للمرة الأولى منذ تعيينه وزيرا بوزارة الحرب، هاجم بيتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، وهو وزير المالية في الوقت ذاته، قائد جيش الاحتلال أفيف كوخافي، الذي أعلن أن "الضفة الغربية يشرف عليها عسكرياً قائد واحد"، فيما ردّ الوزير عليه بأنه "مرتبك، ونسي أن إسرائيل دولة لديها جيش، وليست جيشا له دولة".
والخلاف بين سموترتش وكوخافي، الذي سينهي ولايته خلال أيام، بدأ بعد انتزاع حزب الصهيونية الدينية المسؤولية عن "الإدارة المدنية" من الجيش ورئيس الأركان، للمرة الأولى منذ إنشائها.
يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، نقل عن سموتريتش أن "كوخافي يمارس الشعبوية عبر مهاجمته، استعدادًا لدخول المجال السياسي عقب انتهاء مهامه العسكرية بعد أيام، معتبرا أن حملة الترهيب والإسكات ضد كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية، والرتب المهنية، ستضرّ بالأمن، بما لا يقل عن الانقسام المدمر للسلطات في الضفة الغربية لأسباب حزبية، مطالبا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت، بإدانة الهجوم السياسي عليه على الفور".
وأضاف أن "كوخافي الذي سينهي منصبه قريبًا، ويمرر العصا إلى هآرتسي هاليفي، وسبق له أن أعلن عن معارضته للصلاحيات التي حصل عليها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على جهاز حرس الحدود، لأنه من المستحيل وجود قائدين عسكريين في الضفة الغربية، آملا أن يظل الوضع القائم اليوم على ما هو عليه بالضبط، ولذلك فيجب الحفاظ على التسلسل القيادي".
وأشار إلى أن "بقاء سموتريش قادرًا على التحكم في الصورة الأمنية والعسكرية التي ستعرض على المستوى السياسي، يعني أنه سيعمل أكثر لصالح المستوطنين، وليس للفلسطينيين، الذين يبلغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني، ومئات آلاف المستوطنين، لأن كوخافي يشعر بالقلق من كون ابن غفير وزيرًا متشددًا بسبب ارتباطه باليمين المتطرف، مما سيقوده لمعارضة كل إخلاء لبؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية".
وأوضح أن "هذا الوضع القائم بوزارة الحرب سيكون له تكلفة على الأرض، من خلال ما ستعانيه القوات العسكرية في منطقة تعاني من نقص في القوى البشرية على أي حال، وفي هذه الحالة سيتعين على الجيش تنشيط المزيد من كتائب الاحتياط أو النظامية التي ستتضرر في استعدادها للحرب، لأنها تتحمل عبئا كبيرا جدا".
من جهته، ذكر ياكي أدامكار مراسل موقع واللا أن "سموتريش اجتمع مع رئيس الأركان القادم هاليفي ومنسق العمليات الحكومية في المناطق غسان عليان ورئيس جهاز الأمن العام- الشاباك رونين بار، على خلفية تخوف الجيش من نقل الصلاحيات إليه، وقد حدثت هذه اللقاءات بعد الانتقادات الشديدة التي تلقاها سموتريتش بعد أن نقلت إليه صلاحيات المسؤولية عن إدارة الحياة في الضفة الغربية".
وأضاف أنه "وفقًا لاتفاقات الائتلاف، فقد تلقى سموتريتش انخراطًا كاملاً في تعيين منسق عمليات الحكومة في المناطق ورئيس الإدارة المدنية، وهذه الصلاحيات الكبيرة أثارت مخاوف واعتراضات من داخل الجيش الذي يعارض نقل هذه الصلاحيات إليه، وقد ناقش سموتريتش مع محاوريه الخطة متعددة السنوات لجيش الاحتلال، ورواتب الجنود في الخدمة الدائمة، ومستقبل الوضع الجديد في مناطق الضفة الغربية، والخشية من تقويضه الاستقرار الأمني الحساس بين المستوطنين والفلسطينيين، والعلاقة مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية".
ويتمثل المغزى العملي من توجهات سموتريتش وابن غفير في نقل مهام منسق عمليات الحكومة من وزارة الحرب، ونقلها لسلطة كيان حزبي، رغم أن الجيش هو المسؤول عن فرض الأمن، ولهذه الخطوة معان كثيرة وخطيرة، وستنعكس في كل ما يترتب عليها من نتائج ومعان على المستوى السياسي، مع أن الفصل بينهما ليس جيدًا، وقد يتسبب بضرر، ويؤدي إلى وضع أسوأ لجميع سكان الضفة الغربية من الفلسطينيين والمستوطنين.
وتكشف هذه الخلافات المتفاقمة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والحكومة الجديدة أن كوخافي يترك الجيش في ذروة عاصفة من التغييرات الدراماتيكية في الساحات السياسية والقانونية والمدنية، ما يعني أن خليفته هاليفي سيمنع من الحق في التعبير عن موقفه قبل تنفيذ القرارات المتعلقة بالجيش من قبل سموتريتش وبن غفير، اللذين من المتوقع أن يعارضا قيادة الجيش في كل شيء تقريبًا، وهو وضع قد يكون غير مسبوق في تاريخ دولة الاحتلال.