خبر : لمصلحة من تأجيل المصالحة الفلسطينية؟ ... د. ناجى صادق شراب

الخميس 08 أكتوبر 2009 01:53 م / بتوقيت القدس +2GMT
     لمصلحة من تأجيل المصالحة الفلسطينية؟ ... د. ناجى صادق شراب



                                 يبدو أن الفلسطينيين يتعاملون مع قضاياهم الوطنية والمصيرية من منظور ألأنقسام والخلاف وليس المصالحة الوطنية ، وهذا يؤكد لنا منذ البداية أن المصالحة ما زالت بعيده وتحتاج الى عمل مجتمعى وقيمى وثقافى طويل ، ويؤدأيضا أن الذى يسيطر هو خيار ما لغزة لغزة وما للضفة للضفة ، بمعنى أننا امام منهاجان ومشروعان التصادم وعدم التلاقى بينهما فى دائرة المصلحة الوطنية ما زال غائبا ،ولو نظرنا ألى ـأرض الواقع وبعيدا عن سياسات الفعل ورد الفعل ، وسياسية الوهم والتضليل أن ما يجرى فى الضفة الغربية يؤكد على مشروع سياسى يسير نحو أهداف معينه محدده ، وهذا المشروع الذى تحدث عنه الدكتور فياض فى مشروع قيام الدولة الفلسطينية خلال عامين ، وبالمقابل حماس تفرض مشروعها على أرض الواقع تمهيدا لتأكيد مشروعها السياسيى ألأسلامى أنطلاقا من غزه ومن ثم القفز منه ألى الضفة الغربية ،لأنه فى كل ألأحوال لن تستطيع تحقيق هذا المشروع من غزة فقط ، وهذا يتطلب منها خطوات كثيرة من التكيف السياسى أقليميا ودوليا وحتى مع أدارة الصراع مع أسرائيل . وحتى نتفهم التداعيات الحقيقية التى صاحبت قرار التاجيل لتقرير جولدستون لا بد من وضع المسميات على حقيقتها ، وتشخيص الواقع تشخيصا امينا وواقعيا لعلنا نخرج انفسنا من عنق الزجاجة الذى قد حبسنا شعبنا فيه ، ولندع جانبا المشروع السياسى التفاوضى وماذا يمكن أن يجلب لنا من نتائج مع حكومة يمينية متشددة فى أسرائيل رافضه للسلام ولامع مشروع المقاومة الذى لا يمكن ان ينطلق من غزة لأسباب جغرافية وطبوغرافية وسياسية وامنية وسكانية واقتصادية ، فالتحرير لا يبدا من غزه ، بل الذى يبدا من غزه هو نموذج البناء السياسى الديموقراطى الحضارى والنموذج التنموى الذى يبرهن على قدرة الشعب الفلسطينى على الممارسة الديموقراطية والحضارية والعلمية التى تعتبر من أقوى ألأسلحة التى يمكن ان نواجه بها المشروع الصهيونى . وفى هذا السياق العام فان  تأجيل المصالحة يضر بخيار غزه أولا وبالشعب الفلسطينى الذى يعيش فيه ، وهذه حقيقة ينبغى التاكيد عليها منذ البداية ، وضرر أيضا بمشروع حركة حماس الذى لا يمكن أن يكبر ويجد القبول ألا من خلال المشروع الفلسطينى ألأكبر وألأشمل . والسؤال هنا ما علاقة كل ذلك بتقرير جولدستون وتأجيله ؟ لا أحد يختلف على أن قرار التأجيل لهذا القرار كان خطئا جسيما والسلطة اعترفت بذلك ، وفى الوقت ذاته ردة الفعل القوية والعنيفة التى شهدتها غزه أيضا كانت كبيرة وفيها قدر كبير من المبالغة التى قد تقود الى تداعيات ونتائج الكل فى النهاية سيخسر منها ، والمستفيد الوحيد كما أستفادت من تأجيل التقرار هى بالتأكيد اسرائيل التى ستتحرر من كلا الخيارين خيار المفاوضات وخيار المقاومة من غزة . فى كل ألأحوال لا يمكن ان تصل ألأمور الى حد الخيانة الوطنية وهذا أمر غير مقبول ، ولا أريد ان أ جرى مقارنة بخيار تأجيل المصالحة ، فالمقارنة مرفوضه ، ولا يمكن ان تتم ، لكن خيار تأجيل المصالحة أيضا فيه ضرر كبير بالمصلحة الوطنية الفلسطينية ، فاذا كانت هذه المصلحة تتمثل فى الحفاظ على القضية الفلسطينة وحضورها ألأقليمى والدولى وحتى على المستوى الفلسطينى ، فأن التاجيل يوصلنا الى هذه النتيجة ، وأنا هنا فقط أجتهد وأستقرأ المستقبل لهذا الخيار .فخيار تاجيل المصالحة يعنى كما أشرت التمهيد لخيار الفصل السياسى الفلسطينى ، ولهذا أنعكاسات خطيرة على بنية النظام السياسى الفلسطينى كله ، وفى هذه الحالة سنكون امام نظام سياسى جديد قد لا يكون فيه اى دور لبقية القوى الفلسطينية ، ويعنى أيضا أعادة هيكلة النظام الفلسطينى ،أضف الى ذلك ان هذا الفصل سيمتد الى الخارج ، واعتقد جازما أن هذه هى المرحلة ألأخيرة لتصفية القضية الفلسطينية ، لأن أسرائيل ستكون هى القاسم المشترك فى هذا الخيار وهذا ما تعمل أسرائيل على تاجيجه والدفع به من خلال وسائل أعلامها الذى يبث العديد من السموم وللأسف نتعبرها مصدرا أعلاميا لأعلامنا . والنتيجة الأخرى التى قد تترتب على تأجيل المصالحة الفلسطينية وهو تأجيل غير محدد وحتى أشعار آخر انه يثير تساؤلا مهما وهو هل أن هذا التاجيل مرتبط ببقاء رئاسة الرئيس محمود عباس والسلطة فى الضفة الغربية ؟ ومع التسليم بذلك فالهدف واضح وهو أن هذا التاجيل سيقودنا الى نهاية الفترة الشرعية للسلطة فى الضفة وبالتالى فقدانها لقدرتها على الحكم والسلطة ، وألأمر ألآخر يفترض أنها سلطة خائنه غير وطنية ، وبالتالى البديل لها هو من يمثل الشرعية للسلطة بحكم ألأنتخابات وهى هنا حركة حماس ، هذا التبسيط فى التحليل قد يقودنا الى ردود فعل خطيرة ستدخلنا فيما هو أبعد من خيار الفصل ، وستترتب عليه ليس فقط ضياع تقرير جولدستون بل كل قرارات الشرعية الدولية . ولذلك السؤال المهم كيف نتعامل مع ما حدث ؟ وما هو المخرج ؟ أولا أؤؤكد ضرور أستبعاد خيار التاجيل مهما كانت المبررات والأسباب ،لأن خيار المصالحة هو أولوية وطنية عليا ، تعلو حتى على تأجيل التقرير ، لأنه من خلال المصالحة يمكن معالجة كل التداعيات السلبية التى ترتبت على تأجيل التصويت على تقرير جولدستون ، وعليه اتصور ان المطلوب هو محاسبة من طلب التاجيل ، ومحاسبة كل مسؤول فى ذلك ، والمطلوب من الرئيس عباس بصفته الرئيس والمسؤول المباشر أن يقدم خطابا للشعب الفلسطينى فى الداخل والخارج يعرض فيه كل الحيثيات والعوامل والمبررات وألأسابب وراء التاجيل وعليه أن يملك كل الشجاعة امام شعبه ليعلن عليه الحقيقة وبعده الشعب هو الذى يتحمل المسؤولية وليس  حزبا و تنظيم ، وأن نبعد هذا التقرير عن المهاترات ألعلامية والحسابات السياسية وان لا نخضع المصالحة الوطنية الفلسطينية لمصير هذا التقرير ، بل العكس هو المطلوب ان يخضع التقرير لأولوية المصالحة الوطنية . وبهذا يمكن أن نتجنب كل النتائج والتداعيات السلبية والكارثية لتأجيل التقرير وتأجيل المصالحة ، والحل فى هذه الحالة أن مكن يتحمل المسؤولية يتحمل المساءلة من له حق المساءلة وهو الشعب نفسه ن ومن هنا أهمية المصالحة وأهمية أجراء ألأنتخابات حتى يقول الشعب كلمته فى كل مسؤول عن ضياع الحقوق الفلسطينية . والقضية أكبر من تقرير جولدستون وأكبرمن حماس وفتح هى قضية الشعب الفلسطينيى كله فى الداخل والخارج ، وهو من عليه تحمل كل مسؤولياته فى تفويض من يحكم من جديد عبر أنتخابات وطنية ونزيهة وصادقه ، هذا هو الخيار البديل لخيار الفصل السياسيى .  اكاديمى وكاتب عربى