لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن العديد من السيناريوهات المتوقعة في المستقبل القريب ومن كثرة هذه السيناريوهات لم يعد المواطن قادراً على فهم ما يدور حوله حتى أن العديدون أصيبوا بالاكتئاب والإحباط نتيجة توقف العملية السياسية على كافة المسارات الفلسطينية الفلسطينية.. والفلسطينية المصرية.. والفلسطينية الأمريكية.. والفلسطينية الإسرائيلية وبدأت سياسة عض الأصابع من جديد بين كافة الأطراف المتآمرة والعدائية والواقعية والمتطرفة يمينا ويسارا ...وهنا يظهر السؤال ما العمل في ضوء كل هذه التجاذبات الاستاتيكية وهل نحن ذاهبون في اتجاه الكارثة.. أم ماذا ؟؟ خاصة بعد تهديد السيد الرئيس بالتنحي ...لقد أصبح واضحاً في ضوء المعطيات السياسية الحالية وفي وجود حكومة نتنياهو وتعيين كلينتون المتصهينة وزيرة للخارجية الأمريكية وفي ضوء العجز العربي والضعف الفلسطيني ..لا توجد أي آفاق لأي تسوية سياسية في المدى المنظور لا عادلة ولا غير عادلة وأصبحت الحكومة الإسرائيلية تعمل في اتجاهين وتحضر لاتجاه ثالث كخيار ضروري لإعادة الفلسطينيين إلى المربع الأول الذي تريده.الخيار الأول وهو سياسة نتنياهو والأمن الاقتصادي ودعوة العالم الغربي والعربي لخطة مارشال جديدة لإعادة إعمار قطاع غزة وهي الطريقة الذكية لاحتواء حركة حماس في غزة واغراقها بالأموال الشرعية وتحويل قادتها إلى أطراف اقتصادية لها مصلحة في تحقيق الاستقرار في المنطقة مع الابقاء على حالة الانقسام الفلسطيني لضمان عدم وجود طرف فلسطيني قادر على المناورة السياسية وتوجيه الأمور في اتجاه آخر يجبر إسرائيل والعالم على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية أو التفاوض عليها وهذا ما لا تمتلكه الأجندة الإسرائيلية في المدى المنظور.أما السيناريو الثاني فهو قد بدأ بالفعل وهو العمل الجاد على إضعاف وإحراج السلطة في رام الله وإظهارها بأسوأ صورة ممكنة أمام الجمهور الفلسطيني وأمام العالم العربي بحيث تبدو عاجزة وفاسدة ولا تمتلك أي خيارات خاصة في ضوء استمرار الاستيطان والاعتداء على الأقصى ومداهمة المدن الفلسطينية في الضفة الغربية والتصعيد ضد المقاومة هناك.والاصرار على خيار الاعتراف بالدولة اليهودية لسد الطريق على أي محاولات لاعادة المفاوضات على اساس الاتفاقات السابقة المجحفة اصلا ......هذا الاعتراف الذي يعني بالاساس الاعتاف بشرعية الحركة الصهيونية ومشروعها واسقاط الحق التاريخي والاخلاقي الذي لحق بالشعب الفلسطيني بسبب ذلك المشروع ...ناهيك عن شطب حق العودة وتهجيير الفلسطينيين من فلسطين التاريخية .... وكل ذلك يحضر لحالة احتقان كبيرة بين المواطنين في الضفة ..والنقمة الشديدة على السلطة وخياراتها .. وانعدام الثقة خاصة وأن هذه السلطة لم تحاول حتى اللحظة إظهار عكس ذلك بإعلانها لوقف المفاوضات السرية والعلنية ووقف التنسيق الأمني والاعتقال السياسي والتهديد بحل السلطة إذا لزم الأمر.... أو الذهاب إلى المصالحة تحت برنامج المقاومة وليس برنامج المساومة وهذا يستدعي تغير تحالفاتها وخياراتها وهو غير مسموح به ويعني انتحارها سياسياً..... وهذا ما حذا بالرئيس للتهديد بعم ترشيح نفسه لان الرسالة واضحة ..لا افاق لاي تسوية سياسية في ضوء ..سياسة السلام خيار استراتيجي ووحيد..مع هكذا عدو مجرم ووقح ..أما الخيار الثالث والتي تحضر له القيادة العسكرية في إسرائيل وهو الإيحاء للعالم بأن امن إسرائيل أصبح في خطر وأن المقاومة الفلسطينية في غزة أضحت تمتلك القدرة على ضرب تل أبيب وتهديد حياة 3 ملايين إسرائيلي.. وأنها أصبحت محاطة بخطر كبير من الشمال والجنوب إضافة إلى الخطر النووي الإيراني وهي كانت مضطرة في الماضي لتوجيه ضربة لغزة لحفظ أمن مواطنيها وأنها ستكون مضطرة في المستقبل القريب لتوجيه ضربة جديدة سريعة ومركزة تهدف لتدمير قدرة حماس العسكرية ومنع أي مفاجآت مستقبلية قد تخلق حالة من توازن الرعب غير الموجودة حالياً خاصة بعد العدوان الأخير والهدف الآخر هو إحراج مؤسسة الرئاسة في رام الله ودعم التوجه الثاني لخطة الحركة الإسرائيلية 2009.. طبعاً هذا السيناريو سيتم اللجوء إليه إذا ما فشلت إسرائيل في جلب دعم العرب و الفلسطينيين والغرب لخطة مارشال لإعادة إعمار غزة وتسليم رقبة حماس دبلوماسياً وسياسياً وبالطبع هذا الخيار فاشل من الآن.... ويبقى السيناريو الأخير هو الأرجح في حالة لم تنجح المصالحة الفلسطينية على برنامج توافق وطني مستنداً إلى عدم وجود أي آفاق لأي حلول سياسية نتيجة لاختلال موازين القوى وتعنت الحكومة الإسرائيلية الحالية والانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل.. وهذا يعني أنه يجب العمل السريع على قطع الطريق على المخططات الإسرائيلية والذهاب إلى القاهرة لإنهاء حالة الانقسام بأسرع وقت ممكن لتشكيل مظلة حماية فلسطينية عربية ودولية لقطاع غزة....والتي قد تمنع اسرائيل من تمرير مخططاتها ثلاثية الابعاد ويبقى الخيارالقادم امام كل الفلسطينيين ....إما المصالحة أو الحرب على الجميع....وغبر مسموح الانتظار طويلا لان الوقت من دم ...فارحمونا..............