خبر : خلط الاوراق أم قلب الطاولة ؟؟ ... د. نصري قمصية

الأحد 08 نوفمبر 2009 11:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
خلط الاوراق أم قلب الطاولة ؟؟ ... د. نصري قمصية



  يشكل خطاب الرئيس ابو مازن يوم الخميس 5112009 انعطافة سياسية غير مسبوقة في نهج الرئيس السياسي القائم على مبدأ الوصول الى الدولة الفلسطينية المستقلة من خلال المفاوضات كاداة واحدة وحيدة . لقد وصل الرئيس عباس الى قناعة , ولو متاخرا , الى ان سنين طويلة من المفاوضات مع اسرائيل لم تثمر إلا مزيدا من الإستيطان , ومصادرة الأراضي الفلسطينية , ومزيدا من الإعتقالات في صفوف الفلسطينين , ومزيدا من المعاناة على مختلف الأشكال والألوان ومزيدا من المساس برموز السلطة الفلسطينية . كما أُصيب الرئيس عباس بخيبة امل كبيرة من التخلي الباطني عن الدعم لمشروعه من قبل الرسمي العربي لا سيما في مطلبه وقف الأستيطان الإسرائيلي كاستحقاق اولي من بنود خارطة الطريق , من اجل استئناف المفاوضات مع اسرائيل . لكن الشعرة التي قصفت ظهر الرئيس كان التراجع الذي لم يتوقعه من الجانب الأمريكي فيما يتعلق بوقف النشاط الإستيطاني الإسرائيلي . معلوم ان الرئيس الأمريكي باراك اوباما كان منذ الايام الأولى لدخوله البيت الأبيض قد انخرط في الصراع الفلسطيني | الإسرائيلي . تمثل ذلك في خطوتين : اولهما ارساله السيناتور ميتشل مبعوثا رسميا الى المنطقة للبحث عن وسائل حل المشكلة الفلسطينية على اساس " حل الدولتين " , وثانيهما مطالبته اسرائيل بوقف النشاط الإستيطاني الإسرائيلي وقفا كاملا بما فيه ما يتعلق بالقدس الشرقية . هذا التعهد , اوالالتزام, الأمريكي قوبل بردود فعل اسرائيلية قاسية على مستويين : الأول كان المستوى الرسمي , والثاني كان مستوى اللوبي الإسرائيلي في امريكا . نجح الضغط الأسرائيلي في اجبار امريكا على التراجع الذي جاء على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلاري كلينتون والتي طالبت باستئناف المفاوضات بين الطرفين بدون شروط مسبقة , واعتبرت " التنازلات " الإسرائيلية في موضوع النشاط الإستيطاني " غير مسبوقة" . إذا اضفنا الى هذه العوامل الهزة العنيفة التي طالت الرئيس عباس في موضوع تقرير غولدستون , يكون بالإمكان تصور المسرح الذي يلعب فيه الرئيس , تصور عقلانية القرار الذي اتخذه الرئيس والذي يمكن اختصاره في امرين : الأمر الأول يتعلق في قراره عدم رغبته في ترشيح نفسة لإنتخابات الرئاسة بالرغم من معارضة اللجنة التنفيذة ل منظمة التحرير الفلسطينية , وكذلك معارضة اللجنة المركزية لحركة فتح الأمر الثاني يتعلق بطرحة لثماني نقاط جوهرية كأدوات , وكاساس لفاوضات مستقبلية مع الجانب الإسرائيلي , إذا ما قُدر لهذه المفاوضات ان ترى النور مستقبلا . أعتقد ان الرئيس عباس في خطوته الجريئة كان يخاطب عناوين متعددة ومنها 1. الداخل الفلسطيني الذي يعاني الإنشطار الجغرافي , والتيه السياسي , والقرف من الإستمرار في مفاوضات عبثية طالت عليها السنين , إضافة الى الإحتقان السياسي الذي لا يعرف احد متى ينفجر , وفي اي اتجاه يكون . 2. الحكومة والشعب الأسرائيلي : كان الرئيس واضحا في قوله للإسرائيليين بان" السلام اهم من اي تكتل او إئتلاف حكومي تكون نتيجته دفع المنطقة الى الهاوية" . لكن , اعتقد, ان مخاطبة اسرائيل بهذه اللهجة هو تكرار لخطأ ساد في الرؤيا الفلسطينية الرسمية للصراع . 3. العرب الرسميين , هناك شعور متزايد بين الفلسطينين بأن العرب تركوا الفلسطينيين يحكون جلدهم بانفسهم , ويحصدون ما يزرعون . وبرايي ان الفلسطيني الرسمي ساهم في إبعاد العرب عن قضيته , وهم , العرب الرسميون , يسعون اصلا للتخلص من الهم الفلسطيني لان قرارهم ليس بيدهم اصلا . 4. امريكا , شعر الرئيس بان امريكا خذ لته , وحابت اسرائيل , فأراد خلط الإوراق . لكن الرد الإمريكي على هذا الخلط في اللعبة جاء على غير ما هو متوقع رسميا . الخارجية الأمريكية قالت على لسان رئيستها السيدة كلينتون بانها ترحب بالتعاون مع الرئيس عباس في اي موقع يكون فيه . بمعنى ان امريكا اعتبرت قرار الرئيس عباس بعدم ترشيح نفسه للرئاسة مرة ثانية عبارة عن مناورة القصد منها الضغط على الجانب الأمريكي , واعتبرت ان مثل هكذا مناورات لا تجدي مع الجانب الأمريكي . 5. حماس المطالبة , براي الرئيس عباس ان تعيد النظر في موقفها من انقلابها في غزة ومن موقفها من المصالحة الوطنية . للأسف حماس اعتبرت قرار الرئيس مسالة شخصية . السؤال الذي يُلح الأن على كل شفة فلسطينية هو وماذا بعد؟؟ إن سياسة خلط الأوراق لا تجدي مع كل العناوين التي ذكرتها انفا , المطلوب خطوات اخرى اشار الرئيس الى انه سيتخذها , ولكنه لم يفصح عنها . اعتقد ان معطيات الوضع الفلسطيني الحالي , وهو الوضع غير المسبوق في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية من حيث خطورته على تصفية القضية , تستدعي خطوات اكثر تقدما , خطوات تستهدف مفهوم " السلطة " وليدة مبادئ اتفاقيات اوسلو , وتستهدف مفهوم اطار منظمة التحرير الفلسطينية , المعنى هل نحن في مرحلة تحرير ام في سباق نحو بناء دولة وهمية كانتونية تحت سلطة الإحتلال , هل نحن في سباق لشراء اثاث البيت قبل الحصول على البناء . اعتقد ان قرار الرئيس عباس يجب ان يؤخد على انه الخطوة الأولى في عملية تصحيح الفهم الإستراتيجي للمسار الفلسطيني المستقبلي . اما الدعاة المطالبون الرئيس العدول عن قراره فليست إلا تفسيرا خاطئا لمعاني القرار , وليست إلا عنادا عن العودة الى خط م. ت. ف التاريخي , واستمرارا في تكديس المكاسب الشخصانية . المطلوب بعد خطوة الرئيس الأولية خطوات تقلب الطاولة على الجميع .