سعادة السفير:بداية وكالعادة فى كل بداية مشوار لابد من التقدم لشخصكم بالتهاني على تقلدكم منصبكم الجديد سفيرا لدولة فلسطين فى جمهورية مصر العربية ومندوبنا الدائم فى جامعة الدول العربية , مع علمي وإدراكي أن هذا المنصب ليس بجديد عليكم سوى بالشكل والاسم فقط لأنكم عملتم سنوات طويلة فى الحقل الدبلوماسي وفى ذات المكان وهو سفارة فلسطين فى القاهرة ومن هنا يجب أن لا تكون البداية من الصفر كما تعودنا كلما شغل مسئول جديد منصبا جديدا بل أنتم تعلمون دقائق وخفايا الأمور بحكم تجربتكم . ومن هنا لابد أنكم تدركون أن عمل السفارة والسفير فى كل مكان هو فى الأساس تمثيل لحكومته ودولته وشعبه أمام الجهات الرسمية والشعبية فى الدولة المتواجد على أرضها , وأن يقدم نموذجا محترما فى كافة المجالات حتى يرتفع شأن بلاده وتوضيح المواقف بشكل جلي من كل قضية , وتزداد أهمية السفارة والسفير بمقدار أهمية الدولة المتواجد على أرضها , وعندما يكون الحديث عن جمهورية مصر العربية بكل ما تحمل من معاني ومدلولات وثقل سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي وبحكم الجغرافيا والتاريخ والموقع يجعل مكانة ودور السفارة والسفير فوق الوصف والتقدير من الاهتمام وضرورة التركيز من خلال خطط موضوعة لكافة المجالات وخاصة فى ظل الظروف الحالية القاهرة . سعادة السفير: أنا واثق أن المطلوب منك تنفيذه كبير ويحتاج الى جهود جبارة حتى ترتقي بمستوى السفارة وتعمل على تغيير الصورة السوداوية المغروسة فى ذهن الغالبية من أبناء شعبنا سواء المتواجدين على أرض مصر أو فى الشتات أو داخل فلسطين ( فى قطاع غزة ) , ويجب أن لا يلومهم أحد على تلك الصورة السلبية وأن يتهمهم أحد بالتحامل على أحد بل المعروف لدى كافة شعوب الأرض أن السفارة فى الأصل هي العنوان والمكان الوحيد الذي يجب أن يلجأ إليه كل مواطن عندما تتعرض له مشكلة أو حاجة ويجب أن يجد الجواب الشافي لمشكلته ومتابعتها ولابد أن يشعر المواطن بقيمته الإنسانية داخل سفارته لأنها فى حقيقتها بيته المفتوح له كل وقت وحين .وبحكم عملي كوزير سابق لمدة سبع سنين فقد تنقلت فى غالبية الدول وتعاملت مع الكثير من السفراء واسمح لي أن أقول بكل صراحة فإن الغالبية من إخواننا السفراء لا يقومون بتلك الواجبات الملقاة على عاتقهم , وأخص بالذكر تلك الدول التى يتواجد على أرضها جالية فلسطينية بغض النظر عن حجم تلك الجالية , بل إنني عندما سألت أحد السفراء لماذا لا يلتقي مع أبناء الجالية فى تلك الدولة ؟ أجاب بكل برود " مشاكلهم كثيرة ولا تنتهي " , ولأن مشاكلهم كثيرة يتم إغلاق باب السفارة فى وجوههم أو فى أحسن الأحوال هناك شباك للشكاوى لمجرد الاستقبال " ديكور " بدون أدنى اهتمام إلا فى حالات يكون صاحب الشكوى له واسطة كبيرة أو له معرفة خاصة بأحد العاملين فى السفارة مهما كان وزنه , وهذا يدفع أبناءنا للتوجه الى وسائل أخرى لحل مشاكلهم وبعضهم يتوجه الى سفارات وعناوين غير فلسطينية لطلب المساعدة وهذه قمة المهزلة وتأكيد الفشل وفقدان ثقة الشعب بممثليه . سعادة السفير: هذا بالنسبة للمستوى الأول والأهم وهو العلاقة مع أبناء شعبنا فى الخارج أما المستوى الثاني وهو علاقة السفير والسفارة مع المسئولين الرسميين لدولته , وأنا هنا أقدم فقط النصيحة لكم وأنتم الأدرى منا , فعندما كنت أسافر لحضور مؤتمر فى دولة من الدول فإنني كنت أشعر بنوع من النقص عندما أنظر الى الوزراء المشاركين تجد أن كل وزير منهم يقف و على يمينه سفير دولته لا يكاد يفارقه فى كافة الجلسات الرسمية ويقوم عبر طاقم السفارة بالإشراف على برنامج المؤتمر إلا الوزير الفلسطيني لأن سفيرنا يعتقد دائما أن مكانته الشخصية أكبر من استقبال أو مرافقة وزير , وأنا هنا لا أعمم بل الغالبية لأنني التقيت بإخوة سفراء يقومون بدورهم ولهم الشكر ولا أريد التخصيص فى المدح أو الذم ولكن الهدف هو تشخيص حالة موجودة , وفى العادة فإن مستوى تعامل السفير مع أي ضيف قادم له أكثر من مستوى فإذا كان الضيف له علاقة مباشرة وسابقة مع السفير يأخذ حقه كاملا أما إذا كانت لا تربطه تلك العلاقة فهنا يتفاوت مع مستوى الاهتمام , ومن هنا لابد من مراجعة شاملة لتلك السياسة من أجل تطوير عمل السفارات وعدم ترك الأمور لمزاجية السفير أينما كان . سعادة السفير:كل ما سبق أكتبه إليك من منطلق الحب والاحترام والتقدير وأنا أستغل استلامك منصبك الجديد فى دولة مركزية وذات ثقل سياسي والأنظار متوجهة إليك , وحجم المشاكل كبير – أعانك الله على حملها – ولكن إذا صدقت النوايا وأحسنت وضع الخطة ونجحت فى اختيار الطاقم المؤهل والقادر على حمل الأعباء معك وعبر إدارة حكيمة وصارمة ومتابعة لكل تفاصيل العمل وعدم الاستهانة بالأمور الصغيرة وخاصة فما يتعلق بهموم المواطنين , فأنا على يقين أنك وخلال فترة زمنية معقولة ستبدأ فى تغيير النظرة السلبية حول السفارة , ومن خلالكم ومن خلال تجربتكم وشخصكم الكريم المعروف بتواضعه وحبه لكل أبناء شعبه – بعيدا عن التقسيمات الحزبية الضيقة – فإنكم تملكون تلك القدرة لتكونوا نموذجا عمليا لبقية سفاراتنا .هذه رسالة مباركة لكم مع دعواتنا لكم بالتوفيق والنجاح والسداد , لنرى معالم تحقيق دولتنا الفلسطينية على الأرض من خلال سفاراتنا فلا ينقصنا سوى الإرادة والتصميم والتخطيط والعمل والعلم لإثبات الذات على الأرض . رئيس مركز آدم لحوار الحضارات www.imadfalouji.ps