كشفت مصادر أمنيّة وسياسيّة في تل أبيب النقاب عن وجود تقدّمٍ في المفاوضات غير المباشرة بين الكيان وحماس لإبرام صفقة تبادلٍ بين الطرفيْن، بيد أنّ المصادر عينها أكّدت أنّه رغم التفاؤل الحذر، فإنّ الأمور لا تتجّه لإبرام الصفقة بين الطرفيْن، علمًا أنّ رئيس جهاز الاستخبارات الخارجيّة (موساد) دافيد بارنيع، انضمّ لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعلن أنّه دون مواصلة الحرب على قطاع غزّة، فإنّ ما أسماها بالإنجازات التي حققها الجيش الإسرائيليّ ستذهب هباءً، على ما نقل عنه موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، صباح اليوم الجمعة.
ووفقًا للمصادر الأمنيّة في تل أبيب، كما أشار محلل الشؤون العسكريّة بصحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، فإنّ ما أسمته المحافل بالتقدّم بسبب تليين مواقف (حماس) يعود للضغط الهائل التي تتعرّض له حركة (حماس) من قبل دولة قطر، والتي تجري على أراضيها المفاوضات غير المُباشرة، مُضيفةً أنّ واشنطن مارست الضغوطات الكبيرة على الدولة الخليجيّة.
وشدّدّ المُحلِّل العسكريّ الإسرائيليّ في سياق تقريره على أنّ تعلّق حركة (حماس) من الناحية الاقتصاديّة بدولة قطر بات كبيرًا جدًا، لافتًا إلى أنّ الأخيرة تُعاني من الحملة الكبيرة ضدّها في واشنطن بسبب الكشف عن أنّها قامت بتمويل المظاهرات ضدّ إسرائيل بمليارات الدولارات، على حدّ قوله.
وقد عدّد رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، في خطابٍ أمس الخميس، الشروط التي وضعتها حكومته في المفاوضات غير المباشرة مع حركة (حماس)، التي تجري بوساطة مشتركة قطرية- مصرية- أمريكية.
وقال نتنياهو، خلال تخريج دورة عسكرية لضباط في جيش الاحتلال، إنّ أيّ اتّفاق “يجب أنْ يسمح لإسرائيل باستئناف القتال (بعد انتهاء فترة الهدنة التي سينصّ عليها) حتى تتحقق أهداف الحرب”، كما اشترط نتنياهو أنْ يتمّ في المرحلة الأولى من الاتفاق الجاري التفاوض عليه “الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الرهائن”.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قدم في أيار (مايو) الماضي خطة للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة (حماس) ووقف إطلاق النار بقطاع غزة. وتتضمن الخطة المبادئ الأساسية لصفقة التبادل وعودة الهدوء التام في قطاع غزة، والتي تعد أساس المفاوضات بين (حماس) وإسرائيل.
وقال نتنياهو “من باب المسؤولية الوطنية، فإنّ أي مقترح صفقة يجب أنْ يتيح لنا العودة للقتال”.
وأكد أنّ “تل أبيب ستستمر في حربها على قطاع غزة حتى تحقيق كافة أهدافها ولو استغرق ذلك وقتًا، زاعمًا في الوقت ذاته أنّ “حماس متمسكة بمطالب تعرض أمن إسرائيل للخطر”.
وتابع: “الطريق إلى إطلاق سراح مختطفينا هو مواصلة الضغط على حماس بكل ما أوتينا من قوة”.
كما أكّد أنّ شرط استمرار سيطرة الجيش على “ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح” اللذين احتلتهما إسرائيل بداية أيار (مايو) هو أحد المبادئ التي طرحتها حكومته في إطار المفاوضات، في حين تشترط حماس من جهتها أنْ ينسحب الجيش الإسرائيلي من هذه المنطقة.
وممرّ فيلادلفيا هو منطقة عازلة عبارة عن شريط ضيّق أنشأه الجيش الإسرائيلي خلال احتلاله الثاني لقطاع غزة (1967-2005). وهذه المنطقة العازلة يبلغ اليوم عرضها مائة متر على الأقلّ، وأكثر من ذلك في بعض الأماكن، وتمتدّ بطول الحدود بين قطاع غزة ومصر والبالغة 14 كيلومترًا.
أمّا معبر رفح فهو نقطة الدخول البرية الرئيسية للمساعدات الإنسانية إلى غزة وصلة الوصل البرية الوحيدة بين القطاع ودولة أخرى غير إسرائيل، والمعبر مغلق منذ شنّت القوات الإسرائيلية مطلع أيار (مايو) هجومًا برّيًا واسعًا على رفح، المدينة الكبيرة التي كان قد نزح إليها غالبية سكان القطاع.
علاوة على ما جاء أعلاه، أوضحت المصادر في الكيان أنّه على الرغم من المفاوضات في كلٍّ من الدوحة والقاهرة، يبدو أنّه حتى اللحظة لا توجد أسبابًا للتفاؤل، على الرغم من أنّ مبعوثي الرئيس بايدن يأملون في إقناع نتنياهو بقبول الصفقة، لأنّ الأخير سيؤجّل ردّه الرسميّ على المقترح إلى ما بعد إلقاء خطابه في الكونغرس يوم الـ 24 من الشهر الجاري، وبعد ذلك سيجِد السبب لعرقلة الصفقة، طبقًا للمصادر التي تحدثت لـ (هآرتس) العبريّة.