في وقت أكدت فيه الأمم المتحدة أن كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة انخفضت بمقدار الثلثين منذ أن بدأت إسرائيل عمليتها العسكرية في منطقة رفح في جنوب القطاع هذا الشهر، ظهر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مدافعًا عن انتهاكات جيشه والاتهامات الحقوقية والأممية بتعمد حجب المساعدات عن القطاع المحاصر قائلا: "إننا نقوم بإدخال نصف مليون طن من الغذاء والدواء إلى غزة".
وزعم نتنياهو في مقابلة مع قناة Sirius XM التي تبث عبر الإنترنت، وحصل موقع بوليتيكو الأميركي على جزء منها، أمس الأربعاء، في سياق رده على تقارير تتحدث عن انتشار الجوع بفعل منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة، أن "هناك الكثير من الطعام.. هناك ثلاثة آلاف سعرة حرارية للشخص الواحد. وهذا أعلى تقريبًا بنحو ألف مرة من المستوى المطلوب"، رغم أن إسرائيل توصل احتلال معبر رفح البري.
وحتى قبيل الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التي منعت خلالها المساعدات عبر إغلاق المعابر، كانت إسرائيل التي تحاصر القطاع منذ العام 2006، تعتمد في سياستها عند السماح بدخول المساعدات على حدّ أدنى يمثل 800 سعرة حرارية بما يبقي الفلسطينيين بالكاد على قيد الحياة.
وبحسب بيانات "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" في منظمة الأغذية والزراعة الأممية، للفترة الممتدّة بين ديسمبر/ كانون الأول 2023 ويناير/ كانون الثاني 2024، فإن 21% من سكان قطاع غزّة يعانون من أزمة غذائية حادّة، و53% منهم يعانون من سوء تغذية حادّ، ويحتاجون إلى إغاثة فورية، فيما 26% من سكان القطاع يعانون من نقص كامل في الغذاء إلى درجة الموت جوعاً.
وتسببت سيطرة جيش الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، في 7 مايو/ أيار الجاري، في إغلاق المعبر الذي يعد الممر الرئيس لدخول المساعدات إلى القطاع، ولسفر المرضى والجرحى للعلاج في الخارج، وهو ما ضاعف الأزمة الإنسانية في غزة. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الاحتلال ينتهج سياسة تجويع تطاول 2.4 مليون إنسان في غزة، بينهم مليونا نازح يعيشون على المساعدات اليومية، بفعل منع إدخال شاحنات المساعدات.
أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقال إن "كمية الغذاء والمساعدات الأخرى التي تدخل غزة، والتي كانت بالفعل غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة، تقلصت بصورة أكبر منذ السابع من مايو، بسبب إغلاق معبر رفح، وعدم القدرة على نقل السلع بشكل آمن ومستمر من معبر كرم أبو سالم، فضلا عن محدودية عمليات التسليم عبر نقاط الدخول الأخرى".
وبشأن استهداف المدنيين بالغارات الإسرائيلية، كرر نتنياهو مزاعم إسرائيل المعهودة منذ بدء الحرب حول بذل جيش الاحتلال قصارى جهده لحماية المدنيين، وذلك بعد أيام من مجزرة ارتكبها في مخيم للنازحين في رفح وراح ضحيتها 45 شهيدًا منهم 23 من النساء والأطفال وكبار السن، ودفعت نتنياهو نفسه لوصفها بـ"المأساوية" بعد تنديد دولي كبير.
نتنياهو يهاجم إدارة بايدن
وحول طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير أمنه يوآف غالانت، قال نتنياهو، خلال المقابلة التي أجرتها مورغان أورتاغوس المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية في إدارة دونالد ترامب، ومن المقرر بثها الأحد المقبل، إنه "مُفاجأ ومحبط" من إدارة بايدن لرفض فرض عقوبات على المحكمة في لاهاي، وهو ما يعد دليلا جديدا،بحسب بوليتكو، على تعمق الخلاف بين القادة الإسرائيليين والأميركيين بشأن كيفية إدارة الحرب على غزة.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قد قال مساء الثلاثاء: "لا نعتقد أن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية هو النهج الصائب هنا"، بعدما أعلن أعضاء جمهوريون في الكونغرس أنهم سيدفعون باتّجاه اتّخاذ تدابير ضد المحكمة.