يسود تخوف في جهاز الأمن الإسرائيلي من أن خطة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء ستلحق ضررا بالعلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، ومن أن تراجع هذه العلاقات سيؤدي إلى تراجع في مبيعات الأسلحة الإسرائيلية لدول كثيرة في العالم، بحسب تقرير نشرته صحيفة "معاريف" اليوم، الجمعة. "أصدقاؤنا في العالم، وخاصة الأميركيين، سيعتبرون الانقلاب القضائي أنه استهداف للديمقراطية الإسرائيلية".
وينظر المسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي إلى "اتفاقيات أبراهام" والحرب في أوكرانيا، وكذلك التقارب بين روسيا وإيران، على أنها "فرصة إستراتيجية سياسية واقتصادية غير مألوفة بقوتها بالنسبة لإسرائيل في جميع المستويات".
وأضافت الصحيفة أن "جهاز الأمن والصناعات الأمنية وكذلك العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة هي الموارد المركزية لدولة إسرائيل في المستوى الدبلوماسي والعلاقات الخارجية". ويعتبر جهاز الأمن الإسرائيلي أن الحرب في أوكرانيا غيرت العالم لأن دولا، مثل ألمانيا واليابان، تنفذ منذ هذه الحرب حملة شراء أسلحة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.
وأفادت الصحيفة بأنه في جهاز الأمن ينظرون إلى هذا التطور أنه "فرصة يحظر إهدارها من أجل تعزيز مكانة إسرائيل في العالم". إلا أنه في مقابل ذلك، "تدهور في الحلبة الفلسطينية وفي تعامل العالم مع خطوات وقرارات للحكومة الجديدة (في إسرائيل)، ستشكل نقطة ضعف من شأنها إفساد التطورات الإيجابية".
وسجلت الصادرات العسكرية والأمنية الإسرائيلية، من أسلحة ومنظمات دفاعية جوية ووسائل تكنولوجية وقدرات تجسس، رقما قياسيا في العام 2021، رقما قياسا وصل إلى 11 مليار دولار، قياسا بـ8.5 مليار دولار في العام الذي سبقه. ويتوقع أن ترتفع هذه الصادرات بشكل ملموس في العام 2022.
وبحسب جهاز الأمن الإسرائيلي فإنه يوجد طلب كبير ومتزايد على الأسلحة والتقنيات من صنع إسرائيل، "التي تعمل في مناطق عدة كمقاول ثانوي للأميركيين ومن خلال مصالح مشتركة"، وفقا للصحيفة.
ولفت مدير الاستشارة الأمنية في الشرق الأوسط في شركة الاستشارات الإستراتيجية الدولية "بروست أند ساليفان"، آفي كالو، وهو ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إلى أن "الصناعات الأمنية الإسرائيلية موجودة في زخم غير مسبوق. وإلى جانب ذلك، تخوض وزارة الأمن دبلوماسية أمنية فريدة من نوعها، تسمح بتوغل الصناعات الأمنية إلى أسواق لم تكن تعرفها في الماضي، والاستقرار في أسواق معروفة. وهذا كله يُنشئ إمكانيات لتعاون عملياتي وإرشادي مع الجيش الإسرائيلي، ويضع أساسا لتعاون استخباراتي وعملياتي". وهذا يعني أنه "عدا الربح الاقتصادي، مبيعات الأسلحة هي أداة أخرى في الدبلوماسية الإسرائيلية ووسيلة لتحقيق مصالح أمنية، وبضمن ذلك المعركة ضد إيران".
وألمحت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة، الغاضبة من نقل أسلحة من إيران إلى روسيا، بإمكانها الاستعانة بإسرائيل من أجل استهداف هذه الأسلحة الإيرانية، استنادا إلى "القدرات الاستخباراتية التي تراكمت لديها في السنوات الأخيرة" من خلال استهداف قوافل إيرانية لنقل أسلحة في سورية.
وأضافت الصحيفة أنه "بالرغم من وجود مصالح أميركية في العلاقات مع إسرائيل، لكن هذه العلاقات الوثيقة ليست محصنة من ضرر، واحتمال تراجع هذه العلاقات، بسبب الوضع السياسي في إسرائيل، ملموس وحقيقي".
وتابعت الصحيفة أنه "في هذا السياق، يدرك نتنياهو ووزير الأمن، يوآف غالانت، جيدا أن الإدارة الأميركية تتوقع منهما سياسة مسؤولة تجاه الفلسطينيين، والامتناع عن خطوات أحادية الجانب تحطم السلطة الفلسطينية. والتصعيد في الضفة الغربية قد تلحق ضررا كبيرا بمصالح إسرائيل مقابل الأميركيين ونتيجة لذلك ستتضرر المعركة ضد إيران. ولذلك، فإن الحملة في منطقة جنين (أمس)، التي أدت إلى مواجهات وعدم استقرار، لم تُضف هدوء للأميركيين ولأصدقائنا في الشرق الأوسط".
وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول تعيين رئيس حزب الصهيونية الدينية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، وزيرا في وزارة الأمن ومسؤولا عن توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وتنفيذ خطوات أحادية الجانب ستؤثر على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
ورغم أن نتنياهو يضع محاربة البرنامج النووي الإيراني في رأس سلم أولوياته، وفقا للصحيفة، فإنه "عندما يكون الانقلاب القضائي في الخلفية، لم يعد سلم الأولويات واضحا"، إذ يسعى نتنياهو من خلال خطة إضعاف جهاز القضاء إلى التهرب من محاكمته بتهم فساد خطيرة.
وتابعت الصحيفة أن عدم حسم نتنياهو الخلاف في وزارة الأمن، فإن "الأزمة المقبلة هي مسألة وقت وحسب. وحتى لو شالوا لنا لاحقا إن رئيس الحكومة نجح في تسوية العلاقات وإجراءات العمل بين الوزيرين، فإنه بالنسبة لنتنياهو في الوقت الحالي على الأقل، الناحية الأمنية هي التي قد تقوض استقرار حكومة اليمين بشكل مبكر أكثر مما هو متوقع".