وسط ضغط من اليسار الفرنسي من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومعارضة اليمين المحافظ والمتطرف للخطوة، يبدو الانقسام سيد الموقف داخل معسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
فبينما أعلن برنار غيتا، رقم 2 على قائمة الأغلبية الرئاسية في الانتخابات الأوروبية المقرر إجراؤها في 9 يونيو/ حزيران المقبل، تأييده للاعتراف بالدولة الفلسطينية، اعتبرت فاليري هاييه، رقم 1 على القائمة نفسها أن “الشروط لم تجتمع بعد” من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وخلال المناظرة التلفزيونية التي أجراها تلفزيون “بي إف م تي في” الخاص، مساء الأحد، بين متصدري قوائم الأحزاب الفرنسية المشاركة في الانتخابات الأوروبية المقبلة، طُرح على الجميع السؤال بشكل واضح: “هل أنت مع أو ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية”؟.
أحزاب اليسار، ممثلة بمرشحة “حزب فرنسا الأبية” ومرشح الحزب “الاشتراكي” ومرشحة حزب “الخضر” (أنصار البيئة) ومرشح الحزب “الشّيوعي” الفرنسي، شددت على أن الوقت قد حان للاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية.
في المقابل، عبر مرشحا حزب ”التجمع الوطني” وحزب “الاسترداد” (يمين متطرف)، ومرشح حزب “الجمهوريون” اليميني المحافظ، عن معارضتهم للاعتراف بالدولة الفلسطينية في هذا التوقيت، معتبرين أن ذلك يصب في مصلحة حركة حماس.
أما مرشحة المعسكر الرئاسي الحاكم (وسط) فاليري هاييه، فاعتبرت أن “الشروط غير مجتمعة” من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مؤكدة رغبتها في “الوصول إلى حل الدولتين”.
وأوضح برنار غيتا، خلال مقابلة مع إذاعة Sud Radio، قائلا “لا يتعلق الأمر بتأييد الفلسطينيين أو الإسرائيليين، بل بتأييد السلام، وإلزام قادة هذين الشعبين بالذهاب إلى طاولة مفاوضات”.
بالنسبة لغوتا، الهدف يجب أن يكون الهدف هو “الوصول إلى التعايش بين الدولتين”.
وإذا كان موقفه هذا غير عادي في صفوف عائلته السياسية، إلا أن برنار غيتا ليس أول من دافع عن هذا الموقف في صفوف المعسكر الرئاسي. فقد شدد وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، في مقابلة مع صحيفة “لو باريزيان”، على أن “الاعتراف بالدولة الفلسطينية أصبح ضروريا”.
واعتبر لودريان، الذي يشغل حالياً منصب المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إلى لبنان، أنّه بدون هذه الخطوة التي من شأنها أن “تعطي قوة جديدة للحل السياسي الوحيد الممكن”، فإن الشرق الأوسط سيظل في “حرب لا نهاية لها”، والتي “تضرب الفلسطينيين بشكل عشوائي”.
ورداً على إعلان إسبانيا والنرويج وإيرلندا الاعتراف بدولة فلسطين، شدد وزير الخارجية الفرنسي الحالي، ستيفان سيجورنيه، على أن الاعتراف بدولة فلسطينية “يجب أن يكون مفيدا في دفع حل الدولتين قدما”، معتبراً في الوقت نفسه أن “القيام بذلك الآن لن يكون له تأثير حقيقي في السعي لتحقيق هذا الهدف”.
و في مقال، على شكل نداءٍ، نشروه بصحيفة “لوموند” الفرنسية، دعا العديد من المثقفين والناشطين ورجال الأعمال الفرنسيين، الرئيس الفرنسي هذا الأسبوع، إلى الاعتراف بدولة فلسطين دون مزيد من التأخير، معتبرين أن هذا الاعتراف يجب أن يشكل بالفعل الخطوة الأولى للمفاوضات التي ستؤدي إلى مرحلة تاريخية جديدة في المنطقة.
وكان ماكرون قد صرح في فبراير الماضي وللمرة الأولى أن الاعتراف بدولة فلسطين “لم يُعد من المحرمات بالنسبة لباريس”.