رام الله / يتابع الفلسطينيون بترقب تفاعلات الازمة الدبلوماسية التي نشبت بين اسرائيل وتركيا اخيرا, فيما يرى محللون سياسيون ان تفاعلات هذه الازمة قد تحث تركيا على تعزيز دورها في منطقة الشرق الاوسط.واخر تجليات هذه الازمة الاستقبال غير اللائق لسفير تركيا في اسرائيل من جانب نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون الذي كان استدعى السفير التركي احتجاجا على مسلسل تركي اعتبرته اسرائيل معاديا لها وللسامية. وبعد مطالبة انقرة باعتذار ايالون, قدمت اسرائيل اعتذارا رسميا, ولكن نقل عن الرئيس التركي عبدالله غول قوله ان هذا الاعتذار " غير كاف".واعتبر مواطنون فلسطينيون ان الاعتذار الاسرائيلي من تركيا "ليس الا محاولة اسرائيلية لتخفيف وطأة الازمات القائمة بينها وبين دول عدة والتي نتجت من الحرب الاسرائيلية على غزة" في شتاء 2008.وقال محمد راغب (47 عاما), وهو استاذ للغة الانكليزية في مدرسة خاصة "هذا الاعتذار فارغ, واسرائيل حاولت من خلاله اغلاق نافذة تركيا وخصوصا ان اسرائيل تعرضت اخيرا لانتقادات من الكثير من الدول".واضاف ان "اسرائيل تعلم حجم تركيا في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم الاسلامي, وهي لا تحتاج الى فتح جبهة دبلوماسية جديدة, لذلك ارادت اغلاق هذه الجبهة من خلال هذا الاعتذار".وقال محمد العبد (76 عاما), وهو موظف متقاعد, "اعتقد ان لدى تركيا حكومة حكيمة لا تنطلي عليها مثل هذه الاعتذارات, لانها تعلم علم اليقين ان الاهانة التي وجهت اليها مقصودة".وذكرت صحيفة "هارتس" الاسرائيلية السبت ان مجموعات حقوقية في تركيا تستعد لتقديم طلب الى الجهات القضائية لتقديم وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك للقضاء بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين في الحرب الاسرائيلية على غزة.وبدأ باراك الاحد زيارة عمل لتركيا تستمر يوما واحدا على امل تحسين العلاقات بين البلدين.وباراك الذي يتولى ايضا منصب نائب رئيس الوزراء هو اعلى مسؤول اسرائيلي يزور تركيا منذ الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة الذي دانته انقرة.غير انه لن يلتقي رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي وجه انتقادا شديدا الى اسرائيل بعد هجومها على غزة, وكذلك الرئيس عبدالله غول.وتوقع الكاتب والمحلل هاني المصري ان تتفاقم العلاقات التركية الاسرائيلية, وقال لوكالة فرانس برس "ليست هذه الازمة الاولى بين تركيا واسرائيل, فهناك ازمة دافوس, والمناورات العسكرية وصولا الى ازمة المسلسلات التركية".واضاف "هذا يدل على ان تركيا وبعدما اغلقت الابواب امامها للدخول في الاتحاد الاوروبي, تحاول التوجه نحو العالم الاسلامي ونحو الشرق تحديدا, وخصوصا ان اسرائيل ليست على ابواب عقد اتفاق سلام مع الفلسطينيين".وتابع المصري ان "العلاقة بين تركيا واسرائيل لن تشهد تدهورا فقط, بل سيتعزز دور تركيا في المنطقة, وخصوصا انها تتخذ موقفا متوازنا يؤهلها لذلك".وليست هذه المرة الاولى تقع فيها ازمات دبلوماسية بين تركيا واسرائيل. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان غادر بداية العام الفائت غاضبا منتدى دافوس الاقتصادي الدولي احتجاجا على عدم السماح له بالرد على مداخلة القاها الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز.وفي تشرين الاول/اكتوبر الماضي, استبعدت انقرة اسرائيل في اللحظة الاخيرة من مناورات عسكرية جوية دولية في تركيا ما اثار توترا بين البلدين.لكن مسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية قللوا من حدة الازمة, معتبرين ان عضوية تركيا في حلف شمال الاطلسي لا تسمح لها باداء دور معارض لسياسة الغرب عموما.وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صالح رأفت "علينا الا ننسى ان تركيا جزء من حلف شمال الاطلسي, ورغم الازمات بين اسرائيل وتركيا, الا انه لا تزال هناك علاقات وثيقة تربط البلدين, خصوصا في الجانب العسكري, ونحن بدورنا تربطنا علاقات وثيقة مع تركيا".في المقابل, رفعت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2006 من سقف توقعاتها بازاء الازمة بين تل ابيب وانقرة.ورحب رئيس الوزراء الفلسطيني المقال اسماعيل هنية ب"عودة الدور الاسلامي" لتركيا معتبرا انه يطوي صفحة "التحالف" مع اسرائيل.وقال هنية في خطبة الجمعة الفائت في مسجد فلسطين وسط مدينة غزة ان "تركيا اليوم تستعيد دورها الاسلامي وتطوي صفحة تحالف مع الاحتلال استمر ربما لاكثر من 60 عاما لتعود بقوة الى قضايا الامة وبالتحديد القضية الفلسطينية".واضاف "ننظر باعتزاز للانفتاح بين تركيا والمحيط العربي والاسلامي.