ما متحور القنطور الجديد من سلالة أوميكرون كورونا؟ ولماذا يثير قلق العلماء؟ وكيف أثرت الإصابة بكورونا على وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك؟ وهل تؤدي الإصابة بكورونا إلى زيادة خطر الإصابة بألزهايمر؟
متحور القنطور
أعرب علماء الفيروسات عن مخاوفهم بشأن ظهور نوع آخر من أوميكرون (Omicron) سريع الانتشار، أطلق عليه اسم "القنطور"، وهو ينتشر سريعا في الهند وقد وصل بالفعل إلى المملكة المتحدة، وفقا لتقرير في الغارديان (The Guardian).
وتم اكتشاف المتغير "بي إيه 2.75" (BA.2.75)، الملقب بمتحور القنطور (Centaurus)، أول مرة في الهند أوائل مايو/أيار الماضي.
وارتفعت الحالات في المملكة المتحدة منذ ذلك الحين بشكل حاد، ويبدو أنها أسرع من حالات متغير "بي إيه 5" (BA.5) الشديد القابلية للانتقال، والذي يوجد أيضا في الهند ويحل سريعا محل "بي إيه 2" (BA.2) السائد سابقا في العديد من البلدان.
وتم اكتشاف متحور القنطور أيضا منذ ذلك الحين في حوالي 10 دول أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وألمانيا وكندا.
وفي 7 يوليو/تموز الحالي، صنف المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC) متحور القنطور على أنه "متغير خاضع للمراقبة"، مما يعني أن هناك بعض المؤشرات على أنه يمكن أن يكون أكثر قابلية للانتقال أو مرتبطا بمرض أكثر خطورة، لكن الدليل على ذلك ضعيف أو لم يتم تقييمه بعد.
عدد هائل من الطفرات الإضافية
كما تراقب منظمة الصحة العالمية عن كثب متحور القنطور، على الرغم من أن كبيرة علمائها الدكتورة سوميا سواميناثان، قالت إنه لا توجد عينات كافية حتى الآن لتقييم شدته.
وبالإضافة إلى نموها السريع الواضح وانتشارها الجغرافي الواسع، تم تنبيه علماء الفيروسات لعدد هائل من الطفرات الإضافية التي تحتوي عليها سلالة متحور القنطور، مقارنة بسلالة "بي إيه 2" (BA.2) التي من المحتمل أن تكون قد تطورت منها.
وقال الدكتور ستيفن غريفين عالم الفيروسات بجامعة ليدز: "قد يعني هذا أن لديها فرصة لتطوير ميزة على سلالة فيروس ناجحة بالفعل".
وقال عالم الفيروسات في إمبريال كوليدج لندن الدكتور توم بيكوك، الذي كان أول من حدد أن أوميكرون مصدر قلق محتمل في نوفمبر/تشرين الثاني 2021: "لا يتعلق الأمر كثيرا بالطفرات الدقيقة، بل العدد/ المجموعة".
تأثير تلك الطفرات العديدة التي تظهر معا هو المهم، إذ يمكن أن يكون مجموع الأجزاء أسوأ من الأجزاء مفردة.
وأضاف بيكوك أنه حتى لو لم ينطلق هذا المتحور في بلدان أخرى، فإن نموه في الهند يشير إلى أنه من المحتمل أن يسبب مشكلة هناك.
وتابع غريفين "في هذا الوقت من العام الماضي، كان الكثيرون مقتنعين بأن دلتا يمثل ذروة تطورية للفيروس، لكن ظهور أوميكرون والزيادة الهائلة في التباين ومراوغة الأجسام المضادة هي علامة على أننا لا نستطيع -كمجموعة سكانية- اتباع خطة شبيهة بالإنفلونزا لمواكبة التطور الفيروسي".
وزيرة الخارجية الألمانية مثال على استمرار آثار كورونا
"لقد طرحتني أرضا بالفعل رغم أخذ التطعيم 4 مرات… وحتى الآن لا أستطيع أن أصعد أكثر من طابقين على قدمي"، هكذا وصفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك حالتها إثر إصابتها بفيروس كورونا قبل شهر، وفقا لتقرير في دويتشه فيله.
وكشفت الوزيرة أنها لا تزال تعاني من تداعيات إصابتها بعدوى فيروس كورونا، حتى بعد مضي شهر على ذلك.
وفي تصريحات لمجلة "شتيرن" الأربعاء 13 يوليو/تموز 2022، قالت الوزيرة "لقد طرحتني أرضا بالفعل رغم أخذ التطعيم 4 مرات، وقد استلقيت لمدة أسبوعين، وحتى الآن لا أستطيع أن أصعد أكثر من طابقين على قدمي".
وأضافت بيربوك (41 عاما): "لا يسعني إلا أن أدعو إلى ارتداء الكمامة عند الضرورة، والاختبار، الاختبار، الاختبار".
وكانت بيربوك أجرت اختبارا للكشف عن كورونا في بداية يونيو/حزيران الماضي خلال زيارة لباكستان، وجاءت النتيجة إيجابية، كما ظهرت عليها أعراض إنفلونزا واضحة.
وعلى إثر ذلك، ألغت مواعيدها في باكستان وألغت السفر إلى المحطتين الأخريين في جولتها، حيث كانت تعتزم التوجه إلى اليونان وتركيا، وعادت إلى برلين ملتزمة بشروط العزل.
هل تزيد الإصابة بكورونا خطر الإصابة بألزهايمر؟
وجدت دراسة دانماركية حديثة أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر يزيد في السنة التي تلي الإصابة بفيروس كورونا، بيد أن خبراء ألمانيين يرون أن دور كوفيد-19 هنا هو إظهار أعراض مرض موجود قبل الإصابة بالفيروس.
ووفقا للدراسة، فإن الإصابة بفيروس كورونا تزيد بشكل كبير خطر الإصابة بمرض ألزهايمر في الـ12 شهرا التالية للمرض، بحسب ما نقل تقرير لدويتشه فيله عن عدة وسائل إعلام ألمانية، ومنها الموقع الإلكتروني لصحيفة "دي فيلت".
وبالمقارنة مع غير المصابين بكورونا، وجد الباحثون أن احتمال الإصابة بمرض ألزهايمر زاد أكثر من 3.5 مرات في المصابين بالفيروس، كما كتبت بارديس زريفكار وفريقها في مجلة علم الأعصاب "فرونتيرز إن نيرولوجي" (Frontiers in Neurology).
ومع ذلك، أكد خبيران من ألمانيا أنهما يعتقدان أن عدوى كورونا لم تسبب مرض ألزهايمر، ولكنها كشفت فقط عن أعراض مرض موجود.
وقام فريق بارديس زريفكار من مستشفى جامعة كوبنهاغن بتقييم بيانات صحية دانماركية، ومقارنة عدد المرات التي حدثت فيها أمراض تنكسية عصبية معينة لدى المصابين وغير المصابين بعدوى كورونا على مدى عام واحد.
ووجد الفريق علاقة مشابهة لتلك الموجودة بين كورونا ومرض ألزهايمر، وبين كورونا والإصابة بكل من باركنسون والاحتشاء الدماغي.
ومع ذلك، يؤكد الباحثون أن تأثير معظم الأمراض التي تمت دراستها -بما فيها مرض ألزهايمر- لم يكن أكبر من تأثير الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي الجرثومي.
من المعروف منذ مدة طويلة أن مثل هذه الأمراض التنفسية تؤدي إلى تفاعلات التهابية يمكن أن يكون لها تأثير ضار على الخلايا العصبية في الدماغ، كما أوضحت آنيا شنايدر، وهي قائدة مجموعة بحثية في المركز الألماني للأمراض التنكسية العصبية (DZNE) في بون، لوكالة الأنباء الألمانية.
وقد يكون الخطر المتزايد عائدا لكون التفاعل الالتهابي الناتج عن كورونا يسرّع من تلف الخلايا العصبية، وتصبح أعراض تلك الأمراض العصبية أكثر قابلية للظهور.
من جانبه، قال الأمين العام للجمعية الألمانية لطب الأعصاب (DGN) بيتر بيرليت، لوكالة الأنباء الألمانية، إنه لا يمكن للمرء أن يستنتج من الدراسة أن المصاب بكورونا سيكون أكثر عرضة للإصابة بألزهايمر، وإنما ثبت فقط أن الأعراض يتم تشخيصها بشكل متكرر بعد الإصابة، بحسب بيرليت.
ويشير الطبيب الألماني إلى العوامل الخارجية، مثل فقدان البيئة التي اعتاد عليها المريض بسبب اضطراره للإقامة في المشفى، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ظهور أعراض مرض ألزهايمر الموجود قبل الإصابة بكورونا.