أفادت مصادر مطلعة، أن الوسطاء كثفوا اتصالاتهم بهدف إعادة الهدوء خاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وضمان عدم انتقال المواجهة إلى قطاع غزة، بعد عملية الاغتيال التي نفذتها قوات إسرائيلية، يوم السبت، وأدت إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين قرب مدينة جنين، فيما لم تستحب حتى اللحظة فصائل المقاومة في غزة لطلبات عدم الرد، وهو الأمر الذي دفع إسرائيل إلى رفع درجة الجاهزية على حدود القطاع.
جهود التهدئة ورد المقاومة
وعلمت “القدس العربي”، أن جهات الوساطة نشطت خلال اليومين الماضيين، من أجل إعادة الهدوء مجددا خاصة في شهر رمضان، وأنها طلبت من جميع الأطراف الفلسطينية وإسرائيل إيقاف أي أفعال من شأنها أن تصب الزيت على النار في هذا الوقت الحساس.
وحسب المصادر، فإن الوسطاء يعون جيدا أن استمرار الأوضاع على ما كانت عليه قبل رمضان، سيعمل على مضاعفة العمليات المسلحة، في ظل حرص العديد من الناشطين والشبان على تنفيذ هجمات في رمضان، وأن تدخلاتهم كانت تسير بوتيرة عالية خلال الأيام الأخيرة قبل رمضان، فيما جرى تفعيل الاتصالات بشكل أكبر بعد عملية اغتيال الناشطين الثلاثة في شمال الضفة.
ووفق المصادر الفصائلية التي تحدثت لـصحيفة”القدس العربي”، فإن عملية الاغتيال أربكت كل الحسابات، بما في ذلك جهود الوسطاء الذين أضعفت إسرائيل موقفهم، بعد أن طلبت من قبل تدخلهم الرسمي من أجل التهدئة.
وقد حاولت إسرائيل تبرير عملية الاغتيال بأن الناشطين الثلاثة خططوا للتسلل إلى مستوطنة في الضفة المحتلة وتنفيذ عملية إطلاق نار تستهدف مستوطنين وعناصر الجيش هناك.
وعقب عملية الاغتيال، حاول الوسطاء العمل على ضبط الوضع الميداني، بالطلب من كل الجهات عدم التصعيد، في محاولة لاحتواء الحدث الكبير، إلا أن فصائل المقاومة لم تقبل بالموافقة على التزام الصمت وامتصاص ما حدث، من أجل ضمان الهدوء في رمضان، وتوعدت بالرد بالطريقة التي تراها مناسبة وبالمكان المناسب. وهو الأمر الذي أربك حسابات سلطات الاحتلال، التي أرادت أن تظهر أمام المجتمع الإسرائيلي الذي هزته العمليات المسلحة الأخيرة، وخاصة تلك التي نفذت وسط تل أبيب، بمظهر المنتصر.
وعلاوة عن الاتصالات التي أجريت من قبل الوسطاء خلال اليومين الماضيين مع فصائل المقاومة الفلسطينية، أجريت أيضا اتصالات مع القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي جددت تأكيدها بأن إسرائيل هي من ترفع وتيرة التصعيد والتوتر، بسبب أفعالها على الأرض.
غزة تتدخل
وليل السبت، خرج مسلحو الجهاد الإسلامي في عرض كبير ارتدوا فيه ملابس عسكرية، وحملوا أسلحة رشاشة وأخرى مضادة للدروع. وقالت سرايا القدس، الجناح المسلح للجهاد، إن العرض نُظم “انتصاراً لنداء الدم في الضفة الباسلة، ونصرةً لجنين ومقاوميها وتنديداً للجريمة الصهيونية باغتيال ثلاثة من مقاومي السرايا”.
وتلا ذلك العرض أن أكدت عدة فصائل فلسطينية عقدت اجتماعا تشاوريا مهما في غزة، أن سياسة الاحتلال الإسرائيلي “لن تفلح في عزل أي جزء من شعبنا عن الآخر”، وقالت إنها ستستمر في العمل المشترك بين كل الساحات بما يخدم القضية الوطنية، محذرة من أن “أي فعل إجرامي من الاحتلال، سيقابله الشعب الفلسطيني ومقاومته بـمقاومة أقوى وأشد”.
جاء ذلك بعدما أكد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وزياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، خلال اتصال بينهما على “استمرار وتعزيز التنسيق في السياسة والميدان”، مع كل الفصائل “من أجل التصدي لقوات الاحتلال”.
يشار إلى أن عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، توقع أن تذهب الأمور إلى مزيد من المقاومة والاشتباك مع الاحتلال خلال شهر رمضان، وقال: “الاحتلال سيتفاجأ في كل مرة من المقاومة التي يبديها الشعب الفلسطيني، وخاصة في الضفة الغربية”.
ويرى المراقبون أن عملية الاغتيال وخاصة بعد ردود المقاومة والرسائل التي نقلت للوسطاء، فشلت في تحقيق أهدافها بردع النشطاء، وتخويفهم بدفع حياتهم أثمان لأي عمليات لاحقة.
وقد أفشلت الردود الفلسطينية، محاولة إسرائيل الهادفة لفرض وقائع جديدة على الأرض، تشمل العودة لسياسات الاغتيال، وإرهاب الفلسطينيين خاصة في الضفة الغربية.
تأهب على الحدود
وخشية من الرد من جبهة غزة، كشفت تقارير عبرية أن قيادة جيش الاحتلال، قررت رفع حالة التأهب في المناطق الحدودية القريبة من القطاع، حيث رفعت حالة التأهب بعد قرار الاحتلال السابق الدفع بقوات إضافية لتلك الحدود تشمل فرق قناصة، وأيضا تفعيل الاستعدادات في منظومة “القبة الحديدية”.
وتأكيدا على هذا الأمر، قال الناطق باسم جيش الاحتلال ران كوخاف ، إن قوات جيشه مستعدة لسيناريوهات التصعيد مع غزة، وأضاف في تصريحات لموقع “واي نت” العبري: “إذا لزم الأمر نحن مستعدون أيضا لعملية حارس الأسوار 2″، وكان بذلك يشير إلى شن حرب جديدة على غزة، على غرار تلك التي شنها في رمضان الماضي تحت اسم “حارس الأسوار”.
وكان وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، ورئيس الأركان أفيف كوخافي، أصدرا تعليمات للجيش بالاستعداد لـ”شهر من التصعيد”، كما أوعزا بـ”تكثيف العمل الاستخباراتي، وحسب الأوامر فإن قوات جيش الاحتلال ستبقى في حالة انتشار كبيرة في الضفة، وذلك خشية من عمليات محتملة.
والجدير ذكره أن قوات الاحتلال دفعت خلال الأيام الأخيرة بـ12 كتيبة إضافية إلى مناطق الضفة الغربية، وكتيبتين إلى حدود غزة، تشمل وحدات من القناصة، تحسبا لعمليات التصعيد المحتملة خلال شهر رمضان.
وفي نفس الوقت، تجرى فصائل المقاومة استعدادات أخرى، تحسبا لعمليات اغتيال إسرائيلية جديدة قد تنفذ في أي وقت.