلاقياً وإنسانياً فعل كل ما في وسعنا، بما في ذلك تقديم تنازلات أليمة لتحرير المخطوفين الأحياء والأموات، ولنا الحق الأخلاقي بعد ذلك لإعادة احتساب المسار.

إنهاء قضية المخطوفين سيعيد قدراً مناسباً من رص الصفوف والتضامن الداخلي والحصانة القومية للمجتمع الإسرائيلي، بل ويرمم الثقة التي اهتزت في أوساط المجتمع الإسرائيلي بالحكومة التي تديره.

الموضوع الثاني في سلم الأولويات الاستراتيجي هو إنهاء المهمة في قطاع غزة: تدمير وهدم الأغلبية الساحقة من الأنفاق الاستراتيجية ومنظومة إدارة القتال التحت أرضية الهائلة التي بنتها حماس في القطاع. إن أخذ منظومة الأنفاق الاستراتيجية هذه من أيدي حماس و”الجهاد الإسلامي” لن يحرمهما فقط من إمكانية إدارة حرب عصابات قوية ضد قوات الجيش الإسرائيلي، بل ويجبرهم للخروج لوجه الأرض ليكونوا فريسة لقوة نار الجيش الإسرائيلي. بهذا يتشكل حسم عسكري حقيقي ونأخذ من العدو بنيته التحتية وقدرته التكتيكية على إدارة القتال.

وثمة مهمة أخرى لهزيمة حماس لا تقل أهمية، وهي قتل أو قبض أو نفي السنوار وأخيه وواحد أو اثنين آخرين من قيادة حماس الغزية لإيقاع ضربة معنوية على نشطاء منظمة الإرهاب في القطاع.

والمهمة الثالثة هي البدء بإقامة نظام “اليوم التالي” المدني – الحكمي في القطاع، بمشاركة محافل دولية. هذا البدء قد يتم من خلال إعطاء إمكانية للغزيين بإدارة مشاريع مختلفة بأنفسهم، من ترميم شبكات المجاري والنقليات، وتوزيع المساعدات الإنسانية عبر محافل محلية ليسوا رجال حماس؛ ومنع رجال حماس من عرقلتهم والتدخل في عملهم.

لكن المهمة الأهم ستكون في الشمال؛ فقد جرى حديث كثير حتى الآن عن أنه ينبغي السماح لسكان حدود الشمال بالعودة إلى بيوتهم دون أن تهدد “قوة الرضوان” بالانقضاض على بلداتهم ودون أن يكونوا خاضعين كل الوقت لتهديد الصواريخ، وقذائف الهاون، ومضادات الدروع والمُسيرات.

ينبغي القول بوضوح: لن تنتهي المهمة في الشمال عندما يبعد مسلحو حزب الله إلى مسافة عشرة كيلومترات عن حدود دولة إسرائيل ويجرد الجنوب من السلاح. لحزب الله ترسانة هائلة من عشرات آلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الثقيلة التي تعرض كل الجبهة الداخلية الإسرائيلية للخطر. وينبغي الاعتراف بأن الصواريخ والمُسيرات ومضادات الدروع لدى حزب الله لن “تصدأ”، كما قدر ذات مرة رؤساء الأركان في إسرائيل. الحرب الحالية هي على ما يبدو الفرصة الأصح لهدم هذا التهديد قبل أن يجعله حزب الله والإيرانيون، بمعونة السوريين، وحشاً لن تتمكن دولة إسرائيل وحدها من التصدي له. لإسرائيل اليوم قدرة على التصدي لهذا التهديد وحدها، وإذا ما تدخلت إيران فالأمريكيون معنا حتى اليوم. وعلينا التصدي لهذا الوحش، وقد يفعل الجيش الإسرائيلي هذا الآن، بالطبع بتنسيق مع الولايات المتحدة.

 هذه المهمات الثلاث: تحرير المخطوفين، وهزيمة حماس في غزة، وتحييد تهديد حزب الله – إيران في الشمال وفي الشمال الشرقي، هي المهمات التي سنتصدى لها في الأشهر التالية. على السياسيين أن يدركوا كل ما يمنع تحقيق هذه الأهداف ويقضم ما تبقى لنا من شرعية دولية، ويمس بأمن أبنائنا وأحفادنا لعشرات السنين. السياسة والأيديولوجيا يجب أن تبقيا جانباً إلى ما بعد إنهاء مهمات الحرب بنجاح.