القدس المحتلة / سما / أكدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان في بيان اليوم الأربعاء إن على سلطات حماس في قطاع غزة أن تفتح على وجه السرعة "تحقيقات موثوقة في الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب" التي ارتكبتها القوات الفلسطينية، تنفيذا لتوصيات تقرير جولدستون بشأن عملية "الرصاص المصبوب" التي تعرض لها القطاع الشتاء الماضي. جاء هذا التأكيد في رسالة بعثت بها المنظمة أمس إلى رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية. وكانت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق ، بإشراف القاضي ريتشارد غولدستون، قد دعت حركة "حماس" وإسرائيل إلى التحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها كل طرف في غضون ستة أشهر. واعتبر التقرير أن الهجمات الصاروخية على مدنيين إسرائيليين تقتضي التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب. وصادق مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السادس عشر من تشرين الأول (أكتوبر) على هذه التوصيات. ونقل البيان عن سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: "ينبغي على حماس، مثلها مثل إسرائيل، أن توضح لقواتها أن الهجمات غير القانونية على المدنيين لن تمر بلا محاسبة". وأضافت: "والتحرك بناء على دعوة غولدستون بالتحقيق خطوة أساسية على طريق العدالة لكافة الضحايا المدنيين في هذه الحرب". وكانت "حماس" قد أكدت أنه "رغم أننا لا نتفق مع بعض الأجزاء في تقريره، فإننا سنتحرك بناء على توصياته وسوف نجري تحقيقنا في أية جرائم مزعوم أن أفراد من حركات المقاومة في غزة قد ارتكبوها". وأضافت المنظمة في رسالتها أنه "على الرغم من أن القوات الإسرائيلية أضرت بالكثير من المدنيين في غزة أثناء هجمات من الواضح أنها غير مشروعة" إلا أنها شددت على أن "الأعمال الثأرية ضد المدنيين محظورة أيضا ، وأن الانتهاكات الخطيرة لأحد أطراف النزاع لا تبرر انتهاكات الطرف الآخر رداً عليها". وأوضحت: "فيما كانت القوات المسلحة الإسرائيلية متفوقة للغاية مقارنة بالمقاتلين في غزة وتسببت في أضرار كثيرة لحقت بالمدنيين في القطاع ؛ فإن الجماعات الفلسطينية المسلحة ما زالت مسؤولة عن إطلاق الصواريخ بشكل عشوائي لا يفرق بين مقاتلين ومدنيين". وقد أطلقت الجماعات الفلسطينية المسلحة آلاف الصواريخ منذ عام 2001 باتجاه الأراضي الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 15 مدنيا إسرائيليا بينهم ثلاثة خلال العملية الأخيرة. وفي ذات السياق شن روبرت بيرنشتاين، مؤسس منظمة هيومان رايتس ووتش، هجوما على دورها بالشرق الأوسط واتهمها بالتحيز ضد إسرائيل. وكتب بيرنشتاين فى مقاله بصحيفة نيويورك تايمز"بصفتى مؤسس لهيومان رايتس ووتش، وكرئيس فعلى لمدة 20 عاما، والآن رئيس فخرى، فيجب على أن أفعل شيئا لم يكن متوقعا، لابد لى أن انضم علنا لمنتقدى الجماعة". وأضاف: "إن دور هيومان رايتس ووتش الأصلى هو فتح المجتمعات المنغلقة والدفاع عن الحريات الأساسية ودعم المنشقين، لكنها أصدرت مؤخرا تقارير حول الصراع العربى الإسرائيلى تمنح الفرصة لهؤلاء الذين يرغبون فى تحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة". وأشار بيرنشتاين إلى أن الجماعة الحقوقية تخاطر بفقد مصداقيتها، قائلا: "إن هيومان رايتس ووتش قد فقدت منظور نقدى للصراع الذى تعرضت خلاله إسرائيل مرارا للهجوم من قبل حماس وحزب الله، تلك المنظمات التى تذهب إلى أبعد من الإضرار بالمدنيين الإسرائيليين، إذ إن مثل هذه المنظمات المسلحة تستخدم شعبها كدروع بشرية"، "وهذه المنظمات مدعومة من قبل الحكومة الإيرانية التى أعلنت صراحة عن نيتها ليس فقط فى تدمير إسرائيل بل قتل كل يهودى يوجد فى أى مكان، وهذا التحريض على الإبادة الجماعية يعد انتهاكا لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية". وكتب بيرنشتاين: "إن قادة رايتس ووتش يعلمون أن حماس وحزب الله اختارا أن يشنا حرب من مناطق مأهولة بالسكان عمدا لتحويل الأحياء إلى ساحات قتال، كما أنهم يعرفون أن أكثر وأفضل الأسلحة تتدفق حاليا على كل من غزة ولبنان وأن المنظمتين المسلحتين تستعدان لضربة جديدة، أيضا يعلم قادة الجماعة الحقوقية أن هذا التشدد يواصل حرمان الفلسطينيين من أى فرصة لحياة سلمية ومنتجة يستحقونها، ومع ذلك تواجه إسرائيل التى هى ضحية العدوان المتكرر وطأة انتقادات هيومان رايتس ووتش". وشكك بيرنشتاين فى عمل رايتس ووتش بالشرق الأوسط، مشيرا إلى أن المنطقة تعج بالأنظمة الاستبدادية التى لديها سجلات مروعة فى حقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها داومت فى السنوات الأخيرة على إدانة إسرائيل بانتهاك القانون الدولى أكثر من أى دولة أخرى بالمنطقة. فإسرائيل التى يبلغ عدد سكانها 7.4 مليون نسمة تضم ما لا يقل عن 80 منظمة تهتم بحقوق الإنسان ولديها صحافة حرة نابضة بالحياة، وحكومة منتخبة ديمقراطيا، وأحزاب سياسية متعددة وتغطية إخبارية صادقة وحرة حتى أن عدد الصحفيين بها أكثر من أى بلد آخر وكثير منهم يغطى بصراحة وجرأة النزاع الإسرائيلى الفلسطينى. ويختم بيرنشتاين متسائلا: كيف تعرف رايتس ووتش أن القوانين الدولية تم خرقها؟ ففى غزة وأى مكان لا يمكن فيه الوصول إلى ساحة القتال أو إلى القادة العسكريين والسياسيين الذين يتخذون القرارات الاستراتيجية فإنه من الصعب جدا أن نصدر أحكاما نهائية بشأن جرائم الحرب، فالتقارير غالبا ما تعتمد على الشهود الذين يدلون بقصص لا يمكن التحقق منها والذين قد يدلون بها لتحقيق مزايا سياسية، أو لأنهم يخشون من انتقام قادتهم، واستشهد بيرنشتاين بقول ريتشارد كيمب القائد السابق للقوات البريطانية فى أفغانستان وخبير شئون الحرب الذى قال "إن قوات الدفاع الإسرائيلية فى قطاع غزة فعلت الكثير لحماية حقوق المدنيين فى مناطق القتال أكثر من أى جيش آخر فى تاريخ الحرب". يذكر أن روبرت بيرنشتاين هو مؤسس منظمة هيومان رايتس ووتش، والذى رأسها منذ إنشائها فى 1897 حتى عام 1998، وهو رئيس فخرى لها فى الوقت الحاضر كما أنه الرئيس التنفيذى لدار نشر راندوم هاوس.