خبر : تقرير 'غولدستون': ما وراء طلب التأجيل هو الأهم ...زياد علان العينبوسي

الإثنين 12 أكتوبر 2009 01:38 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تقرير 'غولدستون': ما وراء طلب التأجيل هو الأهم ...زياد علان العينبوسي



ككرة الجليد، تستمر بالتدحرج وتكتسب المزيد من الزخم فلسطينياً وعربياً وحتى دولياً... قضية تأجيل النظر في نتائج تقرير ’ريتشارد غولدستون’الذي أدان إسرائيل وحمَّل القادة الذين أصدروا الأوامر بإستهداف المدنيين عن سبق الإصرار والترصد مسؤوليةً قانونية تكفي لوضعهم خلف أقفاص الإتهام أمام المحاكم الدولية بتهمة القيام بجرائم حرب ضد الانسانية.هذه العاصفة غير المسبوقة كانت نتيجة لسلوكٍ غير مسبوق من قبل السلطة الفلسطينية التي فوجئت بقوة ردة الفعل الفلسطيني من كافة الفعاليات التنظيمية والشعبية بما في ذلك اللجنة المركزية لحركة فتح، مما جعل هذه السلطة تبدو مرتبكةً تماماً وتتحرك بعشوائية واضحة لأن تبريراتها وأعذارها بدت أقبح وأخطر من ذنب موقفها الذي أقدمت على إتخاذه في جنيف حتى محاولات الرئيس عباس بالتنصل من المسؤولية بقذف الكرة إلى الملعب العربي عندما قال بأن الدول العربية والإسلامية هي التي وافقت على طلب التأجيل قد وضعت الرئيس في وضع أكثر صعوبة عندما صرح مندوب قطر الشيخ خالد بن جاسم صراحةً لقناة ’الجزيرة ’بأن السفير الفلسطيني فاجأ الجميع بهذا الطلب الذي جاء بناءً على توجيهات القيادة الفلسطينية. وقال وزير الخارجية المصري أبو الغيط صراحةً بأن مصر فوجئت بالخبر وعلمت به بعد نشره ونفس الشيء قاله السيد عمر موسى نيابة عن بقية الدول العربية وكثيرون كرروا نفس الموقف.نظن أن الحديث عن موضوع (من هوالمسؤول عن قرار التأجيل) لم يعد هو الموضوع الذي يحتاج إلى البحث لأن مواقف القيادة الفلسطينية وأسلوبها في معالجة الأحداث منذ زمنٍ طويل هي الموضوع المصيري الجدير بالمراجعة والمحاسبة.مطلوب مراجعة النهج الذي تسير عليه هذه السلطة وتحليل مواقفها في تحميل حماس مسؤولية الهجوم الإسرائيلي في حرب غزة وتنسيقها الأمني وإعتقالاتها لرموز المقاومة وقمعها لها بالضفة وبناء الجدار وتضاعف الإستيطان والإستكلاب الصهيوني على المسجد الأقصى.هل كل هذه الأدلة لم تكن كافية لجعل قيادة الرئيس عباس تستنتج أن خارطة الطريق ومبدأ الإلتزام بالمفاوضات السلمية لم تكن إلا ملهاةً ومحرقةً للوقت وكلها أدت إلى جعل السلطة تعمل كظلٍ للحكومة الإسرائيلية.اثناء كتابة هذا المقال توقفت عن الكتابة وتابعت عضو اللجنة المكزية نبيل عمرو وهو يقول لمذيعة ’الجزيرة’بأن مسؤولية عباس عن قرار التأجيل لا لبس فيها وأن هذا الإرتباك المفضوح في التبريرات لم يعد يجدي نفعاً بعد أن ردَّت الدول العربية على رئيس السلطة بنفيها لأي مسؤولية عنه القرار وأكدت أن مندوب السلطة هو من نفذ أمر سلطته.نبيل عمرو أكد أن المطلوب من الرئيس عباس أن يعترف بالمسؤولية وأن يعود فوراً لأرض الوطن ويقوم بإلغاء لجنة التحقيق والمثول أمام اللجنة التنفيذية للمساءلة عن الأسباب التي جعلته يتخذ هذا القرار.لابد من إعادة صياغة آلية إتخاذ القرارات المصيرية من قبل هرم السلطة بشكلٍ يضمن عدم إختطاف القيادة الفلسطينية من خلال لإيقاع بهم في شباك الشاباك أوالموساد الإسرائيلي الذي يتقن جيداً فن الإسقاط الذي لم ينج منه الأنبياء سابقاً إلا بسبب العناية والحصانة الإلهية.المطلوب اليوم هو مساءلة كافة الرموز القيادية وطرح الأسئلة الصعبة،من خلال التحقيق بمصادر الثروة بين أعضاء طواقمها والتأكد من نقاء كافة اجهزة السلطة من القاعدة المتمثلة بالأجهزة الأمنية وحتى رأس الهرم المتمثل بشخص الرئيس أيا كان الرئيس لأن الحصانة مفسدة،ومصالح الشعب الفلسطيني لا تقبل المجاملة ولا المساومة.لم تعلق السلطة الفلسطينية على أنباء قيام اسرائيل بتهديد الرئيس عباس بالكشف عن وثائق وأدلة تثبت ضلوعه في التنسيق مع إسرائيل أثناء الحرب على قطاع غزة،مما اضطره للخضوع للمطالب الإسرائيلية.إن قيام السيد صائب عريقات بمحاولة ترقيع الثوب المهلهل للرئيس من خلال تقديم وعودٍ بتصحيح المسار إنما تضيف دليلاً على الطبيعة المنهجية المعوجة لهذا المسار وأن المطلوب من السيد عريقات الذي طالما أعجبنا بحماسه في الدفاع عن القضية ا لفلسطينية أثناء ممارسته للعمل الأكاديمي، أن يطالب فوراً بتغيير القيادة التي لم يعد ملزماً بالدفاع عنها لأن فلسطين وشعبها هما الأولى بالولاء من المنصب الذي أصبح فارغاً من أي مضمون مشرف.لماذا يقوم السيد صائب عريقات بالإصرار على أن الموضوع هو التقرير نفسه وأنه سوف يقوم بتصحيح الخطأ مع أن الموضوع الحقيقي هو لماذا وقع هذا الخطأ وما هي دوافع إرتكابه مع سبق الإصرار والترصد؟فلسطين بحاجة إلى بحث كافة وسائل التصدي للإحتلال الذي أثبت أنه لم يكن يوماً جاداً حتى بالقبول بحل الذل الذي فُرض على اهل فلسطين، وهو حل الدولتين الذي يرضى بموجبه الطرف الفلسطيني بإسرائيل كدولة على حدود ما قبل العم 1967 ، وإنما يريد ما هو أبعد من ذلك بكثير ويسعى إلى إستحداث سلطة هلامية مطاطة تقبل تغيير الواقع من خلال التغاضي عن عمليات التوسع الإستيطاني الذي لن يتوقف قبل أن تصبح الأردن ومصر وسورية ولبنان فضائاً مؤقتاً لمستوطناته.شعب فلسطين سئم من هذا النظام السياسي الذي أدى إلى خلق حالة من الإرث الأزلي لقيادة الشعب الفلسطيني وحصرها في وجوهٍ غير قابلةٍ للتغيير وكأنها مستنسخة عن الأنظمة السياية القائمة في الدول العربية، مع أن هذه السلطة قد فقدت مدة صلاحياتها وهي منتهية الولاية وعطلت عمل المجلس التشريعي وشلت منظمة التحرير والمجلس الوطني الفلسطيني وحتى داخل حركة فتح التي تم تحييد لجنتيها المركزية والتنفيذية.كفى... بالله كفى... إن فلسطين وشعبها بحاجة ماسة إلى قيادة تعمل من أجل التحرير لأن التحرير يحتاج لمن يخلع الربطة والبدلة ويسلم السيارة الفاخرة ليرتدي بزة الكاكي ويشمر عن ساعديه ويرضى بالعيش بين الأزقة مطارداً من قوات الإحتلال لا محمياً محصناً تحرص إسرائيل على حياته كحرصها على حياة قادتها.-نيويوركZallen1217@aol.com