" يجب أن نخرج سريعا من حالة الضغط على عقولنا بواقع الانقسام الحالي .... الانقسام سيء ومدمر لشعبنا وقضيتنا نفسيا وماديا .... الخطر المركزي الذي يعاني منه شعب فلسطين هو الاحتلال الصهيوني .. " " أقول لإخواني في فتح إذا كان التصلب والتشدد مع حماس في مساعي إنهاء الانقسام هو وجود رهان على مستقبل التسوية ، أقول لكم انه رهان خاسر ، إن خيار المفاوضات لن يأتي بدولة .. وأقول لإخواني في حماس إذا كنتم تظنون أن إدارة غزة في ظل الحصار والانقسام هو انجاز للمشروع الإسلامي فهذا أيضا وهم يجب أن نتحرر منه .. على حماس أن تغير سلوكها لا مبادئها وثوابتها .. " ما سبق ، كان فقرات وردت في كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح ألقاها عبر الهاتف بمناسبة إحياء الذكرى الثانية والعشرين لانطلاقة حركة الجهاد الإسلامي والتي توافق الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد القائد المؤسس للحركة دكتور فتحي شقاقي الذي اغتاله عملاء الموساد الإسرائيلي بعد عملية طويلة من المتابعة والملاحقة لتحركاته في العواصم الأوربية . مايهمنا في إطار هذه العجالة هو إخضاع ماسبق من فقرات للتحليل وتسليط الأضواء وتسجيل جملة من الحقائق ونسوق ذلك على النحو التالي : أولا : ليس هناك ثمة جدل على الإطلاق بخصوص أن الانقسام الكريه الذي يسود حاليا الساحة الوطنية الفلسطينية هو سيء ومدمر وقد الحق الضرر الفادح ليس فقط بالقضية الوطنية الفلسطينية ، بل الحق ضررا هائلا بالنسيج الاجتماعي لأبناء الشعب الفلسطيني وما ترتب على ذلك من تسميم كل مناحي الحياة الفلسطينية والأمر يفترض العمل دون هوادة على إنهاء هذه الحالة الغريبة على الحياة الوطنية الفلسطينية وهذا من خلال الضغط على الفريق المعطل لمتطلبات المصالحة ودفعه للانخراط السريع في التوافق الوطني .... إن حركة فتح لم تمارس التصلب والتشدد مع حماس في مساعي إنهاء الانقسام وإلا لما كانت السباقة إلى التوقيع على الورقة المصرية للمصالحة على الرغم مما تحمله من تحفظات وهذا تحت تأثير إدراكها لجسامة المسؤولية الوطنية . ثانيا : لا خلاف أيضا على أن الخطر المركزي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني يتجسد في الاحتلال الصهيوني لأرضنا والأمر يفترض إعادة الحياة إلى العمل الوطني الفلسطيني المشترك الذي تشكل بوابته الأولى انجاز المصالحة والتوافق الوطني كخطوة أولى أساسية على طريق الاصطفاف الوحدوي لمواجهة هذا الخطر المركزي الممثل بالاحتلال الذي هو المستفيد الأكبر من وضعية الانقسام الذي يسود الساحة الفلسطينية في الوقت الراهن .... أن يحدث الانقسام والاحتلال لا يزال جاثما على الأرض والشعب فهذا أمر مروع لم يحدث على الإطلاق في تاريخ الشعوب التي عانت وكافحت الاحتلال الأجنبي ؟! ثالثا : يخاطب د . شلح الإخوة في حركة فتح قائلا : " إن اعتماد خيار المفاوضات لن يأتي بدولة .. " هذا منطق صحيح ولكن من الذي قال أن حركة فتح تعتمد خيار المفاوضات كخيار وحيد لانجاز الحق الوطني المشروع ؟ إن المفاوضات التي جرت مع الاحتلال جاءت تتويجا لتراكمات كفاحية وانتفاضات باسلة وأشكال متعددة من المقاومة ضد الاحتلال.... المفاوضات السياسية، الكفاح المسلح، الانتفاضات الشعبية الجماهيرية هي أشكال متعددة، متكاملة للكفاح التحرري تفرضها طبيعة الظروف الموضوعية التي تحيط بالحركة الوطنية.. هي أشكال مترابطة ، متكاملة ، وتخدم بعضها البعض .. ثم الم تؤكد حركة فتح في مؤتمرها الأخير على حق شعبنا الفلسطيني في المقاومة متعددة الأشكال ضد الاحتلال ؟؟ ثم أليس المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي متوقفة منذ أكثر من عام في انتظار تنفيذ الاختلال لما عليه من استحقاقات ؟ رابعا : خاطب د.رمضان شلح الإخوة في حركة حماس قائلا : " إذا كنتم تظنون أن إدارة غزة في ظل الحصار والانقسام هو انجاز للمشروع الإسلامي فهذا أيضا وهم يجب أن نتحرر منه .. على حماس أن تغير سلوكها لا مبادئها وثوابتها .. " هنا تأكيد على ضرورة العمل من اجل إنجاح المشروع الوطني أولا وهو الأمر الذي يفترض الإسراع إلى انجاز المصالحة الوطنية وترتيب الأوراق الوطنية بعيدا عن حالة الانقسام الخطير التي لن تخدم لا المشروع الوطني ولا المشروع الإسلامي بل أن الانقسام الراهن يتيح للاحتلال الاستمرار في سرقة الأرض وتهويدها وفرض الحقائق عليها في الوقت الذي تتبدد فيه الطاقات الوطنية في غير موضعها .... إن تصفية الاحتلال وانجاز الحق الوطني المشروع في الحرية والاستقلال هي مهام وطنية مركزية تفترض العمل الوطني المشترك وترحيل كل الاختلافات الفكرية والسياسية إلى ما بعد انجاز الدولة وتقرير المصير . خامسا : ندرك ، نحترم ونقدر موقف حركة الجهاد الإسلامي التي لم تشارك في اللعبة الانتخابية فيما مضى وهي لم تقدم – حتى اللحظة – مايؤشر على أنها ستشارك مستقبلا في الانتخابات القادمة وهذا من منظور أن لا انتخابات في ظل الاحتلال .... هذا الموقف من حركة الجهاد الإسلامي يؤهلها لكي تعمل عبر التنسيق مع كل الجهات الوطنية والاقليمبة – التي تسعى عبر جهود دؤوبة لإنهاء الوضع المأساوي في الساحة الفلسطينية – للعمل بما يخدم المهمة الملحة العاجلة التي تتجسد في إنهاء الانقسام وعودة الحياة إلى المشروع الوطني الذي تراجع كثيرا إلى الوراء . سادسا: في نهاية كلمته يخاطب الأمين العام للجهاد الإسلامي الإخوة في فتح وحماس قائلا: " نمد أيدينا لإخواننا في حماس وفتح ولكل القوى والفصائل والفعاليات العمل سويا للخروج من هذه الأزمة ومن هذا الواقع المأساوي...." في الحقيقة إن الواقع المأساوي الراهن الذي يعيشه شعبنا لا يمكن تصنيفه بكونه " أزمة " بل إن الأمر يتعدى ذلك ... إنه مأزق خطير غير مسبوق في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة هذا المأزق أصاب المشروع الوطني بالشلل شبه الكامل ولأول مرة أتاح هذا الوضع الغريب للاحتلال أن يمارس حملة استيطانية مجنونة بحق الأرض والمقدسات وبخاصة الأقصى الشريف الذي يخطط العدو لتقسيمه أسوة بما حدث في الحرم الإبراهيمي الشريف وهذا يجري دون أي ردود فعل متكافئة مع خطورة الوضع الراهن . بكلمة أخيرة ، نقدر وندعم دعوة الأمين العام لحركة الجهاد للقفز فوق الجراح والعمل على إعادة اللحمة الوطنية إلى وضعها الطبيعي وإعادة الاعتبار من جديد لقضيتنا الوطنية لتأخذ مكانها على كافة المنابر الإقليمية والدولية ومن ثم الخروج بشعبنا من هذا المأزق المأساوي الراهن .. تحية لحركة الجهاد في ذكرى انطلاقتها الثانية والعشرين وكذا ثمة اعتقاد لدينا أن أقوال د. شلح في هذه المناسبة تعتبر خطوة إلى الأمام ؟؟