كم مرة سمعت هذه الجملة: "فلان أُصيب بكورونا رغم تلقيه جرعات اللقاح كاملة والجرعات المعززة..."؟ على الأغلب نسمعها ومثيلاتها بصفة يومية على الرغم من حقيقة أن العالم يحاول التعافي من الجائحة التي أصابت كل أرجاء المعمورة بالشلل على مدار نحو 3 سنوات، وخلّفت وراءها ملايين الوفيات والإصابات.
وفي هذا الشأن، أفادت دراسة جديدة من "جامعة أوريغون للصحة والعلوم" بأميركا، بأن الإصابات الخارقة للقاحات توفر مناعة كبيرة ضد كوفيد-19، وربما تسهم في تفكيك الجائحة.
والإصابات الخارقة للقاحات هي تلك التي تحدث على الرغم من حصول الشخص على الجرعات المكتملة للقاح، والجرعات المعززة كذلك، حيث يضع الحصول عليهما الفيروس في ضغط تطوري يدفعه لإيجاد المزيد من السبل لإصابة الناس على حساب قدرته على الإمراض، أي إحداث الأعراض المصاحبة للمرض.
وخلال الدراسة، وجد الباحثون أنه مع ارتفاع الإصابات بمتحورات أوميكرون الفرعية، الخارقة للقاحات، ومع استمرار حملات التطعيم والتعزيز العالمية، ستكتسب نسبة متزايدة من سكان العالم استجابات مناعية قوية قد تكون وقائية ضد المتغيرات المستقبلية من الفيروس.
واعتمدت نتائج الدراسة، التي نُشرت الأسبوع الماضي في دورية (Med)، على استخدام عيّنات الدم لتوصيف الاستجابة المناعية للفيروس، حيث قام الباحثون بقياس استجابة مناعية قوية بين عينات دم تم الحصول عليها من 99 موظفاً.
ويرى كبير الباحثين، مارسيل كيرلين، وهو أستاذ مساعد في طب الأمراض المعدية أنه "في وقت مبكر من الوباء، كان لدينا معدل وفيات مرتفع للغاية في بعض الفئات الضعيفة، مثل كبار السن في دور رعاية المسنين. لكن هذا الواقع يتغير ببطء، وتدعم دراستنا فكرة أن التطعيم هو طريق لمرض أكثر اعتدالاً، فحتى لو كنت أكبر سنا، فإن فرص إصابتك بمرض خطير إذا تمت إعادة العدوى إليك تبدو أقل بكثير مما كانت عليه في بداية الوباء".
أما فيكادو تافيسي، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الدقيقة الجزيئي وعلم المناعة، والباحث المشارك بالدراسة، فيتوقع استجابة مناعية أكثر قوة بين الأشخاص الذين يتلقون اللقاح الثنائي التكافؤ المعزز الجديد الذي يستهدف المتحورين الفرعيين من أوميكرون BA.4 وBA.5.
ويضيف: "نتوقع أن استراتيجيات اللقاح المحدثة مع أنظمة محددة متغيرة ستحسن بشكل كبير من نطاق الاستجابة المناعية وتوفر حماية أفضل ضد متغيرات الفيروس".
وعلى عكس بداية الوباء، لم يعد فيروس كورونا المستجد "جديداً" على جهاز المناعة البشري، وتم الآن الحصول على مناعة ناتجة عن تلقيح معظم الناس في العالم أو الإصابة أو كليهما، مما يعني أن الفيروس يواجه استجابة مناعية أكثر فاعلية مع كل إصابة جديدة.
ويرى كبير الباحثين أن الدراسة الجديدة تعكس على الأرجح حقيقة أن الفيروس يتطور ليصبح أكثر قابلية للانتقال ولكنه أقل ضررا. ويضيف كيرلين: "الضغط التطوري يقود الفيروس لإيجاد المزيد من السبل لإصابة الناس على حساب الأمراض"، أي القدرة على إحداث الأعراض المصاحبة للمرض.
وقد أظهرت بيانات مجمعة أن إجمالي عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في أنحاء العالم تخطى 615 مليون إصابة حتى أمس.
وأوضحت أحدث البيانات المتوفرة على موقع "جامعة جونز هوبكنز" الأميركية، أن إجمالي الإصابات وصل إلى 615 مليونا و90 ألفا و836.
وارتفع إجمالي الوفيات جراء الجائحة إلى ستة ملايين و536 ألفا و963 وفاة. كما زاد إجمالي عدد اللقاحات التي جرى إعطاؤها حول العالم إلى 12 مليارا و252 مليونا و972 ألفا و639 جرعة.
يُذكر أن جرعات اللقاح وأعداد السكان الذين يتم تطعيمهم هي تقديرات تعتمد على نوع اللقاح الذي تعطيه الدولة، أي ما إذا كان من جرعة واحدة أو جرعتين.