تواجه حكومة الاحتلال الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، غداً الخميس أول امتحان قضائي لها، حيث من المقرر أن تبت المحكمة الإسرائيلية العليا في مدى قانونية تعيين أرييه درعي وزيرا للداخلية والصحة في الحكومة، وذلك بالرغم من إدانته بالتهرب الضريبي وصدور حكم قضائي بحقه بالسجن مع وقف التنفيذ.
وأعلنت المستشارة القضائية لحكومة الاحتلال، غالي بهراب مايرا، بعد ظهر الأربعاء، أنها قدمت ردها للمحكمة العليا بشأن تعيين درعي وزيرا في الحكومة، مؤكدة أن تعيينه في ظل قرار الحكم الذي صدر بحقه، أمر غير معقول ولا يمكن القبول به.
وكانت كتل الائتلاف الحكومي استبقت تشكيل الحكومة وتعيين درعي وزيرا في صفوفها الأسبوع الماضي بتعديل القانون الأساسي للحكومة بما يسمح لمن حكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، أن يكون وزيرا في الحكومة. وأثار هذا التعديل معارضة في إسرائيل إذ قدمت جمعية "نزاهة الحكم" التماسا للمحكمة العليا، حتى قبل تشكيل الحكومة الخميس الماضي، وقررت رئيسة المحكمة العليا استير حيوت أن يتم البت في الالتماس، بهيئة موسعة من 11 قاضياً غداً الخميس.
إلى ذلك، قالت المستشارة القضائية لحكومة الاحتلال، إنها أبلغت نتنياهو، بموازاة موقفها المعارض لتعيين درعي، بأنها ستسمح له بالاستعانة بمحامين من القطاع الخاص لتمثيل الحكومة في هذا الملف.
من جهته، أعلن نتنياهو أنه يعتقد بأنه لا يحق للمحكمة الإسرائيلية العليا التدخل في تشكيل الحكومة والقوانين المنظمة لعمل الحكومة، وهو الموقف الذي يعتزم طرحه غدا أمام المحكمة.
ويشكل ملف درعي والالتماس ضد تعيينه جانباً مما يعرف في إسرائيل بمسألة "فقرة التغلب" التي يسعى الائتلاف الحكومي لتشريعها بما ينزع من المحكمة الإسرائيلية العليا حق إلغاء قوانين قد تعتبرها غير دستورية. وتتجه كتل الائتلاف إلى إجراء تعديل شامل في الجهاز القضائي في إسرائيل بدءاً من زيادة عدد السياسيين في لجان تعيين القضاة وحتى تقييد صلاحيات المحكمة العليا بشكل عام، وتغيير صلاحيات ووظائف المستشار القضائي للحكومة.
وفي حال قررت المحكمة غدا قبول الاستئناف والطعن في شرعية تعيين درعي وزيرا في الحكومة فمن شأن ذلك أن يخلق أزمة ومعضلة أمام حكومة نتنياهو بشأن إمكانية التزامها بقبول قرار المحكمة أو رفضه. ويعني قبول قرار المحكمة في حالة إلغاء تعيين درعي، أزمة ائتلافية بين حزب "الليكود" بقيادة نتنياهو و"حركة شاس" بقيادة أرييه درعي قد تهدد استقرار الحكومة.
وأعلن وزير القضاء الإسرائيلي، ياريف ليفين، اليوم الأربعاء، عن خطة الحكومة الإسرائيلية لإحداث تغييرات جذرية في جهاز القضاء الإسرائيلي، والتي تهدف إلى تقليص صلاحيات المحكمة العليا، بما في ذلك منعها من إبطال قوانين يسنها الكنيست أو استخدام "حجة عدم المعقولية" لإلغاء قرارات حكومية.
وقال ليفين إن المرحلة الأولى من سلسلة التغييرات التي تهدف إلى تقويض رقابة السلطة القضائية على السلطتين التشريعية (الكنيست) والتنفيذية (الحكومة)، تشمل تغيير تشكيلة لجنة اختيار القضاة، عبر تمثيل متساو للسلطات الثلاث في عضوية اللجنة، من خلال الزج بالمزيد من السياسيين المعيّنين من قبل وزير القضاء، في عضويتها.
كما أعلن ليفين عزمه إلغاء "حجة عدم المعقولية"، وهي أداة تخول المحكمة العليا بإلغاء أمر إداري اتخذته الحكومة بسبب "عدم معقوليته"، والذي استندت إليه المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف - ميارا، في وقت سابق، اليوم، لمعارضة قرار تعيين رئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، وزيرا في الحكومة الإسرائيلية الـ37.
كما أكد أن الحكومة ستعمل على سن "بند التغلب" على العليا، عبر تشريع يمنع المحكمة العليا من إلغاء قوانين أقرها الكنيست وتتناقض مع أحد "قوانين الأساس" بسبب "عدم دستوريتها"، وقال إن الائتلاف سيعمل على سن هذا القانون بأغلبية 61 عضو كنيست.
وأوضح ليفين أنه بموجب قانون الالتفاف على المحكمة العليا، سيتم سلب المحكمة صلاحية إلغاء قوانين، إلا إذا ما اجتمعت بكامل هيئتها (15 قاضيا) واتخذت قرارا بـ"أغلبية خاصة"، وأشارت التقارير إلى أن الأغلبية التي سينص عليها القانون هي 12 من أصل 15 قاضيا.
وادعى ليفين، في مؤتمر صحافي، أن خطته "تهدف إلى الحفاظ على مبدأ التوازن بين السلطات"، واصفا إياها بـ"المرحلة الأولى من الإصلاحات" التي ستحدثها الحكومة في الجهاز القضائي، في حين لم يوضح ماهية القرارات التي ستشملها المرحلة التالية، ودون أن يضع جدولا زمنيا للإجراءات الأربعة التي تشملها المرحلة الأولى.
في 15 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كانت المستشارة القضائية قد اعتبرت أن هذه الإجراءات تسعى لتقليص قوة السلطة القضائية وتأثير "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته"، وذلك خلال مشاركتها في مؤتمر القانون العام في جامعة حيفا، مشددة على أن هذه الإجراءات تستهدف "الديمقراطية الإسرائيلية والفئات السكانية الضعيفة".
وأضافت أن أن "تغيير النظام بشكل جوهري يتطلب تفكيرا معمقا وترجيح رأي مدروس"، وأشارت إلى أن "حكم الأغلبية، من دون تسويات في النظام تُوازن قوة الأغلبية، ليس ديمقراطيا بمفهومه الجوهري. فالمبادرات (القانونية) تسعى إلى تقليص قوة السلطة القضائية وتقييد تأثير "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته’. وسيكون لذلك تأثير عميق على الحفاظ على الإدارة السليمة".