القدس المحتلة/سما/
أكّد اللاعبون والمُشجعون العرب الذين توافدوا لمونديال قطر أنّه خلافًا للأنظمة الحاكمة، المُطبّعة مع كيان الاحتلال، وتلك التي تنتظر الانضمام لقطار سلام الاستسلام، أكّدوا أنّهم كانوا وما زالوا متمسّكين بقضية فلسطين، وردود أفعالهم داخل وخارج الملاعب، أوضحت بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأنّ السلام المُصطنع والمُبتذل مع الـ شقيقة” إسرائيل هو سراب وهراء، الأمر الذي أثار حفيظة الإسرائيليين ودفعهم للتفكير مرّةً أخرى بما يجِب فعله لتغيير الوضع القائم، أيْ برودة السلام الشعبيّ.
سفير إسرائيل الأسبق في مصر، نشر مقالاً في صحيفة (معاريف) العبريّة قال فيه إنّ “45 عامًا مرّت على زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى إسرائيل، والتي أدهشت الكثيرين، فبعد استلامه دفة الحكم في أعقاب وفاة الأيقونة جمال عبد الناصر، ساد تخوف من أنّه لن يصمد في الحكم أكثر من أشهر معدودة، بسبب صورته الرمادية وضعفه، لكنّه فاجأ إسرائيل وصدمها مرتين. في المرّة الأولى، في حرب أكتوبر 1973]، حين نجح، بعكس التوقعات، في دفع إسرائيل خارج ضفة قناة السويس، وصار (بطل العبور)، أمّا المفاجأة الثانية، فكانت زيارته إلى القدس، خلافًا لرأي كلّ الدول العربيّة.
ومضى السفير قائلاً إنّه “من وجهة نظر السادات، فإنّ اتفاق السلام مع إسرائيل لم يكن اتفاقًا منفردًا، بل كان جزءًا من رزمة أُطلق عليها اتفاقيات (كامب ديفيد) التي كانت تعتمد على ركيزتيْن، الأولى، التسوية مع إسرائيل، والثانية حلّ القضية الفلسطينيّة”.
ولفت ليفانون إلى أنّه “حتى بعد مرور 45 عامًا على زيارة السادات لنا، تعتبر مصر نفسها ملزمة فقط بكامب دايفيد. وهذا يفسّر الكثير من الأمور، كما أنه يُوضِح لماذا اشترطت مصر التطبيع بإحراز تقدُّمٍ في القضية الفلسطينية، كما أنّ ذلك يؤكِّد لماذا تؤيد القاهرة بصورةٍ كاملةٍ الموقف الفلسطينيّ حيال التسوية الدائمة”.
وتابع: “بكلماتٍ أخرى، وفقًا للرؤية المصريّة، فإنّه إذا تمّ حلّ القضية الفلسطينيّة كما اتفقّ عليه في كامب دايفيد، فمن المعقول أنْ نشهد سلامًا بين الشعبيْن، وليس بين زعماء البلدين”.
وأوضح ليفانون أنّه “كما هو معروف، فإنّ لإسرائيل اليوم اتفاقات مشابهة لاتفاق (كامب ديفيد) مع كلٍّ من المغرب والسودان والأردن والإمارات والبحرين، والسؤال الذي يطرح نفسه: بعد أقل من 50 عامًا على زيارة السادات، هل نستمر في الوضع الحالي، فنقيم علاقات مع الزعماء فقط، أمْ نُغيّر المعادلة، بحيث يتسلل السلام إلى الشعوب؟”.
علاوة على ذلك، أوضح ليفانون، أنّ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزّة في آب (أغسطس) الماضي “أبرز حقيقتين هامتيْن، ليستا في المجال العسكريّ: الأولى، أنّ الإعلام في عصرنا حيويّ لغرس روايتنا لدى الجمهور الواسع ودعم الخطوات العسكرية، والثانية، أنّه يمكن النجاح في الإعلام إذا ما عملنا بشكلٍ صحيحٍ، كما أنّه يمكن التأثير على الرأي العام العالميّ”، على حدّ قوله.
وزعم أنّ “النجاح الإعلاميّ خلال العدوان الأخير ضدّ غزة، يجب أنْ يشجعنا على أنْ نفعّل الأمر الأكبر، الذي في الماضي بحثنا فيه لكنه لم يخرج إلى حيز التنفيذ: تلفزيونًا إسرائيليًا باللغة العربية موجهًا للعالم العربي من المحيط للخليج”، على حدّ قوله.
وقدّر السفير، أنّ إطلاق مثل هذا المشروع “سيسمح لنا بأنْ نؤثر على وعي الجمهور في الشرق الأوسط وفي كلّ مكانٍ يتكلمون فيه العربية، وأنْ ننشر السرديّة الإسرائيليّة“.
وخلُص إلى القول إنّ “وضع إسرائيل في الشرق الأوسط، من جهة اتفاقات تطبيع ومن جهة أخرى صدامات عسكرية، يجعل مشروع تلفزيون بالعربية خاص بإسرائيل، أمرًا ملحًا“.
على صلةٍ بما سلف، أقرّت المستشرقة الإسرائيليّة سمدار بيري في تحليلٍ نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أقرّت بأنّ السلام مع مصر ما زال باردًا جدًا وبحاجةٍ ماسّةٍ للإنعاش، خصوصًا من طرف صُنّاع القرار في القاهرة، وبطبيعة الحال من الشعب المصريّ.
ولفتت في الوقت عينه إلى أنّ ما أسمته بـ “شهر العسل” الإسرائيليّ مع دول الخليج يزداد حدّةً بالتزامن مع “السلام البارد”، التجاريّ والمدنيّ، مع مصر، الأمر الذي يتطلّب من إسرائيل دفع الباب إلى الأمام لإدخال مصر ضمن هذا السلام الدافئ الحاصل مع الدول العربيّة في الخليج، على حدّ تعبيرها.
وتساءلت المستشرقة: “لماذا لا يستطيع رجل أعمالٍ إسرائيليٍّ، وكان هناك المئات منهم، بيع التكنولوجيا المتقدمة لمصر؟ ولماذا توقفت عملية التعاون الزراعيّ التي ازدهرت في العقود السابقة، وهل هناك مجال للعودة لصناعة الملابس والأغذية التي توقفت في السنوات الأخيرة؟ والسؤال الأكثر وضوحًا لماذا تستمر السلطات المصرية بإغلاق الأبواب وعدم السماح بزيارات مواطنيها لإسرائيل؟”، على حدّ تعبيرها.
رأي اليوم