شرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية حول الحرب في غزة و”مقتل أعداد كبيرة من الصحافيين فيها”، مشيرة أن الحقيقة باتت تحت التهديد. ودعت الصحيفة لتوفير الحماية لهم ولحرية الإعلام، وكتبت “لم تقتل حرب عددا كبيرا من الصحافيين وبسرعة بقدر ما يحدث حاليا، وتقول لجنة حماية الصحافيين إن 83 صحافيا وعاملا في الإعلام قتلوا منذ 7 تشرين الأول منهم 76 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة، وثلاثة لبنانيين وأربعة إسرائيليين قتلتهم حماس أثناء هجومها في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وفي ضوء أعداد الضحايا في غزة- على الأقل 24,400 حسب سلطات في غزة، فحصيلة الإعلام صادمة وغير متناسبة”، فهي حسب تقدير تمثل عشر الصحافيين بالكامل في القطاع وبمقارنة تمثل واحد من كل 100 من إجمالي عدد السكان في غزة.
وحذرت منظمة “مراسلون بلا حدود” من أن الصحافيين “يُمحون في قطاع غزة”، وتصف لجنة حماية الصحافيين وبشكل مرعب “أشكالا واضحة لاستهداف الصحافيين وعائلاتهم”، بما في ذلك مراسلان تلقيا تحذيرات من الجيش الإسرائيلي قبل مقتل أفراد من عائلتيهما. ورغم نفي الجيش الإسرائيلي أنه لا يستهدف الصحافيين، لكن ثبت قتله لأشخاص كان يعرف أنهم أعضاء في الصحافة، إلى جانب أن الجيش الإسرائيلي لديه سجل من المزاعم الكاذبة بشأن وفاة الصحافيين والإفلات من العقاب.
وقبل الحرب وجدت لجنة حماية الصحافيين أن 20 صحافيا قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في خلال الـ 22 عاما السابقة لم يتم إدانة أي شخص بمقتلهم، بمن فيهم الصحافية الفلسطينية- الأمريكية شيرين أبو عاقلة. وقالت وكالة أنباء “رويترز” إن الصحافي العامل فيها، عصام عبد الله قتلته قذيفة مدفعية إسرائيلية في لبنان في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ووصفت وكالة الأنباء الفرنسية القتل بأنه “مقصود ومستهدف”، وطالبت “أمنستي انترناشونال” و”هيومان رايتس ووتش” التحقيق بالقتل كجريمة حرب محتملة.
وفي حالة أخرى قال الجيش الإسرائيلي إنه كان يستهدف “إرهابيا” استخدم مسيّرة عندما استهدف سيارة فيها صحافيان، قبل أن يزعم أن الرجلين ظهرا وكأنهما إرهابيان لأنهما كان يحملان مسيّرة للتصوير.
وتقول “الغارديان” إن الهجوم على الصحافيين ليس مجرد هجمات على المدنيين، على الرغم من خطورتها، ولكنه ضرب للحقيقة نفسها والقدرة على الكشف عنها ونشرها. ولم تكن المنظمات الإعلامية الدولية قادرة على الوصول إلى غزة إلا بشكل وجيز ومن خلال قيود مشددة أو مرافقة الجيش الإسرائيلي. ومن يعيشون في غزة هم عيون العالم.
وتقول لجنة حماية الصحافيين إن طواقم الإعلام الفلسطينية واجهت إلى جانب القتل ” الاعتقالات والهجمات المتكررة والهجمات الإلكترونية والرقابة”. وهناك 19 صحافيا في السجن بشكل وضع إسرائيل على قائمة أسوأ الدول التي تسجن الصحافيين إلى جانب الصين، وميانمار، وإيران، وروسيا. وسجن المزيد منهم بموجب “الاعتقال الإداري” والذي يسمح بتجديد فترة الاحتجاز لأجل غير مسمى.
وتضيف الصحيفة أن وزير الخارجية الأمريكية، أنطوني بلينكن قال إن الولايات المتحدة “تقف وبشكل لا لبس فيه مع حماية الصحافيين”، وبناء على كلامه يجب عليها التحرك، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكها للحرية الصحافية، كما حثت عدة جماعات في رسالة لجو بايدن في الأسبوع الماضي.
وتؤكد “الغارديان” أنه يجب على الولايات المتحدة وبريطانيا والآخرين الضغط على إسرائيل لفتح المجال أمام الصحافة، فالمراسلون في غزة الذين أصيبوا وعانوا من خسائر شخصية مدمرة، كانوا يعودون وبسرعة للعمل وإخبار العالم بما يجري للآخرين، ولم يرغبوا في التحول للقصة، ولكن عندما يسقط الكثيرون، فمن الضروري طرح السؤال: لماذا؟ والتأكد من عدم استمرار المذبحة.