لماذا لا توقف إسرائيل حربها على غزة؟! حماد صبح

الأحد 05 نوفمبر 2023 03:54 م / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا لا توقف إسرائيل حربها على غزة؟! حماد صبح



مر شهر على حرب الانتقام والمجازر التي تشنها إسرائيل على غزة دون أن تبدي أي نية لوقفها رغم ما تقاسيه  هي نفسها من هذه الحرب : خسائر اقتصادية تقدر بمليار دولار يوميا ، ومشكلات عسكرية لجيشها في تقدمه البري أمام المقاومة التي تدمر دباباته  وتقتل جنوده وتجبرهم على الفرار في مشاهد فاضحة لن يضمدها  وصف بيني غانتس وزير الحرب السابق لهم ب ” النمور والأسود ” ، ومشكلات نفسية واجتماعية لمستوطنيها السريعي الهلع الذين لا طاقة لهم على تحملها . يضاف إلى ما سبق تحطم صورتها عالميا ، وتعري حقيقتها بصفتها دولة دموية متوحشة لا ” فروسية ” لجيشها إلا على المدنيين أطفالا ونساء ، وعلى هدم المنازل الآهلة بالمدنيين ، والمستشفيات والمساجد والمدارس والكنائس والمخابز والمؤسسات الخدمية ، وقصف الطرق لإعاقة تحركات الناس وسيارات الإسعاف . هذه هي أسباب عدم وقفها الحرب :
أولا : تتوهم ان إطالتها بما فيها من مجازر ضد المدنيين قد ترغمهم على الفرار إلى سيناء بأعداد كبيرة تخلصها من مصيرها المهدد بالزوال من كثافة الوجود البشري الفلسطيني ، وتبذل في سبيل هذه الغاية الشيطانية اليائسة أقصى ما تستطيع من حيل وأساليب ، ومنها حث الدول الأوروبية والبنك الدولي على إسقاط ديون مصر ثمنا لفتح سيناء امام مواطني غزة . ومن يشهد ظواهر إصرار هؤلاء المواطنين على التمسك بوطنهم يعلم كم هي واهمة إسرائيل . ويتوجب على مصر في هذا المنعطف التاريخي الخطير أن ترفض هذا الوهم الإسرائيلي بكل حزم وعزم . ثانيا : تتخوف العصابة السياسية والأمنية والعسكرية فيها من بدء التحقيقات في إخفاقها الكبير في بداية الحرب وفي أثنائها ، وفي استطلاع جاهر 66 % من المستطلعة آراؤهم بأنهم يريدون استقالة كل مسئولي الأجهزة الأمنية . ثالثا : يعصف بها رعب كبير من انفجار موجة هجرة ضخمة لمستوطنيها فور وقف الحرب مع ما يرافقه من سهولة الخروج جوا وبحرا . وهو انفجار آتٍ حتما ، ومن نذره ما قاله وزير التعليم بعد أسبوع من الحرب عن عجزه عن العيش المستمر في ” هذه البلاد ” . رابعا : الوقوف الأميركي والأوروبي المطلق معها الذي تمثل بزيارتها من بايدن وبلينكن وبقية كبار المؤسسة الأميركية ، وزيارة رؤساء حكومات بريطانيا وفرنسا وألمانيا ، وهذا لم يحدث مثيله في حرب 1973 مع مصر وسوريا .  واشتركت  قوات اميركية مع قوات إسرائيلية في عملية فاشلة على شاطىء بحر رفح ،  وفي عملية برية  صغيرة شرقي القرارة انتهت بتدمير دبابتين ، وقتل بعض جنودهما ، وفرار من نجا من القتل .
خامسا : ما تراه من تخلٍ عربي رسمي عن نصرة غزة حتى في الحدود الإنسانية ، وتجاوز بعض الدول العربية هذا التخلي إلى الانحياز الكامل مع إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب . اتصلت الإمارات بها وأعلنت وقوفها إلى جانبها ، وفي السر يجري الكثير من التخلي والتجاوز . وكل ما سبق لن يجدي إسرائيل ، ولن يجديها انتقامها الدموي  الذي عرى ضعفها ويأسها أكثر مما دل على قوتها وثقتها بنفسها . البعد العسكري لما حدث علامة كبرى على نهاية ” العسكرية ” الإسرائيلية . وإذ أكتب هذا المقال عصر السبت تأتي الأخبار عن تراجع القوات الإسرائيلية في شمالي غزة . كانت تلك العسكرية أسطورة باطلة زائفة صنعتها انتصاراتها على جيوش عربية في سوء أنظمة دولها . وتكفلت المقاومة اللبنانية والفلسطينية في إسقاط تلك الأسطورة ، وآخر تجليات الإسقاط ما حدث في حرب ” طوفان الأقصى” أو السابع من اكتوبر على شدائد ما نكبت به غزة فيها من استشهاد وجرح الآلاف وتدمير المنازل وأكثر مؤسسات العمران . هذه حرب ستكون بعون الله _ عز وجل – لنا ، وعلى عدونا المصيري  الذي تجسده مستوطنة القتل والدم والهمجية والتدمير المسماة ” إسرائيل ” .
كاتب فلسطيني من غزة