نشرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية حول “عنف الرعاع في الضفة الغربية” وأنه “سقوط جديد”.
وقالت الصحيفة إن الهجوم الصادم من المستوطنين على بلدة حوارة قرب نابلس، يقدم شهادة جديدة عن المخاطر القادمة، خاصة أنه جاء بعد انتهاء محادثات إسرائيلية- فلسطينية. وأضافت أنه لم تكن هناك طريقة قاتمة لإظهار التحدي الذي واجه المحادثات بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين أكثر من تقويضها خلال ساعات.
فالمحادثات في الأردن هي الأولى من نوعها منذ سنوات بين الجانبين، وتعكس اهتماما أمريكيا متأخرا في سياق غير مناسب تحكم فيه حكومة متطرفة في إسرائيل، وسلطة فلسطينية خامدة، وسط تصاعد في العنف.
وبعد ساعات من البيان النهائي لقمة العقبة، قام مئات من المستوطنين بدخول بلدة حوارة الفلسطينية، مسلحين بالحجارة وقضبان الحديد وعاثوا فيها خرابا، وقتلوا رجلا، وجرحوا المئات وأحرقوا السيارات والممتلكات انتقاما لمقتل مستوطنيْن اثنين في نهار ذلك اليوم.
وتعلق الصحيفة أن عنف المستوطنين ليس جديدا، وكان يزداد سوء قبل تولي هذه الحكومة المتطرفة السلطة في إسرائيل. لكن حجم وكثافة الهجوم الذي تم الإعلان عنه بشكل واسع قبل بدايته، وحقيقة أن عناصر في الائتلاف الحكام دفعت به، تجعله غير مسبوق. وقال رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي: “حوارة محروقة ومغلقة، هذا ما أريد رؤيته، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها تحقيق الردع”.
وعبّر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي منحه بنيامين نتنياهو صلاحيات واسعة على النشاطات المدنية في الضفة الغربية، عن إعجابه بتغريدة “يجب محو حوارة اليوم” ولكنه حذفها، وعبّر عن نفس ما دعا إليه نتنياهو، بأنه يجب على الناس تجنب تطبيق القانون بأنفسهم، بدلا من الشجب الواضح. ووصف الكثيرون في إسرائيل الهجوم بالمذبحة أو “بوغروم”، مع أن الشرطة لم تعتقل إلا قلة من المستوطنين وأفرجت عن كل المشتبه بهم.
وتقول الصحيفة إن العام الماضي كان الأكثر دموية منذ نهاية الانتفاضة الثانية عام 2005، وقتلت القوات الإسرائيلية 146 فلسطينينا، وقتل المستوطنون أربعة آخرين. وأدت الهجمات التي شنها الفلسطينيون إلى قتل 29 إسرائيليا. ويقال إن الولايات المتحدة توصلت لصفقة يتم فيها تخفيض الهجمات الإسرائيلية، في وقت تزيد السلطة التي ينظر إليها كمتعهد للاحتلال، من نشاطاتها.
إلا أن الأسبوع الماضي شهد أكثر الهجمات فتكا، عندما قتل الجيش الإسرائيلي 11 فلسطينيا في مدينة نابلس. وجاء في البيان النهائي لقمة العقبة، أن إسرائيل ستتوقف عن توسيع المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية، ليرد نتنياهو بتغريدة أنه “لم ولن يكون هناك تجميد”، وهو ما جعل الحديث عن عملية سياسية تحقق السلام الدائم والعدل، مجرد كلام فارغ.
وقبل اتفاق أوسلو في التسعينات من القرن الماضي، كان هناك آلاف من المستوطنين، لكن عددهم الآن وصل إلى نصف مليون في الضفة الغربية، ويلعب عدد منهم دورا في الحكومة الإسرائيلية.
وأقرت الحكومة الإسرائيلية في شهرين بناء وحدات سكنية في الضفة الغربية أكثر مما أُقر في عامين معا. ولا يدعم إلا قلة حل الدولتين. ومع تلاشي الأمل، بحث الشباب الفلسطينيون عن جماعات غير تقليدية وخارجة عن سيطرة السلطة، والسلاح متوفر.
ومحادثات نهاية الأسبوع كانت مدفوعة باقتراب شهر رمضان الذي شهد موجات من العنف في الماضي. وتعلق الصحيفة أن الولايات المتحدة وغيرها، لم تحصل على عائد كبير في استثماراتها، إلا أن حوارة هي دليل مخيف، ولا يمكن ترك هذه الحكومة لكي تحدث مزيدا من الضرر.