قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن وزارة الاستيطان في الحكومة الإسرائيلية تتجه من خلال خطة عمل أعدتها إلى مضاعفة الميزانيات التي ستحول إلى مجالس المستوطنات في الضفة الغربية، لتوظيفها في مراقبة وتوثيق البناء الفلسطيني في المناطق (ج)، وأدرج ذلك ضمن الميزانية العامة لعامي 2023 و 2024.
وسوف تخصص ميزانية بقيمة 40 مليون شيكل لمجالس المستوطنات المحلية والإقليمية، مقابل نحو 20 مليونا كانت مخصصة لذلك في الماضي، وتتطلع وزارة الاستيطان إلى مضاعفة الميزانية التي ستخصص للمستوطنين للتزود بطائرات بدون طيار ودوريات تراقب البناء الفلسطيني في المناطق (ج)، بهدف محاربة الوجود الفلسطيني فيها.
وستخصص الميزانيات التي ستحول إلى المستوطنات لتعيين موظفين لأقسام الدوريات وشراء الطائرات بدون طيار، وأجهزة حواسيب لوحية، ومركبات، وسيكون بإمكان المستوطنات الكبيرة تمويل معاشات 4 حراس بدوام كامل وأربعة آخرين بدوام جزئي، كما يمكن استخدام الميزانية المرصودة لتشغيل العديد من المتطوعين ضمن مشروع ما يسمى "الخدمة الوطنية" وعقد مؤتمرات حول منع البناء والتوسع الفلسطيني في المناطق (ج)، وإقامة بنى تحتية أمنية ضد تنفيذ ما يسمى “الأنشطة غير القانونية على الأرض" مثل السياج وبناء الممرات والطرق.
يذكر أن وزارة الاستيطان برئاسة تساحي هنغبي، أقرت في العام 2020، ميزانية بقيمة 20 مليون شيكل لمراقبة البناء الفلسطيني في المناطق (ج) وفي السنوات الأخيرة تعمل وتنشط في مستوطنات الضفة ما يسمى "دوريات الأراضي" التي تراقب البناء والزراعة الفلسطينية، وتقدم هذه الدوريات تقاريرها إلى الإدارة المدنية وسلطات الاحتلال من أجل إصدار إخطارات بالهدم ووقف العمل والبناء للفلسطينيين.
وتشغل الإدارة المدنية أيضا خطا ساخنا يدعو المستوطنين للإبلاغ عن أعمال البناء الفلسطينية، وهو ما يعرف في إسرائيل باسم “الحملة على المنطقة ج”، وذلك ضمن خطة لتفريغ المناطق (ج) من الفلسطينيين وضمها إلى السيادة الإسرائيلية.
في الوقت نفسه، تروج سلطات الاحتلال لخطط تمهيدية لحوالى 6500 وحدة استيطانية في مستوطنات جديدة أو قائمة في القدس الشرقية على الرغم من التزاماتها المتكررة بوقف مؤقت للبناء في المستوطنات، حيث قدمت لجنة التخطيط المحلية الإسرائيلية في القدس خطط مركز وادي الجوز للأعمال (وادي السيليكون)، والقناة السفلية، و"راموت".
وعقدت لجنة التخطيط المحلية في القدس مؤخرا مناقشات حول خمس مخططات استيطانية في التلة الفرنسية/ جبل المشارف (2)، و"جفعات شاكيد"، و"بسغات زئيف"، و"راموت"، والاعتراضات المقدمة على خطة القناة السفلى ورفضتها.
ويشمل مخطط القناة السفلية بناء 1465 وحدة سكنية ما من شأنه ان يؤدي إلى توسيع التواصل الإقليمي بين "هار حوما" و"جفعات هاماتوس"، ما يؤدي إلى زيادة إسفين استيطاني بين الطرف الجنوبي للقدس الشرقية ومنطقة بيت لحم في الضفة الغربية.
أما مركز أعمال وادي الجوز، فرغم الادعاء بأنه سيزيد من فرص العمل للفلسطينيين ويعزز الاقتصاد في القدس الشرقية، إلا أن هناك قلقا حادا من أنه سيؤدي في النهاية إلى إخلاء وهدم حوالي 200 شركة فلسطينية، واستبدالها بشركات إسرائيلية أو دولية.
أما مخطط "راموت شمال أ" و"راموت شمال ب" والذي ناقشته لجنة التخطيط المحلية، فمن شأنه توسيع مستوطنة "راموت" الحالية باتجاه الشمال الشرقي باتجاه بير نبالا.
وفيما يخص التلة الفرنسية/ جبل المشارف، فإن العمل جار في إطار تطوير خطتين في المنطقة ومباني حرم الجامعة العبرية في جبل المشارف لما مجموعه 1539 وحدة سكنية، هذا الى جانب توسع في "بسغات زئيف" بنحو 730 وحدة سكنية شرقاً باتجاه جدار الفصل ومنطقة حزما، ما يؤدي إلى استنزاف احتياطيات الأراضي القليلة المتبقية في المنطقة.
وكانت لجنة التخطيط المحلية التابعة لبلدية الاحتلال قد رفضت الاعتراضات المقدمة على خطة مركز واد الجوز للأعمال (وادي السيليكون) وأوصت بالموافقة على الخطة التي ستقام على أنقاض المنطقة الصناعية، وكانت فترة تقديم الاعتراضات على المخطط قد انتهت في 26 شباط، حيث تم تقديم 59 اعتراضا من قبل أصحاب الأراضي وأصحاب الأعمال في المنطقة.
وخطة (وادي السيليكون)، التي أطلقتها سلطة تطوير القدس، هي مركز أعمال على مساحة 80 دونما في المركز الحضري للقدس الشرقية ليس بعيدا عن البلدة القديمة، وهي منطقة تجارية مزدحمة بها متاجر وكراجات وغيرها من الأعمال الصغيرة، جميعها معرضة للهدم واستبدالها بمباني مكاتب شاهقة لشركات التكنولوجيا الفائقة، كما تتضمن الخطة 194 وحدة سكنية وهو عدد صغير جدا لا يشكّل سوى 13% من مساحة البناء، وسيتم إخلاء معظم المنشآت القائمة، إن لم يكن جميعها، ولن تكون الغالبية مؤهلة للحصول على أي تعويض، ويقدر أصحاب المتاجر المحلية أن إغلاق المنشآت القائمة يعني أن 2000 عامل سيفقدون وظائفهم.
كما قررت لجنة التخطيط والبناء اللوائية في القدس إيداع خطة لبناء 460 وحدة استيطانية في مستوطنة "غيلو" جنوب مدينة القدس الشرقية المحتلة، وتغطي الخطة مساحة إجمالية تبلغ حوالي ثمانية دونمات، وتشمل هذا العدد من الوحدات الاستيطانية في خمسة مبان سكنية هي برجان يصل ارتفاعهما إلى 35 طابقا وثلاثة مبان من 10 طوابق، وتضم الطوابق السفلية مناطق عمل وعيادة وواجهة تجارية.
ومن إجمالي الوحدات السكنية، سيتم تخصيص حوالي 92 وحدة للشقق الصغيرة التي تصل مساحتها إلى 55 مترا مربعا، وبالإضافة لذلك وكجزء من الخطة سيتم تخصيص 3.5 دونم للمساحات العامة المفتوحة، وحوالي 3 دونمات لبناء مدرسة ابتدائية جديدة، وحوالي 2,500 متر مربع لأربعة فصول دراسية للرعاية النهارية وخمسة فصول لرياض الأطفال، وبناء معبدين جديدين وتوسيع معبدين قائمين.
بؤر استيطانية جديدة
وفي بقية مناطق ومحافظات الضفة الغربية يستمر السطو على الأراضي الفلسطينية تارة بأوامر عسكرية وأخرى بسطو لصوصي من المستوطنين.
فقد أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة في المنطقة الجنوبية من أراضي بلدة قصرة جنوب نابلس، وجلبوا بيوتاً متنقلة وخياماً، وكان المستوطنون قد أقاموا بؤرة استيطانية نهاية العام الماضي فوق أراضي جبل الخارجي جنوب شرقي قصرة، وأحاطوها بأسلاك شائكة، في إطار مساعيهم للاستيلاء على المزيد من الأراضي.
كما أقام المستوطنون بؤرة استيطانية جديدة قرب تجمع نبع العوجا شمال مدينة أريحا، ووضعوا مسكنا متنقلا وخزان مياه على أحد الجبال المطلة قرب تجمع نبع العوجا البدوي، وشقوا طريقا إليه بهدف الاستيلاء على الأراضي في المنطقة.
يذكر أن تجمع نبع العوجا هو أحد التجمعات البدوية الذي يتعرض لإنتهاكات متكررة من الاحتلال ومستوطنيه بهدف سرقة المياه والسيطرة على الأرض لصالح المشاريع الاستيطانية.
ولا تكتفي سلطات الاحتلال بنشر مزيد من القوات وعناصر الشرطة وحرس الحدود على امتداد الضفة الغربية من شمالها الى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، فقد دعا قائد الشرطة الإسرائيلية المستوطنين الذين بحوزتهم رخصة سلاح بأن يحملوا سلاحهم معهم إلى أي مكان يتوجهون إليه خلال أيام عيد الفصح اليهودي وإلى القدوم مسلحين إلى صلوات العيد في الكُنس، وحمل السلاح عندما يخرجون للتنزه.
وتدعي الشرطة والجيش الإسرائيلي والشاباك أنه وصلت إليها عشرات الإنذارات حول تخطيط لعمليات ينفذها فلسطينيون داخل إسرائيل وفي المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وتقول الشرطة إنها عززت قواتها وقوات حرس الحدود عند الحواجز العسكرية بين إسرائيل والضفة من أجل منع دخول فلسطينيين إلى إسرائيل.
تسهيلات لقاتل عائلة دوابشة
وفي خطوة ذات دلالة عنصرية، قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منح تسهيلات للمستوطن الإرهابي عميرام بن أوليئيل، قاتل عائلة دوابشة بإحراق منزلها في قرية دوما جنوب نابلس عام 2015، والذي يقضي عقوبة السجن المؤبد 3 مرات.
واتخذ القرار بالتسهيلات من قبل مصلحة سجون الاحتلال وجهاز (الشاباك) بحجة عيد "الفصح" اليهودي الذي يستمر حتى 12 أبريل/ نيسان الجاري، وتشمل التسهيلات السماح له بالخروج من العزل وقضاء فترة عيد "الفصح" في الجناح الديني مع سجناء آخرين.
وعلى الصعيد الأممي، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارين حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعدم شرعية المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك خلال اجتماعه في دورته العادية الـ52، وصوتت 38 دولة لصالح قرار عدم شرعية المستوطنات في الأرض الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة، فيما امتنعت 5 دول عن التصويت، و4 دول صوتت ضده، كما صوتت 41 دولة لصالح قرار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وامتنعت 3 دول عن التصويت، و3 دول صوتت ضد القرار.
وجاء القرار الأممي بعد نحو أسبوعين على مصادقة الكنيست إلغاء ما يعرف بـ"قانون فك الارتباط" أو قانون "الانفصال" عن مستوطنات ومعسكرات الاحتلال في قطاع غزة وأربع مستوطنات في الضفة، ما يسمح للمستوطنين بالعودة إلى 4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية أخليت عام 2005.