عرفت حركة النضال الفلسطيني علي مدي سنواتها من أجل تحرير أرضها من الغاصب الإسرائيلي بأنها ابتدعت الوسائل المتعددة لمجابهة الصلف الاسرائيلي فكانت انتفاضة الحجارة شكلاً من تلك الأشكال حتي عرف الصغار من رماتها بأطفال الحجارة. واليوم وبعد كل هذه المسيرة النضالية تتوحل هذه الحركة في نتائج اخطائها المتكررة للدرجة التي وصلت يها الي الانقسام التام أرضاً وفكراً ومنهجاً ووسائل. وإزاء هذا الموقف المتباين كان لا بد للصغائر أن تتعملق وللصغار أن يتطاولوا ، وللآخرين أن يقحموا أنوفهم في كل الشأن الفلسطيني. وأن تتساقط علي القضية الفلسطينية برمتها المزيد من الحجارة بدلاً عن أن ترميها علي المغتصب. وها هو السيد غولدستون يلقي بنفسه في الدائرة المتنافرة في شقي دولة فلسطين عندما اصدر تقريره بصدد ما جري من حرب علي غزة. لم يك من غير المتوقع ان يدين اسرائيل بجرائم الحرب التي رآها كل العالم حية علي القنوات الفضائية وإلا كان قد سقط في هوة خيانة النفس اولا وخيانة الانسانبة ثانياً، ولأسباب لا تخفي علي فطنة الفلسطينيين - الذين لم يكونوا حقيقة في حاجة لتقرير ينصفهم - اضافة في تقريره توجيه الاتهام أيضاً لمنظمة فتح. وهكذا تساوي عنده القاتل والمقتول. ولذلك لا أدري لماذا يرهق الحماسيون والمتعاطفون معهم أنفسهم في تعضيد هذا التقرير؟ ، وعلي ماذا يستند القائلون إن إدانة اسرائيل بجرائم الحرب او الابادة الجماعية سوف يسهل تمرير المزيد من العقوبات عليها ؟ لأن الحقيقة الجلية أن المؤسسات الدولية والعربية وغيرها لا تحتاج الي المزيد من الادانات لاسرائيل. وتقرير غولدستون ليس مغايراً ولا يضيف جديداً لتجريم اسرائيل بل إنه تميز عن الادانات السابقات بأن اضاف تهماً مشابهة لمنظمة حماس. واكبر وهم يعيشه بعض المفكرين الكتبة ان الإدانة سوف تغير الذهنية الغربية السالبة نحو العرب وتعدل من نظرتها الايجابية المتعاطفة مع اسرائيل. وللتجارب الكثيرة والمملة مع منظمات المجتمع الدولي وقراراتها لصالح القضية الفلسطينية والادانات المتراكمة للدولة الاسرائيلية التي لم تأبه لها أبداً. بل إن أكبر منظمة وهي الامم المتحدة التي تستحث ليبيا الخطوة نحوها للنظر في تقرير غولدستون هذا قد تراجعت من قبل عن قرار إدانة الصهيونية وبالتالي إعفائها من كل ما ارتكبته من أخطاء في حق البشرية علي وجه العموم وفلسطين بوجه خاص. أثار تقرير غولدستون زوبعة من الزوابع التي يستطيبها أصحاب الأجندة الخاصة والمصالح التي لا تنمو إلا في ظل استدامة التشتت الفلسطيني علي المستوي الداخلي ونصرائهم في الدول العربية والاسلامية علي المستويين الدولي والاقليمي. وبالطبع فهذه المواقف المتعارضة تحسب خصماً علي مجمل القضية الفلسطينية. بالأمس انعقدت جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة طلب ليبي لمناقشة تقرير غولدستون هذا. واذا كان من حق أية دولة أن تطالب بالنظر في قضايا الشأن الداخلي لفلسطين دون موافقة السلطة مثل ما فعلت ليبيا فبالضرورة ليس هنالك ما يمنع دولة أخري من المطالبة بتأجيل بحث هذا التقرير. وهذا ما أكده رئيس السلطة الفلسطينية عباس نافياً أنه طلب التأجيل وأنه أمر بتشكيل لجنة للتحقيق بملابسات قرار الموافقة علي تأجيل التصويت علي إحالة التقرير الي الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن المؤكد أن الاستمرار في الخوض في شأن التقرير مع أو ضد ستكون له تداعيات في منتهي الخطورة علي كلا المتخاصمين. فلا حماس ستدرك منالها من إدانة فلسطين. ولا فتح تستطيع ان تبرر سكوتها عن المضي في التحفظ علي التقرير بإرادتها أو بدفع من قوي لا تملك مجابهتها. وتبقي حقيقة واحدة هي أن الخصام بين حماس وفتح حول هذا التقرير وفي هذا التوقيت لا يخرج عن كونه انصراف غير حميد عن مجابهة استحقاق المصالحة الوطنية التي بدونها لن تتقدم القضية الفلسطينية حتي لو وقف معها كل العالم محتزباً. عن الراية القطرية