قال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في سويسرا السفير إبراهيم خريشي، إن إسرائيل بممارساتها تعدت المفهوم الكلاسيكي للفصل العنصري بفرض منظومة احتلال استيطاني استعماري و"ابارتهايد" مكتملة.
ودعا خريشي، خلال الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة مايكل لينك على هامش انعقاد مجلس حقوق الإنسان في دورته العادية الـ49، المجتمع الدولي والهيئات القضائية الدولية والمنظمات والتجمعات الجغرافية والسياسية وكل القوى الفاعلة إلى الضغط على القوة القائمة بالاحتلال لإنهاء احتلالها وتفكيك نظام "الابارتهايد" ضد الشعب الفلسطيني، ومنع تقديم المساعدة العسكرية وتوريد السلاح والمعدات العسكرية، ووقف أشكال التعاون العسكري واتخاذ خطوات عقابية وإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة وإنفاذ القانون، دون انتقائية وبعيدا عن ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين.
ويناقش المجلس حالة حقوق الإنسان في أرض دولة فلسطين وباقي الأراضي العربية المحتلة الأخرى، حيث قدم المقرر الخاص مايكل لينك تقريره الأخير، والذي تناول ممارسات وانتهاكات إسرائيل المستمرة والتي تشكّل سياسة فصل عنصري وبناء نظام أبارتهايد.
وقد أورد المقرر الخاص مجموعة من المخالفات والانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومجموعة من المقاربات لنظام الفصل العنصري في أفريقيا وما تقوم به القوة القائمة بالاحتلال من تمييز على أساس العرق والدين أو الأصل القومي أو الإثني، مشيرًا في استنتاجاته إلى بناء نظام أبارتهايد ضد الشعب الفلسطيني.
وقدم لينك التقرير في حوار تفاعلي، حيث قدمت المجموعات الجغرافية والسياسية وعدد من الدول مداخلتها، والتي أشادت معظمها بالتقرير، وطالبت بضرورة تنفيذ التوصيات الواردة فيه.
وفي السياق، شكر السفير خريشي المقرر الخاص لينك على عرضه لهذا التقرير المهم والنوعي، وهو التقرير الأخير له بصفته مقررًا خاصًا، حيث عمل على مدار السنوات الست الماضية بتقديم تقاريره أمام مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة، إضافة إلى إصدار عدد من البيانات الصحفية.
وقال خريشي: "رغم كل الصعوبات التي واجهها، بما فيها عدم السماح له بزيارة فلسطين من قبل القوة القائمة بالاحتلال، إلا أنه قام بأداء هذه الولاية على أكمل وجه وبشكل مهني وموضوعي دفاعًا عن القانون وحقوق الإنسان".
وأوضح خريشي أن التقرير استعرض جملة من الانتهاكات اليومية والمستمرة تصاعديًا من قبل القوة القائمة بالاحتلال، وخاصة ما يتعرض له أبناء شعبنا في القدس والمحاولات اليومية لطردهم من بيوتهم وخاصة ما يجري في حي الشيخ جراح وعدد من الأحياء في المدينة المقدسة، إضافة إلى الاعتداءات المستمرة على المصلين ورجال الدين المسيحيين والمسلمين والاقتحامات المستمرة من قبل قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى، واعتداءاتهم واستفزازاتهم اليومية في كافة أنحاء الضفة الغربية بما في دلك إغلاق الطرق واقتلاع الأشجار والاعتداءات على المزارعين والتجمعات البدوية. إضافة إلى ما تقوم به قوات الاحتلال من هدم للمنازل والاستهداف اليومي والقتل خارج إطار القانون. وكذلك الاعتداء على الإعلاميين ومؤسسات المجتمع المدني والتي وصف وزير جيش الاحتلال ست منها بأنها "منظمات إرهابية".
وأشار التقرير إلى الفصل المادي بين المناطق لأرض دولة فلسطين المحتلة؛ غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وتقسيم الضفة إلى 165 جيبا تفصلها المستوطنات الاستعمارية وجدران الفصل العنصري ونقاط التفتيش والحواجز العسكرية التي تزيد عن 600 حاجز في الضفة، وكذلك المتاريس ومناطق الإغلاق العسكري والطرق المخصصة للإسرائيليين فقط مع السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المعابر الحدودية البرية والبحرية.
ولفت التقرير بإيجاز إلى مصادرة القوة القائمة بالاحتلال للمصادر الطبيعية واستخدامها من قبل المستوطنين فقط من خلال قوانين التخطيط التمييزي والأوامر العسكرية، إضافة إلى إجبار أكثر من 140 ألف فلسطيني مقدسي للعيش على الجانب الآخر من الجدار الفاصل حول القدس لضمان أغلبية ديمغرافية يهودية في القدس تزيد عن 60%. إضافة إلى الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 15 عامًا والذي يعتبر بمثابة عقاب جماعي وشكل من أشكال الفصل العنصري.
كما أشار التقرير أيضا إلى القوانين العنصرية التي توفّر حقوقًا وظروف معيشية شاملة للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة بما فيها القدس الشرقية، بينما يفرض على الفلسطينيين حكم وسيطرة عسكرية دون أي من الحمايات الأساسية للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وأكد أن قوانين الفصل العنصري التي أقرها الكنيست الإسرائيلي مثل قانون القومية وقانون المواطنة وقانون مكافحة الإرهاب وقانون التخطيط والبناء، إضافة إلى قانون تسوية الاستيطان وعشرات القوانين الأخرى، تشكّل منظومة قانونية تمييزية.
وسلط التقرير الضوء على اقتباسات لعديد من القادة الأمميين ورؤساء دول وحكومات وناشطين وشخصيات دولية، وكذلك ما جاء في قرار لجنة مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري، وكذلك تقرير "الاسكوا" وتقارير منظمة "بيتسلم" الإسرائيلية و"هيومان رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية، إضافة إلى إعلانات رئيس حكومة القوة القائمة بالاحتلال ومعظم وزرائه بأنهم ضد قيام دولة فلسطين ورفضهم لأي مفاوضات سياسية والعمل على استمرار وترسيخ حكم الأمر الواقع، الأمر الذي يشكّل نظام فصل عنصري، والذي يعتبر جريمة ضد الإنسانية حسب ما هو وارد في القانون الإنساني الدولي والبروتوكولات وكذلك ما هو في ميثاق روما وفي الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري؛ والتي نصت المادة الأولى منها على اعتبار أن التمييز العنصري هو أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها وممارستها في المجالات السياسية والاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو أي من ميادين الحياة العامة.
وتساءل المراقب الدائم لدولة فلسطين، في ختام كلمته، عن الطرق القانونية الممكنة من أجل تنفيذ الاستنتاجات والتوصيات التي وردت في هذا التقرير والتقارير السابقة؟