حذرت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها من تداعيات الغزو البري الإسرائيلي على قطاع غزة، قائلة إن الأمور قد تخرج عن السيطرة، مضيفة أن آلاف الفلسطينيين قُتلوا جراء الغارات الجوية والقنابل المدفعية التي دكت القطاع.
وما بدأ كهجوم مرعب لحماس قُتل فيه أكثر من 1300 إسرائيلي، تحول إلى دمار رهيب للجيب الساحلي. وتعرضت منشآت الأمم المتحدة للقصف، وقُتل الصحافيون وضُربت المستشفيات. واعترفت إسرائيل أنها قصفت أهدافا بدون تحذيرات للسكان.
وبحسب منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بيتسيلم” يُعتبر القصف وحصار القطاع “سياسة انتقام إجرامية”. وفي الوقت الذي بات فيه الهجوم البري محتوما، فرّ الكثير من الفلسطينيين من بيوتهم بناء على الأمر الإسرائيلي بأن على سكان شمال قطاع غزة التحرك نحو الجنوب. لكن معظم مستشفيات غزة هي في الشمال، مما دفع منظمة الصحة العالمية لوصف الأمر بأنه “حكم إعدام” على المرضى.
وتقول الصحيفة إن إجلاء المدنيين بشكل مؤقت في محاور الحرب قد يكون قانونيا. ويقال إن مصر عُرض عليها تسديد ديونها، مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين على أرضها، مما يجعل القاهرة متواطئة في إجبار الفلسطينيين على ترك غزة للأبد.
وكما قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، بأنه بدون ضمانات للعودة، فعملية الإجلاء قد “تصل إلى جريمة حرب وترحيل قسري”.
وهناك مخاوف بأن أمر إسرائيل لا علاقة له بحماية المدنيين، بقدر ما هو غطاء لقتلهم. ويبدو أن الدبلوماسية المكوكية تعدّل من خططها الحربية، وسيحصل جنوب غزة على الماء مع أنه بدون وقود أو طعام ولا كهرباء، وستكون الممرات الإنسانية بمثابة حماية للفلسطينيين لكي يتحركوا جنوبا، لكن 70 فلسطينيا قُتلوا في الأماكن التي اعتبرتها إسرائيل آمنة، وهو ما قوّض الثقة بالخروج الآمن.
وتزعم الصحيفة أن إسرائيل لها الحق بالدفاع عن نفسها، ويسمح لها القانون الدولي برد مناسب، ولكنه لا يسمح بالعقاب الجماعي. وعبّر الرئيس الأمريكي جو بايدن، متأخرا أن غالبية الفلسطينيين لا علاقة لهم بحماس. وتتفق الحكومة البريطانية وحزب العمال في الموقف، وليسا مستعدين للضغط على إسرائيل، سواء لخططها أو سلوكها.
وقُتل في غزة من الفلسطينيين في أسبوع أكثر مما قتل في ستة أسابيع أثناء حرب 2014، نصفهم من النساء والأطفال. وفي الوقت الذي يدعو الذين فقدوا عائلاتهم في الحرب إلى السلام والتفاهم، هناك آخرون في بريطانيا يدعون بشكل مقرف لنشر الكراهية. فقد زادت حالات الكراهية لليهود والمسلمين. وربما تخرج الأمور عن السيطرة، فحزب الله قصف حدود إسرائيل الشمالية.
وتقول صحيفة “هآرتس”: “يحاول المستوطنون جر إسرائيل إلى حرب في الضفة الغربية”. ويجب وقف إطلاق النار وعلى حماس الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين أو مواجهة سحق قيادتها بثمن إنساني باهظ، حيث ستستخدم إسرائيل قوة أكبر للتدمير.
ولا يمكن التقليل من الضرر على الإسرائيليين، لكن الرد العسكري المفرط لن يزيد إلا من الكراهية بين الشعبين. والطريق الحالي هو دموي ولا يقود إلى أي هدف، والانتقام لا يعترف بحدود، ولكن الاعتراف بالحدود هو الذي يعلم العدالة، ويعطي الفلسطينيين والإسرائيليين الوقت الكافي للبحث عن طريقة جيدة للعيش معا.