خبر : تقرير غولدستون بين الغطرسة الاسرائلية والبؤس والجدب الفلسطينى .. ماجد عزام

الخميس 08 أكتوبر 2009 02:53 م / بتوقيت القدس +2GMT
تقرير غولدستون بين الغطرسة الاسرائلية والبؤس والجدب الفلسطينى .. ماجد عزام



تأجيل التصويت على تقرير غولدستون يحمل فى طياته دلالات عديدة عن مدى السطوة الاسرائيلية الفكرية والسياسية , رغم التاكل البطىء ولكن المتواصل , بدليل وجود التقرير نفسه , بل وهيمنته على جدول الاعمال العالمى , بينما يظهر الامر فى السياق الفلسطينى مدى البؤس  والجدب العاصفان بالساحة و الطبقة السياسية الحاكمة والمتنفذة .     حاولت اسرائيل طوال الوقت فرض منطقها الفكرى الايديولوجى , العنصرى والمتغطرس على الصراع بتفاصيله وابعاده المختلفة , تجاه غولدستون اللجنة والتقرير نجد هذا الامر فى اوضح تجلياته استهزاء ومقاطعة للجنة وفق قاعدة بن غوريون المتعالية-ليس مهم ما يقوله الاغيار الاهم ما يفعله اليهود-  ثم رفض للتقرير على قاعدة انه يمنع المجتمعات المتحضرة والديموقراطية من محاربة الارهاب , كما انه من جهة اخرى يمنع اسرائيل من المجازفة لاجل السلام , بمعنى اخر التقدم فى عملية التسوية وتقديم التنازلات الوهمية والمزعومة مرهون  باطلاق يد اسرائيل واعطائها الحق فى الدفاع عن نفسها وفق ما تراه متناسبا مع امنها ومصالحها لدرجة تجاوز القانون الدولى وارتكاب جرائم جرب ما يتناقض مع التوصية الاساس لتقرير غولدستون  غياب العدالة والمحاسبة لايؤدى الى السلام بل يؤسس لحروب جديدة فى المنطقة .      اسرائليا ايضا اظهرت مجمل التطورات منذ حرب غزة , وفى الحقيقة منذ الانتفاضة الاولى , تاكل بطىء تدريجى ومتواصل , فى صورة اسرائيل كدولة ديموقراطية ومتحضرة , كما فى كونها تتمتع بوضع فريد يمكنها من ان تفعل ما يحلو لها دون اى محاسبة او مساءلة حتى لو اقتصرت هذه الان على المستوى غير الرسمى امميا ودوليا , فى المقابل يظهر الامر اى تقرير غولدستون وتداعياته مدى التراجع الداخلى الاسرائيلى والانزياح المستمر الى اليمين , ويكفى اجراء مقارنة مع ما جرى عام 1982 لننتاكد من ذلك , اثر مذبحة صبرا وشاتيلا خرجت مظاهرات جماهيرية عارمة ادت الى تشكيل لجنة تحقيق رسمية اطاحت بارئيل شارون من وزارة الدفاع بينما نجد الان التفاف واسع وتاييد لجرائم الحرب سواء فى لبنان او غزة تلك الجرائم ارتكبت من قبل حكومة صنفت زورا انها حكومة يسار وسط وليست حكومة يمين .      فلسطينيا يشير تاجيل التقرير الى عدة امور  محزنة ومؤسفة , منها التخبط والفوضى المتحكمان بعمل واداء الطبقة السياسية الحاكمة , وانتفاء وغياب تام للعمل المؤسساتى المنظم ومنها ايضا افتقادنا الى قيادة فلسطينية جديرة بحكم الشعب العملاق- اكثر الظواهر حيوية فى المنطقة- وحكما فهى عاجزة عن قيادته الى اماله وطموحاته المشروعة لدرجة ان الرئيس محمود عباس اتخذ قرار بائس لم يمتلك حتى الجراة والشجاعة للدفاع عنه وهرب بدلا من تحمل المسوؤلية القيادية والمؤسساتية باتجاه تشكيل لجنة لجنة تحقيق املا فى وأد الموضوع او تقديم كبش فداء من الازلام والصبيان من جماعة عاش الملك يحيا الملك ,   . فى السياق ايضا وفى الجوهر السياسى يظهر الامر ترجمة لمنطق الخيار التفاوضى , على قاعدة ان ما لم يتحقق بالتفاوض يتحقق بالمزيد منه , وبالتالى فا ن حل المشاكل مع اسرائيل لا يتم خارج هذا السياق مع التسليم لهذه الاخيرة بقاعدتها العنصرية فى الدفاع عن نفسها التى نقضها تقرير غولدستون بمهنية وشفافية ,      سياسيا دائما وفيما يتعلق بالسلطة نفسها  وهيكليتها  التنظيمية والسياسية والمالية التى تستند بل وتعيش حصرا على المساعدات والدعم الخارجى وبالتالى فانها رهينة لمن يحميها ويساعدها سواء اكان هذا اسرائيل او امريكا او المجتمع الدولى وحكما لا تصمد امام ضغوطه وحتى تمنياته . فى الاخير لابد من قول كلمة ما عن الانقسام الفلسطينى المؤسف والمحزن الذى لا يمكن مقاربة اى ملف او شان داخلى دون التطرق اليه , لانه ادى فى الحقيقة الى مزيد من التفرد والتفريط بالحقوق الفلسطينية وليس العكس كما يحاجج اصحاب النيات الحسنة من المنظرين له ... مدير مركز شرق المتوسط للاعلام